تاريخ الفكر المعاصر مسموعًا
إبراهيم البليهي
تابعت مقالات الأستاذ محمد رضا نصرالله منذ بداياته في جريدة الرياض عند نهاية التسعينات الهجرية؛ فهو بعد تخرجه في كلية الآداب بجامعة الملك سعود انضم مباشرة إلى جريدة الرياض ثم أصبح أحد مديرَ تحرير الجريدة أما الآخر فهو الشاعر الأستاذ سعد الحميدين.
وكنتُ آنذاك أعمل رئيسًا لبلدية منطقة حائل.
والأستاذ محمد رضا نصرالله هو الذي فتح لي باب الكتابة بجريدة الرياض فبينما كنتُ أفتش عن الكتب الجديدة بمكتبة جرير حين كانت بمقرها القديم في حي الملز بشارع جرير التقيت به.
وبوصفه مديرًا لتحرير جريدة الرياض فقد دعاني للكتابة، وفور عودتي للقصيم كتبت مقالا بعنوان (العنة الحضارية) فتم نشره في نفس الأسبوع.
ثم واصلتُ الكتابة بالجريدة أسبوعيًّا. وسأظل ممتنا للأستاذ محمد رضا نصر الله لأنه هو الذي فتح لي المجال للتعبير عن أفكاري في أهم منبر وطني: جريدة الرياض.
وكنت قبل ذلك أكتب بشكل متقطع غير منتظم في جريدة عكاظ وأحيانًا في جريدة الجزيرة والمجلة العربية لكن الانتظام في الكتابة لم يحصل إلا بعد الانضمام للكتابة في جريدة الرياض.
بدأ محمد رضا نصرالله في الكتابة بعد تخرجه وهذا شيئٌ لافت؛ فإن يبدأ الشخص في النشر فور تخرجه من الجامعة يُعَدُّ حالة نادرة لأن تجويد الكتابة إلى مستوى النشر اليومي في جريدة رزينة كجريدة الرياض ليس شيئا معهودًا ليس هذا فقط بل إن محمد رضا نصرالله منذ البداية لم تستغرق الجريدة نشاطه بل كان نشاطه الأبرز في مجال الحوارات الفكرية والإبداعية التلفازية فقد كانت حواراته التلفزيونية شاملة وعميقة وتدل على قدرات ومعارف متنوعة فهو يُجري حوارًا عاصفًا مع مفكر من مستوى محمد عابد الجابري.
ابراهيم البليهي ومحمدرضا نصرالله في قاعة اجتماعات مجلس الشورى اثنا عشر عامًا
ثم يُجري حوارًا عميقا مع مبدع من مستوى نجيب محفوظ ويُجري حوارًا أدبيًًّا ثريًّا مع الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري وبعده يُجري حوارًا تتداخل فيه الهموم الوطنية والإدارية والأدبية مع الرجل الفذ غازي القصيبي وقد كانت علاقتهما قوية إلى درجة أن غازي حضر حفل زواج نصرالله وألقى كلمة ونُشر ذلك في الصحف كخبر لافت إن حوارات محمد رضا نصرالله مع المفكرين والشعراء والمبدعين ورجال السياسة شملت كافة قطاعات النشاط الإبداعي في المجال الفكري والمجال الروائي والمجال النقدي والمجال السياسي والمجال الثقافي والمجال التاريخي ….
إن حوارات محمد رضا نصرالله مع مشاعل الفكر وقادة الفعل قد غطت مختلف المجالات خلال مدة قد تصل خمسين عامًا وبعد ظهور شبكة الانترنت أصبحت هذه الحوارات ذات قيمة عظيمة فهي التاريخ المسموع لأهم فترات التاريخ ….
فإذا كان الدكتور خليل أحمد خليل قد أرَّخ للإبداع العربي في (موسوعة أعلام العرب المبدعين في القرن العشرين) التي تستغرق ثلاثة مجلدات. وكذلك الأستاذ سعيد جودة السحار في (موسوعة أعلام الفكر العربي) في أربعة مجلدات. وكذلك الدكتور شاكر النابلسي في كتابه (الفكر العربي في القرن العشرين) في ثلاثة مجلدات. والدكتور متعب القرني في كتاب (أقطاب الفكر العربي) وكتاب (صيارفة الأدب العربي في القرن العشرين) إذا كان هؤلاء قد أرخوا للفكر وللإبداع العربي في القرن العشرين؛ فإن محمد رضا نصرالله قد أنجز تاريخًا مسموعا وبتنوع أكثر، وحيوية أشد.