“التتن” يغرّد.. و”القيصرية” تفقد أشهر بائع تبغ في السعودية القطان يطوي 90 عاماً ويترك دكانه و "سيكله"
القطيف: نداء آل سعيد
لن يتمكن زبائن سوق القيصرية في الأحساء بعد اليوم، من رؤية الحاج ياسين القطان بملامح وجهه المجعدة، وغترته الملفوفة فوق رأسه مثل عمامة، ونظارته السميكة، وهو آتِ على صهوة دراجته القديمة الى السوق
بائع التتن ولفائف السجائر لن يشاهده زبائنه الذين اعتادوا سلعه.. فقد غيبه الموت اليوم (الجمعة) عن عمر ناهز 90 عاماً.
60 عاماً
ولم يكن القطان مجرد بائع متنقل مثل غيره العشرات في سوق القيصيرية، وإنما هو أشهر وأقدم بائع تتن في تاريخ المملكة، بعدد سنوات شغل وصلت إلى أكثر من 60 عاماً، فهو مارس مهنته منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، إلى أن توفاه الله اليوم.
القطان الذي لم يعترف بالتقدم في صناعة السجائر، ظل على بدائيته في صنعها، وأثبت أنه على حق، بعدما حقق شهرة كبيرة في إعداد وتحضير الدخان بطريقة يدوية ميزته كثيراً عن ماكينات الصناعة المتطورة، وميزت منتجاته التي ظلت محل إعجاب وبحث من عشاق الدخان بهذه الطريقة في الصناعة.
تصوير: سامي أحمد العميري
كبار الشخصيات
تاريخ الحاج ياسين القطان جعل معه أحد كبار الشخصيات التاريخية في سوق القيصرية، سواء في شكل السوق وهيأتها القديمة، أو في هيأتها الجديدة بعد قيام بلدية المحافظة بتطويرها وتجديدها قبل فترة.
وشهرة القطان جاءت أيضاً من كون مهنته من أشهر وأندر المهن “بيع التتن”، وبوفاته فقد يُغلق باب هذه المهنة، وستصبح في ذمة الماضي.
ونجح القطان أن يكون وجهاً مألوفاً لمرتادي السوق، فهو لم يعترف بصعوبات الحياة ومحطاتها التي تنقل الإنسان من حال إلى حال، إذ بقي على الرجل حاله قرابة 6 عقود، ينتقل فيها عبر دراجته الهوائية من منزله إلى السوق والعكس.
تصوير: عزيز البقشي
أجيال وأجيال
عاصر القطان أجيالاً وأجيالاً، واستطاع أن يكون قاعدة من الزبائن من مختلف الأعمار، الذين لا يروق لهم تدخين التتن إلا من صنع يديه، فكانوا يبحثون عنه هنا وهناك، ويشترون منه احتياجاتهم، ولا يودعونه إلا على وعد بلقاء جديد، ولكن في المرات الأخيرة، كان الوداع بلا لقاء جديد.
القطان توارث المهنة عن آبائه وأعمامه، الذين كانوا يأتون بالمواد الخام من التتن والغراء والقطن والورق الأبيض من العراق، ثم يصنعون السيجارة “طازجة” لمن يريدها.
القطان.. أقدم تاجر تتن (تصوير: حسين البقشي)
وسائل الإعلام
شهرة القطان جعلته هدفاً للعديد من وسائل الإعلام التي بحثت عنه، واستضافته، ومنها قناة العربية التي وصفته بأنه أشهر بائع تتن في السعودية. وفي هذا اللقاء قال القطان “لا عندي سيارة ولا شيء، وهذا هو محلي، بالسيكل من البيت إلى هنا”.
وكانت صورة القطان وهو يستقل دراجته الهوائية، التي التقتها المصور عزيز البقشي، من أشهر صور القطان، بعدما تم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، هذه الصورة استثمرتها وزارة الصحة في وقت سابق، وأشادت بالقطان كونه رجلاً كبيراً في السن، ويمارس الرياضة.
وتوقعت الوزارة في تغريدات لها أن القطان يواظب على ممارسة الرياضة على دراجته لأنه لا يدخن، هذا قبل أن تعرف الوزارة أنه يبيع التتن ويدخنه أيضاً، ما دعا البعض إلى انتقاد الوزارة على إشادتها تلك.
ويصنع القطان ما بين 15 و 40 سيجارة في اليوم الواحد، بحسب الحالة المزاجية له، وبحسب حاجة زبائنه، ويقول الرجل في حوار العربية “ساعات أسوي 30 سيجارة، وساعات 40، وساعات 20، وساعات 15 وساعات ما أسوي شيء”.
أسعار متفاوتة
تباينت أسعار منتجات القطان للتتن بحسب سنوات عمله الطويلة، ويوضح “أول ما قعدت، كنت أبيع السيجارة بريال، ثم ريالين، ثم بثلاثة ريالات، وأسويها الآن 3 حبات بـ10 ريالات، يحبونها لأن طعم هذا غير ومميز”.
ويتذكر القطان الأسعار التي كان يشتري بها التتن في بداية مسيرته العملية، ويقول “تكلفة شراء التتن اختلفت، ذاك اليوم كان السعر رخيصاً، الكيلو بـ80 ريالاً، الآن بـ560 ريالاً” ويقول معلقاً على ضريبة القيمة المضافة “ما أحس بها، و لا أدري عنها شيء إلا من عندك ذا الحين”.
تصوير: حسين البقشي
تصوير: سامي أحمد العميري
تصوير: زينب خالد الناصر