تاروت حائرة بين حماية تاريخها.. وسلامة سكان “الديرة” منازل متصدعة تحتاج إلى إنقاذ.. لا إزالة
تاروت: ليلى العوامي
لم تكن أزمة انقطاع المياه عن أجزاء من حي الديرة في “تاروت”، قبل أيام، مجرد مشكلة خدمية عابرة، بل كانت إشارة مباشرة إلى وضع حسّاس جداً يعيشه هذا الحي التاريخي.
لم تتمكن إدارة مياه القطيف من استكمال حفرياتها لإصلاح مشكلة تحت الأرض. والسبب هو أن الحفر قد يهدّد مبنى أثرياً محاذياً لمنطقة الحفر. والمبنى الأثري ـ أصلاً ـ ظهر عليه تصدُّع خطير يهدد السلامة من جهة أخرى، وصارت الإزالة حتميةً، لولا تدخل هيئة تطوير المنطقة الشرقية وإدارة السياحة والآثار في المنطقة، وهو ما انتهى إلى تجميد إزالة المبنى الذي كادت تنفذه بلدية المحافظة.
إنه تضارب مصالح حادّ بين حماية التاريخ، وحماية سلامة الناس. وهذا ما يعانيه حي “الديرة” وسكّانه الذين يريدون الحفاظ على ما تبقّى من تاريخهم العمراني، ويخافون ـ في الوقت ذاته ـ من حدوث ما لا يُحمد عقباه في سلامتهم.
200 عام
حي الديرة يضم منازل بمساحة لا تتجاوز 120 ألف متر مربع يعود بعضها إلى أكثر من 200 عام، وتشتهر بمبانيها المتلاصقة وأزقتها المسقوفة. في هذا المكان تنتصب منازل عائلات، مثل: المعلم، الجشي، آل سيف، المصلي، السني، الصفار، الخباز، آل حماد، الحجاج، الرويعي وآل شلي والكثير من بيوت كان لأصحابها صولات وجولات وأثر في حياة الناس.
حي الديرة اليوم يئن ألماً خوفاً على البيوت الأثرية التي لا يود أهلها أن تُزال، وإنما يريدون فقط ترميمها بأيدي خبراء ومهندسين ومهتمين بالعمارة والآثار حتى تكون مقصد السيَّاح القادمين للمنطقة من كل مكان، خاصة في محيط قلعة تاروت التاريخية.
ترميم لا إزالة
الحاجة رباح المحاسنة تحدثت وبحماس وغيرة على الحي وبيوته؛ قائلة “الديرة بخير لكنها تريد من يرمم منازلها الأثرية المتصدعة”، وطالبت بعدم إزالة البيوت الأثرية “فهي شامخة وناطقة بتاريخ المنطقة العريق فكل بيت في حي الديرة له قصة كفاح لأب بناه بعرق جبينه”.
وأشارت إلى منزل المعلم ومحاله وارتفاعه الذي إن صعدت إلى أعلاه بالطابق الثالث سترى القطيف من مكانك، على حد قولها.
وأضافت انها سكنت فيه لفترة، إضافة إلى منزل عائلة المشيقري، وبيوت أثرية متصدعة أخرى، ولكن قد يكون هذان البيتان أكثر البيوت المتضررة ويقعان خلف قلعة تاروت مباشرة.
التراث
وبذات الوقت يرى حسن محمد آل خيري، أن الحفاظ على التراث “يساهم في تثقيف الأجيال الحالية والمقبلة والزوار عن فن الهندسة المعمارية لأهالي جزيرة تاروت، وهي منازل يعود تاريخ إلى ما بين 200 و400 سنة ويعتبر ترميمها مهماً، للحفاظ على تراث الأجداد العريق” بحسب قوله.
خطيرة
أما الحاجة أم سلمان، فقالت إن “البيوت المتصدعة في المنطقة خطيرة للغاية وإزالتها خسارة للمنطقة، ولكن ترميمها سيحل المشكلة”.
كل سكان الحي يرفضون إزالة البيوت الأثرية ويطالبون بأن يكون حي الديرة مقصداً للسياح كما هو الحال في كل المناطق الأثرية بالمنطقة الشرقية كالأحساء والقطيف.
أما محمد آل حسين، فقال “الحي تراثي وبقية الأوليين مازالوا يقطنون فيه ونريد الاهتمام به وتوظيف الشباب للاهتمام بتنظيمه والإشراف عليه من قبل هيئة السياحة، فهذا تراث يعود إلى آلاف السنين وليس خمسين عاماً أو عشرين، والاهتمام به يجب أن يكون من أهم الأولويات”.
تصدع
ويقول أحمد الصفار “هناك الكثير من البيوت متصدعة، ولابد أن يهتم المسؤولون بها وبترميمها، لا إزالتها”. يضيف “لبيوت حي الديرة تاريخ عريق فهناك منزل عائلة الجشي الذي يعتبر أهله من أعرق العوائل في تاروت ومنزل الصفار والسني والحجاج”.
اقرأ ايضاً
“ديرة” تاروت.. مشكلة المياه انتهت.. وبقي الاحتجاز.. وحماية الآثار
(تصوير: ليلى العوامي)
صور