[7] تأمّلات في جماليات سورة “الإنسان” بين "مزاجها كافورا" و "يفجرونها تفجيرا"
مدينة أحمد البوري
آية اليوم السابع :
﷽
{عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا}
من نعيم الله بالجنة، عين من الشراب الطهور جعلها الله من النعيم الأزلي لعباده المؤمنين ، فهم يشربون بها ، وهي طيعة لأمرهم ، فتجري أينما ارادوا .
• في أمالي الصدوق ، عن أبي جعفر الباقر” ع”
أذ قال في وصفها :(هي عين في دار النبي تفجر إلى دور الأنبياء و المؤمنين).
فالمؤمنون يستطيعون جرها إلى قصورهم في الجنة والتنعم بطعمها اللذيذ وإظهارها حينما شاءوا بالجنة.
•(عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا)
لماذا قال (عَيْنًا) ولم يقل كأساً ؟؟
لأن العين نبع دائم الجريان و الإستمرارية ، فلا خوف من انقطاعه و نضوبه ، بينما الكأس ينقص مافيه ..
(يَشْرَبُ) لماذا الفعل مضارع وليس ماضياً؟؟
لتدل على الإستمرارية و التجدد
لماذا قال يشرب بها و لم يقل يشرب منها ؟؟
بها: تدل على تضمين معنى روي به ، و التي تعني يرتوي به على خلاف الشرب الذي لا يدل على الإرتواء و التروية فالتعدية بالباء تدل على نزول في العين و الشرب الخالص منها و الإرتواء منها ، و كأنما العين كأسا للشرب .
•( عِبَادُ اللَّهِ)
من هم عباد الله؟؟
هم المقربون ، الذي عبدوا الله واطاعوه حق طاعته و صلحت نفوسهم و استحقوا جنة ربهم، لذا الأتسام بالعبودية لله من أرقى واسمى الأوسمه التي يتقلدها المؤمن لأنها عبوديه اختياريه باهى الله بها آدم أمام أبليس ، و قد قال ( عِبَادُ اللَّهِ) و ليس عبيد لأن العلاقة بين الله و عباده علاقه كرامة و طاعة و انقياد روحي ومحبة خالصة مندفعة لطلب التقرب منه ، بينما محكومية العبيد هي القهر و التسلط و الإذلال و هذا مالا يرضاه ربنا ، بالإضافة الى ان ذكر لفظ الجلالة لأجل إظهار أهمية العبودية لله و عظم شأنها .
•( يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا)
كيف يفجرونها؟؟
معنى يفجرونها يشقون الارض لإجراءها..كيف؟؟
العين تتفجر بإرادتهم وإختيارهم أينما شاءوا ، فالاعمال الصالحة في الجنة تظهر حقيقتها هكذا ، و هذا سر تفجير العين في كونهم عباد الله و بالجنة أجمل مافيها تحقيق وتحقق مشيئة أهلها ، فكل مايتمنوه يتجسد ، و منها هذه العين التي يستطيع عباد الله ان يظهروها حيثما شاءوا من الجنة.
• في تفسير القرطبي :أن الرجل منهم ليمشي في بويوتاته ، و يصعد إلى قصوره وبيده القضيب يشير به إلى الماء فيجري معه حيثما دار في منازله على مستوى الارض في غير اخدود ، و هذا من المتعة و التلهي و التلذذ بذلك .
*كل ذلك جزاء و تكريم على طاعتهم لله في الحياة الدنيا*
• اذن:
-الجزاء من جنس العمل ، فالنعيم لن يصل إليه الأنسان مالم يعمل بجهد و سعي وكد للوصول للجنة ، و عمل الخير يتجسد في الآخرة بالنعيم .
-ماعند الله لن ينال بالتمني بل بالإجتهاد في العبادة
-من جعل غايته (مِزَاجُهَا كَافُوراً) سيجتهد لمعرفة الطريق و الوسائل و الأسباب التي توصله إليها
-ومن جعل مرامه ( يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا) لابد أن يجتهد أقصى الأجتهاد و ينقطع نفسه في العباده ليصل إلى هذا المستوى.