حسن الراهب.. من حواري القطيف إلى أضواء الاحتراف وتمثيل المنتخب روى لـ«صُبرة» مسيرة 3 عقود مع «الساحرة المُستديرة»: انتصارات.. إنجازات.. تنقلات وإصابات
القطيف: شذى المرزوق
يمسك علي بجهاز التحكم في لعبة «سوني»، يختار ـ بفخر ـ والده النجم السعودي حسن الراهب، من بين لاعبي كرة القدم ليلعب عدة جولات كروية، متحدياً المنافسين في اللعبة الافتراضية.
حين كان والده ـ حسن ـ في سنه، لم يكن يملك جهاز «سوني»، لم يكن ظهر حينها إلى الوجود، ليمتلكه الصبي، لكنه كان يعشق كرة القدم، منافساً الطلاب في ملعب المدرسة، مدحرجاً الكرة من بين الأقدام الصغيرة، ليسجل انتصارات طفل شغوف بـ«الساحرة المُستديرة».
هو الشغف ذاته الذي أوصله إلى منتخبات المدارس بعدما بلغ 13 عاماً، طالباً في مدرسة معن بن زائدة المتوسطة، ولاعباً في فرق الحواري، مروراً بأندية المحافظة، ومنها إلى أضواء المحترفين في الأندية السعودية الكبيرة، وصولاً إلى ارتداء القميص الأخضر مع المنتخب الوطني.
«القبعا» المُكتشف الأول
يسترجع حسن الراهب بدايته، مرجعاً الفضل في اكتشاف موهبته لمعلم التربية البدنية في المرحلة المتوسطة عبدالأمير القطيفي، الملقب بـ«القبعا». يقول لـ«صبرة»، التي حاورته مطولاً حول مسيرته الرياضية الممتدة ثلاثة عقود، «توسم الأستاذ عبدالأمير فيَّ مستقبلاً رياضياً واعداً، بعد متابعته أدائي في منتخبات المدارس التي اشركني فيها. ولم يقف الأمر به عند حد القبول بلعب الحواري، أو المشاركات المدرسية، شجعني محفزاً على تطوير مستواي بالانضمام إلى نادي الترجي، فلقد كان مدرباً لفريق قدم شباب النادي».
خلال فترة المنافسة في تصفيات الصعود عام 2002، كانت البداية بإشراف «القبعا»، ومن ثم المشرف على لعبة القدم عباس الصفار، والمدرب عثمان المرزوق، أثناء رئاسة رئيس الترجي السابق فؤاد الدهان.
في صفوف الترجي
كان الترجي بوابة تعريف بلاعب جديد في الوسط الرياضي، كان فيه النادي القطيفي حاضنة له ولتدريباته وتأسيسه لعالم الكرة المجنون.
حين كان الترجي في خضم منافسة التصفيات النهائية للصعود؛ سجل الراهب أهدافه الثلاثة الأولى التي هزت شباك أعتى أندية الشرقية وأقواها آنذاك؛ القادسية، الخليج و الثقبة، يقول «وصلت مع الترجي إلى مراحل المنافسة الأخيرة في التصفيات النهائية للصعود، الذي كان من نصيب القادسية، سجلت هدفين في شباك الأخير».
.. وانكشف المستور
المنافسة القوية والحماس الذي قدمه حسن في مستوى اللعب خلال التصفيات، لفت الانتباه له، ما جعله حديث الشارع القطيفي، والمهتمين رياضياً، ومشجعي النادي، حتى وصل اسمه إلى مسامع أخيه الأكبر حسين الراهب.
وبحسب حسن؛ كانت المشكلة تكمن في انكشاف أمر انضمامه للنادي من دون علم العائلة، التي كان ربها (الوالد) ملتزماً مبدأ ينص على «الدراسة ولا شيء غير الدراسة»، أي مؤثرات أخرى تتداخل مع تحصيل العلم مرفوضة، من وجهة نظر الأب.
يبتسم حسن الراهب، مردفاً «لم أكن شاباً مشاكساً أو مراوغاً في مرحلة المراهقة التي استحوذت فيها الكرة على جل اهتمامي وتركيزي، ولكن شغفي بها دفعني لطلب بطاقة العائلة من والدتي، بذريعة حاجة المدرسة لها، وفي غضون ساعة كنت قد سجلت نفسي لاعباً متدرباً في صفوف الفريق الناشئ للترجي، وأعدت البطاقة من دون إطلاع أي أحد من أهلي أو اخوتي ووالدي، على ما أقدمت عليه».
يكمل القصة «رغم أن أخي حسين شاب رياضي، ومدرب أكاديمي، إلا أنه فاجأني بعد انتهاء إحدى المباريات في ملعب نادي المحيط الجارودي، بكشف ما كنت حريصاً على إخفائه من أمر انضمامي لاعباً يحمل رقم 10 على قميص الترجي».
النتيجة؛ عقاب وحرمان من اللعب، انتهى بشفاعة مدرب فريق القدم عثمان المرزوق، والمشرف على اللعبة عباس الصفار لدى والد حسن وأخيه، للسماح له بإكمال ما بدأه في عالم الرياضة، يومها تنبأ المرزوق والصفار لحسن بـ«التميز».
ومع هذا الإصرار عاد حسن، لعب مع الناشئة نصف موسم، وأكمل موسمين مع فئة الشباب، حتى وصل إلى الفريق الأول مع نهاية المرحلة الثانوية.
التوهج في الخليج
مع أن الترجي كان منافساً بامتياز، إلا أن حسن لم يصل معه إلى مراحل متقدمة في بطولات القطيف، مُقراً بفضل رئيس النادي فؤاد الدهان، والمشرف عباس الصفار، «اللذين سهّلا أمر انتقالي لنادي الخليج في سيهات، بعد مفاوضات شاقة، واجهت عدة تعقيدات».
ما لم يحققه الشاب الراهب في الترجي؛ حققه مع الخليج، بعد ترشيحه من المدرب أيمن العباس، الذي لفت انتباه رئيس الخليج وقتها؛ محمود المطرود، إلى أهمية استقطاب الراهب للخليج، متأملاً أن يكون حسن «إضافة مميزة» ضمن لاعبي فريقه الأول.
رغم تخبط البدايات، وعدم المعرفة التامة بمستوى اللعب في الخليج، كونه أحد ابرز أندية الدرجة الأولى، إلا أن المطرود لم يتخلّ عن موقفه في إعطاء حسن الراهب الفرصة.
يقول «الانتقال من مرحلة الهواة إلى الاحتراف ضمن فريق أول متمرس، يضم أسماء نجوم كبيرة في الدرجة الأولى، لم يكن سهلاً، لذلك لم أقدم شيئاً للخليج في أول سنة من انضمامي للفريق، بعد توقيعي أول عقد احترافي، بلغ اجمالي راتبي فيه 3500 ريال».
مشوار الراهب في الخليج لم يكن مفروشاً بالورود، تلقى فيه انتقادات كثيرة، بعد مرور الموسم الأول «بلا شيء»، ومع ذلك يلفت إلى أن رئيس النادي محمود المطرود «لم يلق لها بالاً، كانت لديه رؤية ترجمها المدرب خالد المرزوق في منتصف الدور الثاني من الموسم التالي، بداية بالمباريات الودية التي كانت تحظى باهتمام المرزوق وملاحظاته الدقيقة على الأداء، ما اكسبني ثقته لاحقاً، وادخلني بديلاً للاعب الهجوم حسن التركي، الذي أصيب في مباراة حاسمة ضمن منافسات الصعود للدوري الممتاز، ومع دخولي الملعب سجلت هدفاً فارقاً، كان هدف الظهور بالنسبة ليّ».
وبحسب الراهب؛ فإن «فرح الظهور والهدف الأول تبعه فرح أكبر، بعد أن تكلل الموسم بصعود الخليج إلى الدوري الممتاز».
من دكة البدلاء إلى الأساس
يعود الراهب إلى المراحل المتسارعة في مسيرته الرياضية حينها، فمن دكة البدلاء إلى لاعب أساس في الفريق، حتى سجل مع الخليج 8 أهداف في دوري الممتاز.
يتذكر أول مباراة لعبها بصفته أساساً، «كانت ضد فريق الطائف، بعد أن جاء المدرب التشيكي يان مساعداً للمرزوق، وفتح أمامي باب المشاركة عضواً أساساً في الفريق».
رغم هبوط الخليج في الموسم الذي تلاه، وتوالي العروض وانتقال عدد كبير من أبرز لاعبي الخليج، «إلا أن المطرود أبقى علي، كنت حينها أبلغ 22 من العمر، وبحماس المنافسة حصلت على لقب هداف الدرجة الأولى» يقول.
الأهلي.. الاحتراف وبوابة المنتخب
في خضم ذلك؛ تلقى عرضاً من نادي الأهلي، لينتقل من الخليج إلى النادي الملكي، بعقدما وصلت قيمته إلى 5 ملايين ريال. سبقه عرض اعتبره «خيالياً» من نادي الوحدة، تقوم فكرته على أن يكون محل اللاعب أسامة الهوساوي، الذي يفترض أن ينتقل بدوره إلى نادي الاتحاد.
ومع أن الإجراءات كانت قائمة، بما فيها حجز تذاكر الطيران للانتقال، إلا أنه يقول «إن الجهود لم تتكلل بالنجاح، ولم تكتمل هذه الخطوة، وتبع ذلك عرض آخر من نادي الاتحاد، عن طريق رئيسه منصور البلوي. وجاء عرض الأهلي حاسماً، بعد أن راهن على نجوميتي صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن عبدالله آل سعود، بدعم عضو شرف النادي محمد المطرود، انتهى بي الانضمام للأهلي».
5 سنوات قضاها حسن في النادي الأخضر الملكي، حقق خلالها الراهب مع الفريق بطولة الخليج في أول سنة، وبطولتي كأس الملك، وثاني الدوري، وثاني كأس ولي العهد، ومن هنا كانت الانطلاقة للمنتخب في فترة قياسية بالنسبة للاعب جديد في عالم الأضواء ودوري المحترفين.
نجران.. التطوير
من 5 سنوات الأهلي غرباً، إلى 5 أشهر في نادي نجران جنوباً، الذي انتقل إليه الراهب «لشحذ الهمة» على حد تعبيره، بهدف «تطوير الأداء وتاهيل الإمكانات، للدخول في منافسات مقبلة».
نادي نجران كان «خياراً جيداً» كما قال، فمن شهر أغسطس 2012، إلى يناير 2013، سجل معه 6 أهداف في المباريات التي واجه فيها: الأهلي، الهلال والنصر، وبقي حتى أنهى مع نجران الجولات العشر الأولى، وصولاً إلى المركز السادس «خرجنا فيها من البطولة بالدور الـ16».
مصادفة المطار وانقلاب الموازين
من القصص التي لا ينساها حسن الراهب، مصادفة ركوبه الطائرة مع فريق الهلال، وعودته من نجران إلى الرياض، ومنها إلى المنطقة الشرقية في إجازة 3 أيام، في ذات الوقت الذي أنهى فريق الهلال مباراته معهم عائداً ذات المساء إلى الرياض.
هناك كانت المفاوضات مع وكيل الراهب أحمد القرون، والاتفاق المبدئي على الانتقال لـ6 أشهر مع الهلال.
لكن اتصالاً تلقاه حسن من الأمير فيصل بن تركي، بعد عودته، قلب الموازين. وفي غضون ساعة وقع الراهب ذو الميول النصراوية عقداً يمثل بموجبه النصر.
الراهب العالمي
صاحب الرقم 99 بات عالمياً، وبلياقة رياضية لشاب في نهاية عقده الثالث، يزن 63 كيلوغراماً، وبطول متناسب؛ 168 سنتيمتراً، استطاع «سندباد الكرة السعودية» كما يطيب لمحبيه مناداته، أن يحقق تميزاً لافتاً في نادي النصر، والذي اقترن حسن باسمه، رغم كونه لاعباً سابقاً في الأهلي.
6 سنوات قضاها في النصر، هي الأطول في تاريخ الراهب، توج معه بلقب الدوري السعودي للمحترفين مرتين، وكذا حقق مع الفريق النصراوي كأس ولي العهد، ولعب معه 9 نهائيات.
وبحبور ممزوج بفخر خاص، يتذكر الراهب أن أولى مبارياته مع النصر كانت ضد الهلال، سجل خلالها الهدف النهائي، الذي حسم المباراة.
ومع أنه عرف بـ«البديل الناجح» في مشواره الرياضي، ما جعل العديد من المدربين يتمسكون به ورقة حسم رابحة، إلا أنه كان عامل حسم لافت أثناء مبارياته لاعباً في النصر تحديداً.
نقل منها تصدر النصر في الشتوية، بعد أن بقي على مباراته مع التعاون ربع ساعة بتعادل النتيجة صفراً. المباراة النهائية التي تحدد مصير النصر بعد تصدر سابق لمنافسه الهلال، فكان الهدف الذي سدده الراهب في آخر اللحظات هو الفارق في النتيجة.
أيضاً في مباراته ضد نادي الشباب في بطولة كأس ولي العهد، في الدور قبل النهائي، سجل حسن الهدف الحاسم.
إصابات واعتزال
مع نهاية 2018، انتقل حسن انتقالاً حراً لنادي الشباب، الذي لا يعده الراهب مرحلة رياضية، إذ إنه لم يقدم معه الكثير، بسبب كثرة الإصابات التي أصيب بها في غالبية المباريات والتدريبات، منها تكرار حالة تمدد عضلة الفخذ.
وبأسى؛ يقول «كنت أتمنى أن أخدمهم، وأقدم معهم الأفضل، ولكن شاء الله أن أكون مصاباً غالب الوقت، منها إصابة غيبتني 6 أشهر عن الفريق. عدت بعدها وما لبثت حتى أصبت بأخرى. من هنا توقفت، وقررت إعلان الاعتزال، بعد مسيرة رياضة استمرت 18 عاماً».
وعن المحطة التالية؛ قال الراهب «وجهتي الإدارة الرياضية، إذ أن المجال الأكبر الآن في برامج خصخصة الأندية هو لدخول مديرين ذي كفاءة وخبرة في البرنامج، الذي تسعى له شركة مهد الأكاديمية في أوروبا. ومن المتوقع أن تكون معها بادرة لنقلة نوعية للمدربين والجهات الإدارية والفنية في الأندية».
إلى ذلك الحين، فإن حسن الراهب يقول «أنا في بلدتي الأم القطيف، برفقة أبني الوحيد علي، ونسأل الله التوفيق في مقبل الأيام».
اقرأ أيضاً
سيرة حسن الراهب بألسنة الآخرين:
من اكتشفه..؟ وكيف أرعب المدافعين..؟
شهادات حية من:
الخنيزي.. القطيفي.. المرزوق.. المطرود.. المسلم.. عنبر.. السهلاوي.. المسعود
سيرة حسن الراهب بألسنة الآخرين: من اكتشفه..؟ وكيف أرعب المدافعين..؟