محمد أمين أبو المكارم.. مشروع “شيخ” لبس “بِشْت” الحاسب الآلي.. فالإعلام نائب رئيس تحرير "القافلة" ترجّل عن أرامكو.. وودّع زملاءه بـ 6 اعترافات

الظهران: صُبرة

بدأ الزميل محمد أمين أبو المكارم عام 2021؛ متحرّراً من قرابة 40 سنة قضاها في الوظيفة الأرامكوية، مختتماً سيرة الوظيفة بمنصب نائب رئيس تحرير مجلة “القافلة”، وإدارة وحدة المراجعة والتدقيق لمطبوعات أرامكو.

وعشيّة تكريمه في فندق الميريديان، مساء أول أمس، استحضر حامل الاسم المركب “محمد أمين” سيرة العقود الأربعة التي سبقتها رغبة في السير على خطى والده وأجداده آل أبي المكارم.

ابن الشيخ سعيد بن الشيخ علي بن الشيخ جعفر بن الشيخ محمد ابن الشيخ.. ابن.. كانت لديه رغبة عارمة في أن يكون لابس “عمامة”، كما كان حال أسلافه. وحسب قوله لـ “صُبرة”؛ فإنها لم تكن رغبته وحده، بل رغبة والده، ورغبة الأسرة العوامية أيضاً.

وبالفعل؛ بدأ بارتداء “البشت” و “القَبَاْ” و “الغترة البيضاء” دون عقال، منذ عام 1397هـ، وشرع في تلقّي الدروس، وعكف على شرح مسائل في الفقه لبعض الشباب، في مسجد الجميمة، غربيّ مسقط رأسه، بلدة العوامية. بل ارتقى المنبر ومارس الخطابة في مسقط رأسه، وبعض بلدات القطيف.

محمد أمين في أواخر السبعينيات.. يظهر في أقصى يسار الصورة بـ “البشت”.

وعشية تكريم شركة أرامكو السعودية إياه في حفل محفوف باحترازات كورونا؛ حضر الشعر من جاسم الصحيح وعبدالوهاب أبو زيد، كما حضرت كلمات المحيطين بمحمد أبو المكارم في إدارة العلاقات العامة في شركة أرامكو، وتعاقب على الكلمات: رئيس وحدة النشر في الإدارة وليد الهلال، ورؤساء تحرير مجلة “القافلة” المتعاقبون: المتقاعد محمد العصيمي الذي أرسل من الرياض رسالة صوتية مطولة، المتقاعد محمد الدميني، الحالي بندر الحربي. إضافة إلى رئيس تحرير “القافلة الأسبوعية” المتقاعد عادل الصادق.

سيرته بصوته

وفي الحفل الذي قدمه سعيد عبدالله الغامدي؛ تذكر “ابن الشيخ سعيد” أن مشروع “الشيخ” لم يكتمل، كما كان يحلم في مطلع شبابه، بل تغيّرت بوصلة حياته كلّياً إلى كُبرى شركات النفط العالمية، موظفاً بسيطاً في البداية، وصولاً إلى منصب نائب رئيس تحرير أول وأقدم وسيلة إعلام عربية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.

سعيد الغامدي.. مقدم الحفل

تسلّم نائب رئيس التحرير المتقاعد، الـ “مايك”؛ ليسجّل سيرته بنفسه أمام زملائه المودّعين، بطريقته في تفريع الأشياء، وتنسيقها، من خبرةٍ طويلة في الحاسب الآلي ومعالجة النصوص:

 

1- في مارس 1981 التحقتُ بالشركة ضمن برنامج Fast Track مدته سنتان، لكن أحد المعلمين اللبنانيين احتج لدى إدارة المركز وعمل لي اختبار تحديد مستوى وألحقني بالدورة التي سبقتنا، فتخرجت معها في أكتوبر 1982.

2- التحقت بإدارة التأمينات الاجتماعية وعلاقات الموظفين، وبدأت مشواراً ذا مسارات ثلاثة:

أ ـ  الجمع بين العمل وإكمال الدراسة في مدارس أرامكو,

ب ـ بدء مشوار الحياة الزوجية.

ج ـ  ستئناف الدراسة ليلاً لإكمال الثانوية التجارية (دبلوم تجارة).

وفي عام 1986 أنهيت مناهج أرامكو التي تعادل الثانوية، كما أنهيت الثانوية التجارية من العشر الأوائل – السابع على مستوى المملكة.

 

3- في عام 1988 انتقلت إلى مركز كمبيوتر إكسبك كمرشح للدراسة الجامعية وكان من المفترض أن ابتعث إلى نيو مكسيكو. لكنّ قراراً أصدره النائب الأعلى للرئيس حينها، الأستاذ عبدالله الحقيل بتحويل الابتعاث في كافة التخصصات الموجودة في المملكة إلى الداخل، إلا ما يستثنيه نائب الرئيس، حوّل دراستي إلى جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، فدخل في أغسطس من عام 1988 إلى جامعة الملك فهد ثلاثمئة مبتعثٍ من أرامكو، نصفهم من الموظفين والآخر CDPNees.  وأتذكر جيداً حينما جاءت الأستاذة أبية الشريف ذكرها الله بخير باكيةً لأن نائب الرئيس خذلها ولم يوافق على ابتعاثي للخارج؛ هذه السنة هي نفسها التي دخل فيها ابني وائل إلى المدرسة؛ فكانت الخِيَرَةُ أن أدرس وابقى في المملكة.

4- أتذكر أننا أثناء الدراسة وفي عام 1990 نشبت حرب الخليج الثانية وحرب تحرير الكويت، فتوقفت الدراسة قرابة نصف العام، بقينا فيها معلقين بلا دراسة ولا عمل.

رئيس وحدة النشر وليد الهلال يكرمّ أبو المكارم لجهوده في إصدار كتاب “المعلّقات”

5- تخرجت في بداية عام 1994 بدرجة البكالوريوس في علوم الحاسب الآلي، وعدت إلى العمل في وحدة التدريب في مركز إكسبك؛ وكانت تلك الفترة هي فترة التحول من برامج IBM وتطبيقاتها إلى برامج ميكروسوفت التي كنّا قد بنينا خبراتنا فيها أثناء الدراسة الجامعية، فكانت فرصةً لي للعمل في هذا المجال حيث درّبت العشرات (إن لم اقل المئات) من الموظفين على استخدام الكمبيوتر والتطبيقات المكتبية لميكروسوفت.

6- شكّل عام 2000 منعطفاً بأزمة Y2K المعروفة على مستوى العالم، وبالصراع بين التدريب في مركز إكسبك وإدارة التدريب العام في الشركة، انتهى بانتصار الأخيرة وإغلاق مركزنا، والتحاقي ببرنامج الغاز حينها، ثم الموارد البشرية، حيث صَدَفَ أن عملت مع عجوز أمريكي لا يؤمن باستخدام الكمبيوتر وسيلة للتواصل، وكان يفرض عليّ بعد إرسال الإيميل (الذي كان في بداياته) إلى عشرات الموظفين (PDPs)، أن أطوف على مكاتبهم واحداً واحداً أبلغهم مكان وزمان الاجتماعات، وكان يعطيني مهماتٍ يظن أنها تحتاج لأسابيع عمل، وكنت أنجزها بتطبيقات الكمبيوتر في سويعات.

رئيس تحرير “القافلة” السابق محمد الدميني يلقي كلمته

الهروب إلى الإعلام

19 سنة مرّت و”محمد أمين” المهتمّ بالأدب والتاريخ والثقافة؛ يمارس ازدواجية مركبة.. عمله في وادٍ، وشغفه الخاص في وداٍ آخر. ربّما عوّض فراغاته ببعض الأبحاث والمؤلفات، وبنشاطٍ بذله في مجلة “الواحة”. لكن العمل الإعلامي الرسمي يختلف كثيراً عن العمل “التطوعي”..

وحين خاطب مودّعيه كاشفهم بقوله:

7- في عام 2003 هربت منه إلى إدارة العلاقات العامة، حيث بدأت مسيرتي معكم، التي لن أتحدث عنها، ففي الإخوة من تحدث عن شيء منها، ومعظمكم إن لم أقل كلكم عالمٌ بها، أو بجوانب منها.

غير أني سأتساءل بالإنابة عنكم: ما هو الجسر الذي يربط بين هذا القادم من جامعة الملك فهد التقنية ومركز الحاسب الآلي وبين العلاقات العامة والقافلة بجناحيها وعالم الإعلام والنشر؟ وذلك عين السؤال الذي سألني إياه الأستاذ الطحلاوي شافاه الله حينما أوكلت له مهمة مقابلتي واختباري للانتقال النهائي للإدارة.

8 ـ هذا السؤال يعيدني إلى الستينيات الميلادية من القرن الماضي، حيث ولدت ونشأت أتنفس رائحة الكتب والمخطوطات في كل زاوية من زوايا البيت.. وقبل أن ألتحق بالعمل في أرامكو كنت مشروع (شيخ) أو (عالم دين) على خطى الوالد (حفظه الله) والجد إلى الجد العاشر، حتى أكمل السلسلة، ولذلك اختير لي هذا الاسم المركب، تيمناً بأحد الفقهاء الكبار المعاصرين الذي توفي قبل 20 عاماً تقريباً. غير أنّ هذا المشروع لم يكتب له النجاح.

فكان الكتاب وكانت الثقافة والمعرفة زادنا اليومي، المقدم على الأكل والشرب، ولا عجبَ أن يكون طعامنا الخبز والشاي (وإذا تَبطَّرنا زاد عليه حليب أبو علم)، لأن ثمن الإدام ذهب لشراء كتاب أو مخطوطة، أو تجليد أعداد مجلة ما، كانت القافلة إحداها.

ما بين السأم من عقلية ذلك العجوز، وإعلان القافلة الأسبوعية فتح باب الالتحاق بها للراغبين من الموظفين، تلك القصة التي سردتها في حفلنا السابق لتوديع أبي عبدالعزيز.. انتهزتُ الفرصة لأنتقل إلى الضفة التي تتعامل مع الخلايا التي تسري في دمائي، والحروف والكلمات التي تصوغ شخصيتي ومنطقي وحياتي.

رئيس تحرير “القافلة” الحالي يتحدث عن زميله

اعترافات

وبعد سرده سيرة أكثر من 39 سنة في أرامكو؛ قدّم 6 اعترافات لزملائه:

اعتراف رقم1: كنتُ المشاغِبَ مع كثير من الزملاء، لكني كنت المشاغَب معه أيضاً، وكانت المناكفات مع الزملاء سيدة الموقف .. كان أحد رؤسائنا ذكره الله بخير يتصيدني في الممر بأسئلته التي تحتاج إلى معارك، وأول ما ينتهي من سؤاله يقول: لا تستشهد لي لا بآية ولا بحديث. فكنت كلّما رأيتُ أخانا عبدالرحمن (أبو عبدالله) مارًّا ناديته، وشبكته معهم وهربت.

اعتراف رقم2: كان أحد الرؤساء يضغط علينا بإيجاد وسيلة لجذب الموظفين  لقراءة القافلة الأسبوعية، فقلت له: فلنتبع قاعدة الـ WIFM، فقال لي فصّل: فقلت إما أن يكون المحتوى يهمهم، أو أن تضع في كل نسخة خمسة ريالات! فعرف أني أنكّت، فتصنّع الغضب، وقال: أنا لا أمزح.

اعتراف رقم3: كنا نفكر بشكل مختلف، ونتبنى آراء ورؤى مختلفة بل متخالفة أحياناً، ولا غرابة إذا ما اصطدمنا أحيانا نادرة، لكنني أزعم أن هذه التجربة الممتدة لحوالي عقدين من الزمن، تستحق التأمل .. حيث استطعنا أن نتجاوز كل أشكال الاختلاف والخلاف .. ونجعل من بيئة العمل بيئة عائلية يسودها الوئام والمحبة .. وإن وجد الاستثناء، فإنه الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.

اعتراف رقم4: أعترف أن هذا التلاقح في الأفكار ولّد صياغة جديدة لطبيعة التعامل، بل وطبيعة الفهم لديّ وأزعم لدى الزملاء أيضاً.

اعتراف5: جئت مثقلاً بإرث ذي طابع معيّن (بامتداداته المتشعبة) .. وأزعم أنه لم يتزلزل كثيراً .. ربما لأنه يتميّز بثلاث خصال: نبذُ العنف لاسيّما الجسديَ منه، واحترامُ الآخر والرأي الآخر أيًّا كان مدى اختلافِه، واحترام المرأة؛ هذا الثالوث جعل هذا الإرث متعايشاً مع ما حوله أياً كان شكله .. لكنْ جَرَتْ عليه بعض التغييرات .. بما أضيف له من تجربة وإرث جديدين .. صنعتُهُما لنفسي وباختياري، وصَنَعَتْهُما أرامكو وبيئاتُ عملها المختلفة فيَّ.

رئيس تحرير “القافلة الأسبوعية” المتقاعد عادل الصاد

اعتراف رقم6: لا يمكنني سرد الأسماء ذات الفضل عليّ في هذه الشركة عامة، وفي الإدارة خاصة، فكلكم صاحب فضل، ومنكم تعلّمت الكثير، وكانت خطوات التحدي الأولى على يدي الأستاذ وليد حين بدأ بتكليفي بإدخال تعديلات الأسبوعية مع بدر، ثم تنفيذ الخطة التي يضعها على الماكيت، وتوجيهات الدميني والصادق وعلومهما وتجاربهما؛ أما صانع التحدي الأهم فكان العصيمي الذي أخذي بيدي في طريق التحدي من البداية وفتح آفاقه في فريق تحرير مجلة القافلة، ثم تعييني مديراً لتحريرها، وفي فعاليات احتفالات الـ 75، و تسليم إدارة نشرة الـ 75 القسم العربي، وكتاب تاريخ الشركة والكثير من مطبوعاتها، وكتابة الخُطَب، وتحرير سيناريوهات الفيديوهات، وغير ذلك؛ ولا أنسى تعييني نائب رئيس تحرير مجلة القافلة من قِبَل أبي ياسر وأبي خالد الأستاذ طارق الغامدي؛ أما طريق تقرير الشركة السنوي فقد عبَّده الأستاذ صالح السبتي؛ وأخيراً التجربة الماتعة في العمل مع وحدة المراجعة والتدقيق على يد أبي روان.

ومن أجمل التجارب التي عملت فيها كانت تجربة الختام مع الأخ بندر الحربي في إصدار كتاب المعلقات لجيل الألفية، التي كان لها مذاقها الخاص والمختلف، فجاء المنتج الذي نفتخر به وتفتخر به الشركة.

من اليمين: وليد الهلال، بندر الحربي، فؤاد الذرمان، محمد ابو المكارم، محمد الدميني، عادل الصادق

المحتفى به في حفل تقاعده مع أبنائه الثلاثة: وائل، سعيد، علي

مغازلة شعر من زملاء العمل له في حفل تقاعده

الصور تتحدث

محمد أمين في سيرة خاصة مصورة

في أقصى غرب العوامية، صورة من أواسط السبعينيات، ويظهر فيها، وقوفاً: المرحوم سعيد علي الزاهر – أبو مدحت، عبدالله سعيد النمر، المرحوم عبدالله حسين الزاهر، جعفر الليث، عبدالمنعم الزاهر، علي حسن النمر، علي أحمد المناسف. وجلوساً: حسين محمد الفرج، المرحوم أحمد حسن النمر، محمدأمين أبو المكارم.

صورته في الوسط.. وعلى القاريء تقليب جوّاله ليتعرف على الآخرين..!

أمام مبنى مدرسة قرطبة “بارتبل” أثناء إنشائها أواسط السبعينيات

في وسط الصورة بـ “غترة” بيضاء

في أحد دكاكين العوامية.. الثالث من اليسار

داخل “ديرة” العوامية

شابّاً مع ابنه البكر “وائل”.. أو سعيد.. هو نفسه لم يميز..!

محمد أمين في سيرة عمل مصورة

من اجتماعات مجلة “القافلة”

 

في نيويورك لمتابعة بعض أعمال أرامكو

في مدرسة “الحياة” في دبي، ويظهر في الصورة مدير التحرير وقتها حسين العوامي وفايق الهاني مالك قعقور

في البحرين على هامش ملتقى الجمعية الخليجية للعلاقات العامة، وفي الصورة من اليمين: محمد العصيمي، محمد أبو المكارم، حسن الحسن، سلطان البازعي

في حفل تكريم الشاعر عبدالله الجشي عام 1422، القطيف

 

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×