سعاد الطريفي لا تبيع “رائحة أهلها” بالملايين.. بيت العائلة متحفاً في تاروت [صور] افتتاح أول منزل تاريخي في "الديرة" يحوي 2000 قطعة أثرية
تاروت: صُبرة
رغم ضعف حالها المادي، وحاجة أسرتها وكثرة عيالها؛ لم يُطعها قلبها أمام العروض المغرية التي واجهتها. “رائحة أهلي أعزّ”.. هكذا قالت الحاجة سعاد عبدالله حسن الطريفي لـ “صُبرة” وهي تتحدث عن المبنى القديم الذي يجري العمل على تحويله إلى “متحف شخصي” غرب ديرة تاروت القديمة، قريباً من القلعة الأثرية.
وصباح اليوم؛ كان رئيس بلدية محافظة القطيف المهندس محمد الحسينيّ في زيارة للمبنى الذي يُعتبر أول منزل تاريخي مُعاد تأهيله في تاروت. ووصف الحسينيّ المنازل التراثية والتاريخية في القطيف بأنها ثروة يعتز بها الجميع.
المنزل القديم هو كلّ ما تملكه المرأة المكنّاة بـ “أم حسن” من حطام الدنيا، حصلت عليه من والدها قبل وفاته، وقالت إنه منحها إياه في حياته، مراعاة لوضعها المادي، وأوصاها بالمحافظة عليه.
خلف أبويي
امرأة من جيل الأمهات اللائي يختلط حديثهن مع الناس بلغة أمومة.. “خلَف أبويي، غناتي” وأمثالهما من كلام “الأجاويد” المعروف.
ولدت ونشأت وشبّت في المنزل نفسه، وبعد زواجها في سن الـ 13، عاشت في “الديرة”، من الحاج علي محمد أبو زيد. وأنجبا أكبر أبنائهما “حسن” بعد سنة من الزواج. وعاشا حياة القناعة في الحيّ القديم، غنيّين بما يرزقهما الله.. يبيتون على عشاء “عيش ولبن”، راضين شاكرين.
يكدح الزوج من جهته، وتكدح الزوجة من جهتها، إلى أن أنجبا 8 أبناء، و6 بنات. في ذلك البيت الذي تحوّل ـ مع الزمن ـ إلى “آيل للسقوط”، فغادروه إلى مبانٍ أخرى داخل “الديرة” نفسها. وبقي المنزل القديم على حاله إلى أن جاء هاوي تراث اسمه حسن الخيري ليعرض عليها إعادة تأهيل المنزل وتحويله إلى متحف شخصي.
كيف أفرط فيه..؟
بدأ المبنى يأخذ سمعته في المكان.. هنا بدأت عروض الشراء. وقالت “الحاجة سعاد” إن آخر عرض كان مليون ريال مقابل المبنى. وطالب الشراء مواطن من بلدة العوامية. لكنها لا تستطيع بيع رائحة أهلها، على حدّ تعبيرها، على الرغم من أن الحاجة المادية ملحّة عليها، وعلى أسرتها. هناك 3 من أبنائها يعيشون بـ “الإيجار” في مبانٍ قديمة في “الديرة” أيضاً.
هكذا تساءلت.. وكان في تخطيطها الأولي أن تعيد بناءها ليؤيها ويؤوي أبناءها. لكن هيئة التراث عارضت هدمه، كما هو حال المباني القديمة في القطيف.. منع الهدم عزّز إحساسها بالإرث الذي أوصاها والدها به. البيت لن يُهدم، ولا يمكن السكن فيه، وحين جاء “المستثمر” حسن الخيري؛ ضمنت أن تاريخ أهلها لن يتبدّل، وهذا “شِيْ زينْ”، كما قالت لـ “صُبرة”.
تسكن الحاجة “سعاد، حالياً في منزل قديم عمر بناؤه 48 سنة، ويقع قريباً للمبنى القديم.
متحف شخصي
من جهته قال مستثمر المبنى حسن الخيري إنه وجد في المبنى مكاناً مناسباً لإقامة متحف شخصي، واستعان بالمقاول حبيب سليس لإعادة تأهيل المبنى الذي كان آيلاً للسقوط.. لكنه الآن منزل آمن سليم.. قوي.. وجاهز ليكون متحفاً شخصياً، بعد استكمال الإجراءات مع هيئة السياحة والآثار.
وقال إن زيارة رئيس بلدية القطيف هدفها اطلاع المهندس الحسيني على المبنى بنفسه، لأول منزل يُعاد تأهيله في منطقة “الديرة” بتاروت”.
وقال إن المبنى مهيأ لاستقبال الزوار، على فترتين في اليوم، الأولى من 10 صباحاً إلى 1 ظهراً. والثانية من من 3 عصراً إلى 7 مساءً.
المبنى التاريخي
رئيس البلدية وصف المنازل التراتية والتاريخية في القطيف بأنها ثروة يعتز بها الجميع.
والمنزل مكوّن من دورين و5 غرف، وترجع ملكيته لعائلة الطريفي، التي قدمته في إطار مبادرة لحسن محمد آل خيري، ليكون مكاناً للمتحف الذي يحتوي على قرابة 2000 قطعة من التحف وقطع الآثار والوثائق والمنسوجات من إرث القطيف، جمعها آل خيري على مدى سنوات طويلة.
واستثمر الحسيني المناسبة ودعا ملاك المباني التاريخية إلى إعادة تأهليها حسب الهوية التراثية للمنطقة للإستفادة منها في إنعاش القطاع السياحي في القطيف والمملكة، من خلال جذب السياح من المملكة وجميع أنحاء العالم.
ونشر حساب البلدية على “تويتر” صوراً من افتتاح المنزل، الذي بدا عتيقاً، يختزن الكثير من القصص والحكايات القديمة عن تاريخ تاروت.
اقرأ أيضاً:
تاروت تحصل على “متحف شخصي” بمبادرة آل خيري وكرم أسرة الطريفي
اكي حسينية المرحوم عبدالرسول ال شلي صار اليها ١٣٦سنه اقدم مكان في جزيرة تاروت