الشيخ الحاج علي السيهاتي.. همزة الوصل بين عصر اللؤلؤ.. وعصر النفط
سيهات: شذى المرزوق
الشيخ الحاج علي السيهاتي.. شركة التميمي والسيهاتي.. شركة تاسكو.. سيهات.. اسماء صنعت نفسها بقوة في مجتمع المال والأعمال في شرقي المملكة العربية السعودية. ويبرز اسم الشيخ عبدالله السيهاتي، واحداً من رجالات المال والخير معاً، ويداً تدعم مشاريع المجتمع بلا تردد..
لكن قصة الشيخ الحاج عبدالله السيهاتي لم تبدأ معه، بل هي بدأت منذ بدايات القرن الميلادي الماضي، وقبل ذلك، حين كان اللؤلؤ عماداً اقتصادياً في الشطر الخليجي.. ثم جاء النفط، وجاءت المقاولات، وجاءت الأعمال بأنشطة جديدة.. وهنا بزغت قصة لآل “السيهاتي” عبر الحاج علي.. الاسم الذي أنجب ذرية بعضها من بعض، في النجاح والمبادرة والسخاء.
صيادو اللؤلؤ.. النشأة
اشتهرت عائلة السيهاتي بالغوص وصيد اللؤلؤ، منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ووصل صيتها إلى البحرين والهند وتصدير اللؤلؤ، تحول الغوص في بحار تعج باللؤلؤ إلى غوص آخر في بحار من بترول ومهنة جديدة تناسب مقتضيات العصر وهي استخراج النفط والغاز.
لم يكن سهلًا أن تضع قدمك وسط رجال الأعمال السعوديين، إلا إن كنت ابنًا لأبٍ وصلت شهرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية ولندن، هو السيخ الحاج علي بن أحمد السيهاتي، من أوائل رجال الأعمال المؤسسين للثقافة التجارية والاقتصادية في السعودية.
سبق أن تشرف السيهاتي الأب باستضافة الملك سعود بن عبدالعزيز، في مزرعته عام 1960 ضمن زيارة لـ”أعيان” ومشايخ سيهات.
رحلة من اللؤلؤ إلى النفط
في عام 1940، استطاع الشيخ علي أن يصنع اسماً بعد حفر أول بئر نفط بأكثر من عامين، وتحديداً في الخبر، كان من أوائل المقاولين الذين أبرموا عقوداً مع شركة أرامكو لبناء المساكن الحجرية لموظفيها بالإضافة إلى القيام ببعض الأعمال النفطية، كان الشيخ أول مقاول قام ببناء الفرضة في رأس تنورة.
لم يكن الشيخ علي رجل أعمال وحسب، بل رجل مواقف إنسانية من الدرجة الأولى، لذا تجمعت المجالس حوله، ويقول مشايخ سيهات والقطيف والخوالد “اقترضت شركة أرامكو من الشيخ علي، مبلغًا من المال لتسهيل رواتب العمال والموظفين، وكانت من الريال الفضي”، مع تبرع الشيخ علي بجزء من أرضه الواقعة قريباً من جبل القرين، لشركة أرامكو لبناء مدرسة للبنات.
بعد هذه القصة ساهمت أرامكو الظهران، في توطيد العلاقات بين الشيخ علي وبعض الشخصيات الغربية سواء من أمريكا أو بريطانيا، وأتاحت هذه العلاقات فرصة للشيخ لإقامة مشاريع خارج المملكة.
رغم تعدد وتنوع العمل إلا أن الشيخ علي، لم يكن له أي استشاريين، كانت مشاريعه نابعة من عقله، مع خبرته في تجارة الهند التي رفعت مستوى نجاحه في إدارة العمل مع شركات عالمية أمريكية وأوروبية، كما هو حال مشروعه مع شركة “قري هاوند”، وهي أكبر شركة نقل للركاب في ذلك الوقت.
عائلة داعمة تخدم المملكة
في عهد الملك عبد العزيز آل سعود، صدر حكم بملكية أرض بمنطقة جبل القرين في أطراف مدينة سيهات، كنوع من رد الجميل لمجهود عائلة السيهاتي، ليختارها الشيخ علي مقرًا لشركة “سيهاتي وير”، وهي إحدى أكبر شركاته.
لحظة الميلاد
في هذا الجو ولد الشيخ عبدالله السيهاتي، عام 1950 بمدينة سيهات، ويحصل وأخوانه وأخواته على دراسة لائقة ببيت من بيوتات المنطقة الشرقية البارزة.. أكمل الدراسة لينال البكالوريوس في الهندسة المدنية التطبيقية من كلية البترول والمعادن، (جامعة الملك فهد للبترول والمعادن حالياً)، بمدينة الظهران سنة 1975، وحصل على الدكتوراة الفخرية في الاقتصاد وإدارة الاعمال من الكلية الملكية الأيرلندية بدبلن سنة 1424.
كانت العائلة أكبر داعم للشيخ عبدالله السيهاتي، حيث كان لأخوة الشيخ عبدالله مشاريع ناجحة، بدءًا من صالح السيهاتي الذي واصل دراسته العليا، وشغل منصب أكاديمياً في جامعة البترول والمعادن، أمّا مصطفى السيهاتي فقد تخصص في الزراعة، ولديه مزارع تعتبر من أكبر مشاريع المملكة، فيمّا تخصص الشيخ عبدالله في الهندسة، والشقيق الأصغر عبد الواحد السيهاتي، هو عضو اتحاد الفروسية ومؤسس أحد أكبر مزارع للخيل بولاية أريزونا الأمريكية، في حين كان المرحوم إبراهيم السيهاتي رجل أعمال متمكناً وناجحاً.
أما على مستوى الأخوات فتعمل الدكتورة باسمة السيهاتي في مركز البابطين بالدمام، بينما توجهت منى السيهاتي للطب النفسي، وتخصصت هدى السيهاتي في التغذية، وبنين السيهاتي مدرسة لغة عربية، ونالت فوزية السيهاتي الدكتوراه في الاقتصاد.
بداية الرحلة
مشوار طويل خاضه الشيخ عبدالله السيهاتي، منذ نشأته على حياة رجال الأعمال ورغبته في العمل المستقل، ليشق الطريق الأصعب مكافحاً في صيدلية وهو طالب، وعمل في أول شركة يابانية دخلت في مشروع المياه والصرف الصحي بالشرقية في أواخر الستينيات.
وبعيدًا عن تجارة وعمل والده الشيخ الحاج علي استطاع السيهاتي تكوين عمله المستقل في عدة شركات خاصة به يترأس إدارتها، بدأ بالمكتب الاستشاري الهندسي، وعمل في مجال تخطيط المدن والطرق والتعليم كعمل منفرد.
بصمة رجل الأعمال
وكانت “هاوند” أحد محطات الشيخ عبدالله السيهاتي، الذي ترأس شركة “قرى هاوند”، وهي أكبر شركات النقل الأمريكية، مستفيدًا بخبرته في شركة تاسكو، كُبرى شركات النقل في الشرق الأوسط، التي أسستها عائلة السيهاتي بالشراكة مع عائلة التميمي.
من حب الشعر إلى الرياضة
هوايات الشيخ عبدالله متعددة من حب الشعر القديم لأبي تمام المتنبي والبحتري وامري القيس، إلى ممارسة الرياضة، مذ كان لاعب كرة قدم أثناء دراسته، إذ كان من ضمن المجموعة التي حققت بطولات رياضية في المملكة، واستمر حضوره كلاعب حتى الدراسة الجامعية في عدد من الألعاب منها القدم والتنس والطائرة واليد والسلة.
شغفه الحقيقي
بحلول عام 1996 حتى 2001، تقلد منصب رئاسة نادي الخليج، ونال العضوية الشرفية للنادي، ثم ترك الإدارة منطلقاً من رؤيته أن الرياضة عشق ولا تعرف الروتين، ولكنه ما زال يقدم كامل دعمه للخليج.
قدم كامل دعمه للنادي حتى ساهم في عملية انتقال صانع اليد المضراوي، اللاعب حسين الشيخ لصالح الخليج عام 2011، خلال رئاسة سامي اليتيم لنادي مضر.
خير وعطاء.. مبادرات السيهاتي
يُعرف معدن رجل الأعمال باهتمامه بالمجتمع، ومد يد المبادرات الاجتماعية لأهله، وهذا ما فعله الشيخ عبدالله السيهاتي، على غرار نجاح والده المجتمي ومحبة أهله، وذلك بتأسيس مركز السيهاتي الطبي للكلى في حرم مستشفى القطيف المركزي عام 2008، وفي مطلع يناير 2021 وهب نصف مليون ريال لدعم سيهات.
وانطلقت العديد من المؤسسات الاجتماعية والأندية الرياضية والمبادرات التعليمية والصحية، بيدٍ منه وبتقديم الدعم الكامل إلى تلك المؤسسات، ليعلو اسم السعودية بأبنائها المخلصين، ويتوج مسيرته الخيرية بالتبرع بمبلغ مليون ريال لصالح مجمع كريم الخيري، الذي تعمل على إنشائه جمعية سيهات.
تكريمات
اختاره الملتقى العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي، سفيراً للسلام العالمي، في 16/1/1441، وتلقى شهادة من صُنّاع السلام كما حصل على درع سفير السلام والنوايا الحسنة.
ونال جائزة السعودية بالرياض 1999/2000، وتكريمًا من جمعية الأعمال والصداقة الأوروبية العربية بالعاصمة الأيرلندية دبلن 2004، لُقب سفير التراث السعودي بالهند عام 2005.
نال جائزة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز، لخدمة أعمال البر في عامها التاسع، عام 2008، حاصلًا على المركز الأول في فرع المتبرعين من رجال المال والأعمال، خلال حفل اللقاء التشاوري الثاني للجمعيات الخيرية والجهات المعنية بخدمات المعاقين بالدمام سنة 2008/2009.
وفي مطلع يناير 2021، اختير السيهاتي رئيساً فخرياً للمركز الأوروبي العربي لحقوق الإنسان، بالنرويج، واختياره شخصية العام نظير جهوده الاستثنائية ورعايته للعديد من المبادرات الثقافية والإنسانية والاجتماعية والرياضية.