خزنة الزاهر.. حين تتحول جرعات الألم إلى شحنات طاقة «ملكة الفخار» أول مدربة رياضة بالقطيف تفتح قلبها لـ«صُبرة»
القطيف: ليلى العوامي
هي خزنة مواهب وطموح..
خزنة آلام وآمال..
خزنة تشع طاقة وإيجابية..
هي أكثر من ذلك بكثير..
انها خزنة عبدالله مهنا الزاهر، العوامية، القطيفية، السيدة التي أنعشت الحركة الرياضية النسوية في القطيف طوال 20 عاماً (1414هـ إلى 1434هـ).
الولوج إلى عالم خزنة يعني أنك ستكون أمام مدينة من الإنسانية، مُفعمة بالحياة، راقية بكل معنى الكلمة، سيدة مُتعددة المواهب، لم تكن مدربة رياضة بشهادة معتمدة فقط، وإنما فنانة، طباخة، خياطة وقائدة لعائلتها.
الزاهر معروفة في القطيف وقراها بـ «ملكة الفخار»، لكونها جسدت على الطين بعض قدراتها ومواهبها، لعلها استمدت ذلك من والدها المرحوم الحاج عبدالله الزاهر، الذي كان اللحام الأول في شركة أرامكو، والذي درب الكثير من الموظفين في هذا المجال.
والدتها الخطيبة النسائية معصومة بنت حجي منصور البراهيم (رحمهم الله)، خالها الشاعر عبدالشهيد السنان؛ وجدها الشاعر والخطيب الحسيني الميرزا علي بن حسن الزاهر.
تزوجت خزنة باكراً، حين كانت في الـ14، زوجها المرحوم الحاج فوزي عبدالله آل براهيم، أنجبا: محمد، المرحومة فاطمة، خلود، وأصغرهم؛ الفنانة بتول البراهيم.
ملكة الفخار
ولدت خزنة في العوامية، عاشت في القطيف، تعلمت من والدتها الكرم، وكيف تعطي ومتى. أما والدها فعلمها واخوتها صدقة السر، ومتى تُدفع لمستحقيها. تقول لـ«صُبرة» «لم نكن نعلم ما يقوم به والدنا من أعمال بر، إلا بعد وفاته».
درست حتى المرحلة الثانوية، في مدرسة القطيف الأولى، لكنها لم تنل الشهادة الثانوية، فالتحقت بمركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف، لتتدرب على الخياطة، على يد عدة مدربات، منهن: المصرية أنصاف، السورية زهراء، والأحسائية فاطمة العبدالهادي، ولعلها أول من أطلق عليها «ملكة الفخار».
خزنة أول من عمل على الفخار، كان ذلك عام 1982، اشتغلت على أنواع عديدة من الفنون، ولكنها تخصصت في الفخار، وعشقت التذهيب تحديداً، عملت على أنواع الفخار وتزيينه في أكثر من 150 عملاً، وأطلق عليها «ملكة الفخار» حينما مارست الكتابة بالذهب، واستخدمتهُ وقدمت فيه دوراتْ كثيرة، إضافة إلى الأحجار الكريمة، عبر تصميمها، وكتابة آيات قرآنية عليها، مستخدمة تصاميم إسلامية بالذهب. ومازالت تعمل على هذا الفن إلى اليوم.
في عالم الخياطة
لم تعمل خزنة في الخياطة كثيراً، اكتفت بدارستها فقط، وتذكر «اشترت لي أمي لباساً، وكان يحوي بجعات من الخرز، كانت مخاطة بتصاميم بارزة. كانت لدينا في المنزل روزنامة، أخذتها ونزعتها من اللوحة، وجلبت مريول مدرسة أزرق، وصنعت لوحة جميلة، أرضيتها الروزنامة، وإطارها قطعة من المريول الأزرق، وكانت البجعات هي اللوحة، ومن المريول البني صنعت خدادياتي».
لم تستمر في الخياطة، دامت علاقتها بهذا الفن فترة من الزمن. لكنها أحبت الفنون منذ كانت صغيرة، كان الفن لديها موهبة، والخياطة تدريب فقط، واضافت إلى محصولها الثقافي من دراسة التجميل وعلم الطاقة وإدارة المشاريع.
معاناة الزوجة والأم
في حياة خزنة الزاهر صدمات كثيرة، تروي «كل صدمة تمر تكون دافعاً لي للأمام، فجيعتي الأولى كانت في ابنتي البكر فاطمة، كان رحيلها صعباً، لكنه صنع مني امرأة ناجحة».
في كل مرحلة من مراحل حياتها، كانت هناك صدمة، تتلوها أخرى، فبعد رحيل فاطمة بفترة وجيزة رحل والداها، ليلحق بهما زوجها، تقول «بعد الزواج عدتُ للأعمال اليدوية، ولكن بعد مرض ابنتي فاطمة انشغلت قليلاً، فكنت الممرضة للزوج والابنة».
27 عاماً عاشتها خزنة مع ابنتها المريضة فاطمة، عانت معها الكثير من الصعوبات، منها العلاج في الخارج، وحضور الحوارات مع الأطباء، حينما يزورون المملكة، ثم عالجتها في مصر، وبسبب ندرة الأدوية؛ كانت تضطر لشرائها من البحرين أو جدة، حتى أصبحت ابنتها مُقعدة بعد 17 عاماً، ولمدة عشر سنوات.
في هذه الفترة من مرض ابنتها؛ مرض زوجها فوزي، وأصبح مُقعداً هو الآخر. كانت الممرضة لهما، تتذكر «كان زوجي في غرفة، وابنتي في أخرى، وكنت أعالج “أبو محمد”، وأخرج كي أساعد فاطمة على قضاء حاجتها».
زوجها كان يتعالج في سيهات، وشاء الله أن يسافر طبيبه التونسي، فتولت هي مهمة علاجه، تقول «لمدة شهرين قدمت له العلاج الطبيعي المُكثف، وساعده علاجي على الحركة، حتى تعجب الأطباء من التقدم السريع الذي حصل له».
قوة الإرادة والتحدي الذي عاشته، جعلها لا تستلم لشيء يعيدها إلى الوراء أبداً، كانت تمضي بعزم إلى الأمام دوماً.
التدريب الرياضي
زوجة وأم، وممرضة، إلى جانب عملها في التدريب الرياضي، وفي الوقت ذاته تعمل على الفنون بمختلف أنواعها.
درست خزنة الزاهر الرياضة في لبنان، بداية المشوار كان من خلال إعلان قرأته في مجلة «طبيبك»، تواصلت مع المعهد، ودرست لمدة ستة أشهر بطريقة التعلم عن بُعد، تقول «كانت الكتب تصلني عبر البريد، والاختبار كان حضورياً، وتخرجت عام 1400هـ، ولكني بدأت التدريب عام 1414هـ (قبل 28 سنة)».
كانت في هذه الفترة تدرب نفسها في المنزل، وحينما ذهبت لإحدى الصالات الرياضية في سيهات، سألت نفسها: لماذا لا أدرب نفسي بنفسي؟ فبدأت خزنة بتدريب نفسها، ولاحظت الفتيات اللاتي كنا معها نزول وزنها السريع، فاقترحن عليها تدريبهن، فوافقت، وبدأت.
تضيف «بدأت التدريب الرياضي بمجموعة من الطبيبات اللاتي كنا بعد ذلك يد العون لي في مرض زوجي، خصوصاً الدكتورة كوثر العمران، التي لا أنسى فضلها أبداً».
بلغ عدد من دربتهن خزنة الزاهر في الشهر الواحد 72 سيدة، موزعات على ساعات اليوم، إذ تبدأ من الثالثة والنصف عصراً وحتى الـ10 مساءً، يتخللها وقت صلاتي المغرب والعشاء.
بعد أعوام، تركت خزنة التدريب، حتى تشيد منزلاً لابنها الوحيد محمد، الذي أصبح سندها بعد الله.
المثلث القوي
المثلث القوي في حياة خزنة هو: والداها وزوجها، سمتهم «المثلث الثلاثي»، فيما كان لأعمامها دوراً في بناء شخصيتها القيادية، خصوصاً عمها عبدالكريم، الذي تصفه بـ«الأب الحنون»، الذي كان الأب لوالدها بعد وفاة جدها، وعمر والدها ستة أعوام.
عن علاقتها بوالدها؛ تقول «قوية للغاية، توفيت والدتي في النصف من شهر رمضان، وأخي في 8 شوال في السنة ذاتها، بينهما حوالى 40 يوماً؛ فأصيب والدي بحال من الاكتئاب، وكنت أنا من أداويه، كان يرفض تناول أي شيء من يد غيري، لدرجة أن أخوتي كانوا يتألمون لذلك، ولكن هكذا كان والدي. كنت قريبة منه للغاية، كنت أعالج زوجي وابنتي في المنزل، وأذهب يومياً اليه، عبر سيارات أجرة، قيمة المشوار 5 ريالات، حتى ذقنه لا يرضى أن ينظفه أحد غيري، هكذا كان أبي المُبتسم».
نجاح.. غيرة ونكران
لم تندم خزنة الزاهر يوماً، «الندم سبيل المتشائم، وأنا لست كذلك، بل إيجابية، واتمنى أن يراني الآخرون بعيون أهلي. خرجت بنجاحات كثيرة، وغيرة من بعض البشر، ونكران كثير حدث لي في مسيرتي الفنية، ولكن الله أعطاني الكثير، وأمدني بالأمل والحياة، والحمد لله».
من أمها، تستمد «المرأة القوية المعطاء بكل السُبل، وهي المحور الأساسي في المجتمع، ولكن الرجل هو من يجعلها بهذه القوة».
قالوا عنها:
خزنة الحُب
مُوسى عبدُالكريم المعماري، الذي شيد «قلعة موسى»، الشهيرة في لبنان، كتب لخزنة الزاهر عبارة على كتاب «حلم حياتي: قلعة موسى» أهداه إياها، خلال زيارة قامت بها إلى القلعة، كتب المعماري «خزنة الحب وراء المشاهير».
سميرة العطية: «تدربت عند أم محمد، وكانت أول سيدة في القطيف تفتح مركزاً رياضياً. الجميل أنه كان وسط القطيف في حي الرابعة، وكان الوصول إليها سهلاً. أم محمد خزنة لم تكن مدربة فقط، وإنما كانت أختاً تحتوينا جميعاً، وإن تعبت واحدة من المتدربات؛ تقدم لها العناية الصحية كاملة. كانت تقدم التدريب مجاناً لمن لا تستطيع الدفع».
مرشدة أكاديمية
رباب الحمود: «أتذكر سجلت لديها كي أتدرب لمدة معينة، ولكنني رأيت الفائدة والنصح منها. أم محمد لم تكن مدربة فقط، وإنما مرشدة أكاديمية، خسرناها فعلاً، مركزها كان متكاملاً، إلى جانب التدريب كانت تقدم نصائحها الإيجابية، وترشدنا إلى الغداء الصحي. كانت متكاملة. خسرت القطيف مركزاً رياضياً حين أقفل مركز خزنة الزاهر».
خزنة الوفاء
أم نور القاسم: «خزنة وما أدراك ما خزنة؟ إنسانة تعجز الكلمات عن الوفاء في حقها».
أمانة.. نُصح
نادية العليوات: «أكثر ما أعجبني فيها أمانتها في التدريب وتقديم النصح».
تدريب ذا قيمة
أمل محمد: «تدربت لديها عاماً كاملاً، استفدت كثيراً من تلك السنة. لو عاد الزمان لبقيت معها أتدرب لسنين. التدريب الرياضي لديها ذا قيمة فعلاً».
خزنة مواهب.. وإبداع
معلمة التمريض السابقة صديقة آل ابراهيم (بنت خالها): «بنت عمتي خزنة، لها من اسمها نصيب، هي خزنة مليئة بالمواهب المتعددة، أبدعت لحد التميز في كل ما قامت به..
بالنسبة لصالة الرياضة؛ استغلت غرف بيتها لإنشاء أول صالة رياضية، استقطبت الكثير من فتيات وسيدات المنطقة، كنت وأخواتي نتعنى لها من العوامية، رغم صعوبة المواصلات حينها. لم يكن انضمامنا للمركز فقط لممارسة الرياضة، بل كانت فرصة للتواصل معها، ولكن أخذتنا مشاغلنا لاحقاً عن فرص اللقاء.
لم تقتصر إبداعات أختي وبنت عمتي على الرياضة، فهي فنانة مُبدعة في الفخاريات والإطارات الجدارية، والتي لم يخل بيت من بيوتنا من أحد ابداعاتها. كما أنها أبدعت مزارعة وطباخة.
ولعل أكثر ما أبدعت فيه هو رعايتها لكل من أحبت واحتاج لرعايتها.
هي امتداد لعمتي (رحمة الله عليها)، فهي كانت أيضاً متعددة المواهب. ورثنا منها صفة الإبداع، ولكن كان لخزنة نصيب الأسد من هذا الإرث.
بارك الله في عمرها وأولادها وعملها، ولا حُرمنا منها، ومن حنانها وإبداعاتها في كل مجال».
عصامية وحنان
أختها وداد الزاهر (أم حسن): «أختي خزنة عصامية، بنت نفسها بنفسها، قوية ولم تحتج لأحد طوال حياتها، قامت بمسؤولية زوجها أبو محمد فوزي، وابنتها فاطمة (رحمة الله عليهما)، وفي الوقت ذاته؛ كانت تتحمل بالآخرين.
خزنة كانت أقرب أخوتي إلى والدي. لا تتأخر عن تقديم النصح لنا، وإن احتجنا شيئاً؛ كانت هي ملجأنا.
فتحت الصالة الرياضية بمهارة وشهادة، وكانت أول سيدة تفتح مجالاً لتدريب السيدات على حماية أجسادهن. لم تكن صالة رياضية فقط، وإنما مركزاً للنصح والتوجيه».
المرأة العصامية وَ المكافحة، المرأة الحنونة وَ الصبورة، هي مثلي الأعظم في الصبر وَ عدم اليأس،كانت وَلازالت مثالاً للمرأة البارزة الناجحة بروحها الحانية وَ المعطاءة
المملوءة بالتفاؤل، وَالأمل، وَالإيجابية.نعم..الخاله خزنه فخر لنساء محافظة القطيف، علمت وَ أعطت الكثير وَ الكثير إلى الصغير وَ الكبير .
أم محمد فخر للجميع، اتخذ من شخصيتها المعطاءة وَ الطموحة قدوةً لي في هذه الحياة. وَ لا أبالغ في المديح وَ الإطراء إن قلت بإنها إنسانه عظيمة.
مجاهده ومثابره ماشاء الله عليها
الله يخليها ويحفظها لعياله
*عصامية بمعنى الكلمة
نعم المرأة أم محمد خزنة المرأة العامية. اشهد لها في هذا التقرير
في هي المرأة الوفية والأم الحنون والمعلمة المعطاة الف رحمة لأبيك الطاهر وأمك خادمة أهل البيت ع اشهد انك نهلتي منهما الحب والحنان وفنون الصبر لله ذرك من امرأة وجراكي الله خير الجزاء على هذا العطاء.
تقرير جميل يعرض السيرة الرائعة لهذه السيدة الجليلة وما واجهته من مسئوليات بنفس راضية فاثابها الله على صبرها وعطائها
رحم الله والدتها القارئة ام عبدالحميد ورحم الله من مضى من ارحامها واطال الله في عمرها واعمار محبيها في خير وعافية
شكرا صبرة