نرجس الدشيشي.. نهضت من رماد حريق وحوّلت منزلها إلى معمل حلوى استعانت بقرض "ثمار" ورفضت البقاء عاطلة عن العمل
القديح: صُبرة
بكل طموح وتفاؤل وتعفف، حددت نرجس صالح الدشيشي قائمة طموحاتها، وكان أبرزها أن تكون أول قطيفية تفتح معملاً للحلوى، فتسلحت بالعزيمة والإصرار، وبدأت رحلة العمل على أرض الواقع، التي تخللتها محطات مضيئة وناجحة ومشجعة، إلا أن محنة حريق منزلها في القديح، سرعان ما تحولت إلى منحة، أضاءت قلبها، وجعلتها أقوى بكثير مما كانت عليه.
وبرغم ضيق المنزل، فلم يكن مأوىً وسكناً لها ولعائلتها فقط، بل كان مقراً لعملها ومصدر رزقها، حيث بدأت بصنع أطباق متنوعة من المأكولات وبيعها.
واسترجعت الدشيشي بداية انطلاقها في العمل، حينما كانت تسبقها الحماسة والشغف بفن الطبخ الذي أبدعت فيه، وكان دافعاً لإصرارها على تحويل دفة حياتها نحو النجاح في أن تكون إحدى الأسر المنتجة في محافظة القطيف.
وخلقت الدشيشي من هوايتها مشروعاً يقيها الحاجة، متعففةً عما في أيدي الناس، محتضنةً أخوتها ووالدتها المريضة، التي توفيت لاحقاً، مستمدةً من دعوات والدتها قوةٌ دافعةٌ للاستمرار والنجاح الذي كان حليفها بشكلٍ انبهرت به نفسها وطابت به.
المعجنات والحلويات
وبين الشكر لله والرغبة في المضي قدماً، كان العزم أقوى للتطوير في العمل، فتلقت الدشيشي عدداً من الدورات في فنون الطبخ، ما جعلها تضيف لأطباق معكرونة الباشميل وورق العنب وأنواع الكعك التي بدأت بها، أطباقاً شعبيةً جديدة تعلمتها، وأبدعت في صنعها مثل، الأرز، المحاشي، المعجنات والحلويات.
وقالت “ما انقضت السنة، حتى ازدهر المشروع الصغير باسم “مطبخ أم البنين”، حتى صنعتُ اسماً لي في سوق العمل الحر، خاصةً في صنع الحلوى البحرينية، التي تصدرت كل الأطباق في إقبال الناس عليها لطلبها”.
وتابعت قائلة “شعوري بالامتنان لله الذي وفقني لما أنا عليه؛ كان سبباً في تقديمي يد العون لمن هم في حاجة من زبائني، فمن لم يستطع سداد بقية مبلغ طلبه أعفته منه، ومن أجدها بحاجة لتعلم طريقة عمل طبق ما، لم أبخل عليها بتعليمها مقاديره، وتوجيهها لأفضل طريقةٍ في صنعه”.
اشتعال النار
يبدو أن الحظ لم يكن دائماً من نصيب الدشيشي، التي أبانت أن السعادة التي حلقت بها في سماء العمل تحولت رماداً بعد أن أحرقت قلبها قبل منزلها، نار التهمت جُلّ ما فيه، وذلك حين اشتعلت النار في إحدى الليالي في غفلة منهم، وهم نيام، حيث لم تتمكن حينها إلا إنقاذ نفسها وعائلتها.
وأردفت “بقيت 9 أشهر عاطلة عن العمل أكافح لاستعادة ما خسرته في النيران، عن طريق تقديم دورات في فنون الطبخ، حتى انبثق نور الأمل من جديد بعد أن وجدت إعلاناً حول تقديم قروض “برنامج ثمار”، التابع لجمعية العطاء النسائية بالقطيف، الذي يهدف إلى مساندة الأسر المنتجة ومشاريعها الصغيرة، إذ يصل مبلغ القرض إلى 50 ألف ريال، على أن يتم سداده بأقساطٍ شهريةٍ ميسرة وبلا فوائد”.
قرض ثمار
وذكرت الدشيشي تفاصيل قدومها إلى جمعية العطاء واستقبالهم لها بالترحاب، ومدى الاهتمام الذي حظيت به منهم بعد أن أخبرتهم قصتها، لتبادر العطاء فوراً بمساعدتها حتى حصلت على قرض ثمار الذي أعاد تأهيل مشروعها من جديد، لتقف شامخةً وتستكمل ما بدأته متسلحةً ببركة دعاء والدتها، فهي على ثقةٍ أن روحها لا تزال ترفرف بحنوٍ دائمٍ عليها.
واستطردت “لم يقف دعم العطاء عند حد المساعدة في الحصول على قرض ثمار فحسب، بل كانت لهم مبادرات تأهيلية أخرى من خلال ورش عمل ودوراتٍ قدمتها المشرف العام على برنامج ثمار والمدير التنفيذي للجمعية زينب آل ماجد، استهدفت فيها المتقدمين بطلب القرض، وحتى الحاصلين عليه، بقصد التمكين للارتقاء بالعمل، والأداء بجودة أكبر، شاكرةً لهم هذا الدعم الكبير والاهتمام بالتفاصيل في سبيل الخدمة المجتمعية”.