بعد الرياضة.. “أحلام” بلا شحوم و “السميّن” ليس سميناً.. و “الصبيحة” تجاوز الجلطة «صُبرة» تستعرض 4 تجارب في ممارسة الرياضة

سيهات: شذى المرزوق

قبل سنتين؛ اضطرت أحلام إلى أداء الصلاة على كرسي، رغم أنها في الأربعين من العمر، وزنها لم يكن يتح لها الركوع والسجود بشكل طبيعي، فلقد بلغ يومها 148 كيلوغراماً، جسده كان ينوء تحت كتل من الشحوم والأمراض التي تؤرق مضجعها. لكن ذلك كله اليوم من الماضي، فهي فقدت نصف وزنها السابق، لم تعد شبه عاجزة عن حركة، أصبحت رياضية، تمارس «الكارديو».

أحلام ليست وحدها، فهناك محمد السمين (76 عاماً)، الذي لم يكن يستطيع التحرك من دون عكازتين، وظهره يعاني آلام الديسك، هو اليوم ينافس الشبان في المشي.

محمد الصبيحة (69 عاماً)، أصيب بجلطة في القلب، كان عاجزاً عن الحركة، هو اليوم واحداً من أبرز مشاة سيهات.

الحال ذاته مع حسين الخرداوي، ذو الـ38 عاماً، الذي خسر 28 كيلوغراماً من وزنه في غضون أشهر.

خلال السنوات الثلاث الماضية؛ جمعت ممارسة رياضة المشي هؤلاء السيهاتيين، لكل منهم حكاية ودوافع صحية ونفسية لتغيير نمط حياته، ليُسجل كلا منهم «نقلة نوعية» من النمط الخامل المتكاسل المحاط بالأمراض، إلى آخر حيوي نشط، صحياً ومجتمعياً.

تحت عنوان «الرياضة فرصة للتغيير وإنقاذ الحياة»، تحدث الأربعة عن تجربتهم وأثر ممارسة المشي اليومي على أجسادهم، مع اختلاف الأعمار، ليكونوا بذلك حافزاً وقدوة لغيرهم، ومثالاً يُحتذى به، متفقين جميعا أن التوعية الصحية هي الهدف الأساس لنقل تجاربهم.

سمنة مفرطة

رغم أن أحلام علي شابة لم تصل إلى الأربعين من العمر، إلا أن زيادة الوزن الذي وصل إلى 148 كيلوغراماً، اقعدتها عن الحركة، وباتت على غرار الكبيرات في السن، تعاني من آلام الركبة وصعوبة في المشي.

تقول أحلام لـ«صُبرة»، «إن أول صفعه نبهتني لخطورة وضعي الصحي كان حين عجزت في إحدى المرات عن الركوع في الصلاة، وبت بعدها أصلي على كرسي، غير قادرة على الانحناء للركوع والسجود».

صعوبة ممارسة الصلاة جعلها تسأل نفسها «وش خليت للكبر إذا من الآن عاجزة؟» مضيفة «هذه كلمة لم أكن أحبها في قاموس حياتي».

الرابح الأكبر

عثرت أحلام على إعلان عن مسابقة «الرابح الأكبر» لانقاص الوزن، وهي مسابقة محلية في سيهات، اطلقتها مجموعة من المشاة، شاركت فيها متحدية نفسها لإنقاص وزنها خلال 6 أشهر.

كانت أحلام تسجل يومياً كلمات تحفيز لنفسها في نوت صغير، كلما انقصت وزناً، وبالفعل بعد 6 أشهر كانت الأولى في المسابقة. تضيف «كنت الرابح الأول بعدما استطعت إنقاص حوالى النصف، وبلغ وزني 75 كيلوغراماً، وما زلت مستمرة وأحقق نتائج أجمل».

بعد 3 سنوات من ممارسة الرياضة، تغيرت أحلام كثيراً، تمارس تمارين الحرق عن طريق ممارسة رياضة «الكارديو»، وتمارين المقاومة، وعدلت النظام الغذائي، حتى أصبحت تتحرك بكل حرية «بلا أي مسكنات ألم» كما قالت.

محمد السمين.

عجز وانهزام

يروي محمد السمين، إنجازه في التخلي عن العكاز، الذي رافقه طوال 7 سنوات، فترة يصفها بـ«العجز والانهزام» أمام عدة أمراض دهمت جسده، وتسببت في زيادة وزنه بشكل كبير، نتيجة قلة الحركة، مستسلماً لآلام الظهر والأعصاب.

توقف السمين عن أي نشاط رياضي لمدة 13 سنة، بعد أن كان ممارسا لعدد من الأنشطة، ومع تقدم العمر وقلة الحركة أصبح ضعيفاً مصاباً بمرض الديسك في الظهر والرقبة والأعصاب التي جعلته قليل الحركة والنشاط، حتى وصل به الحال إلى استخدام عكازين يسند بهما نفسه، في ظل زيادة كبيرة في الوزن الذي أثقل على جسده المنهك.

يقول لـ«صُبرة» «بعد مراجعة طبيب مختص؛ كان القرار هو إجراء عملية في الظهر، ولكنه اشترط لضمان نجاحها إنقاص الوزن ومحاولة الحركة». عاش السمين أياماً صعبة في ظل فكرة «خلص نفسك» التي كانت تلازمه في كل لحظة.

يضيف «توجهت إلى المركز الرياضي، للبدء في أولى خطوات الخلاص من المرض والسمنة والمشاعر السلبية التي كنت أعيشها».

توقف عند باب المركز، متسائلاً «كيف أنزل بعكازي؟ قد لا تجدني إدارة المركز مؤهلاً لممارسة الرياضة، بسبب عجزي»، مضيفا «خوفاً من الرفض؛ تركت العكازين في السيارة، ونزلت متحاملاً على نفسي، مثقل الخطوات نحو المركز، وبالفعل تم اعتماد تسجيلي فيه».

عاد في اليوم التالي بعكاز واحد، ورمى بجسده في مياه المسبح، يقول «رميت معه كل مشاعر الخوف والقلق والألم، وخرجت من المياه بعد 40 دقيقة بروح مفعمة بالأمل».

بين السباحة والمشي كان يقضي بين الساعة ونصف الساعة إلى ساعتين يومياً، وخلال أشهر قليلة انقص الكثير من وزنه، وشعر بحيوية أكبر في جسده، استسلمت بعدها خضع لمبضع الجراحة، لإجراء عملية الظهر.

بعد مرور 3 سنوات على العملية؛ مازال يمارس السمين الرياضة، ولكن بلا عكازين، مستعيداً من وقت لآخر كلمة الطبيب الذي ربت على كتفه مشجعاً «أنت رجل قوي، عنيد، لا تستسلم»، منوهاً بأن البرنامج الرياضي التأهيلي الذي خضع له «أنقذ حياتي، وانعكس ايجاباً على علاجي».

إصابة كورونا

نفس الحال تكرر قبل أشهر، بعد الإصابة بـ«كورونا»، اذ تسببت الإصابة في إدخاله العناية المركزة «ولكن بفضل مقاومة جسدي، والقوة المكتسبة من الأنشطة الرياضية؛ تجاوزت مرحلة الخطورة بخير، وهذا ما أشار به الطبيب لابنه، مبيناً له مدى التأثير الإيجابي لممارسته الرياضة في تجاوزه لعدد من الأمراض بما فيها كورونا».

ويقدم محمد السمين نصيحة «ليكن لنا من الرياضة رصيد للمستقبل»، مبيناً أن الأثر الرياضي «ليس جسديا فقط، بل يصل به الإنسان إلى درجة من التغيير الروحاني، فتراه مبادراً للمشاركة بنشاط في كل عمل خير».

محمد الصبيحة.

انتكاسة صحية ونفسية

تعرض محمد الصبيحة إلى انتكاسة مزدوجة؛ صحياً ونفسياً، إثر اصابته بجلطة في القلب، أعجزته عن الحركة، وأفقدته القدرة على التحكم في أطرافه من الجانب الأيسر، بعدما أجرى عملية جراحية لقسطرة في القلب قبل 6 سنوات.

لم تقتصر الانتكاسة على صحة الصبيحة (69 عاماً) فقط، بل تسببت بانتكاسة نفسية، يلخصها بقوله «أقفلت المؤسسة التي أديرها، وانهيت عقود العمال الذين كانوا على كفالتي، وسلمت نفسي للقدر، يائساً مختفياً عن الحياة الخارجية، مقفلاً على نفسي باب منزلي، فلا أقابل ولا أجالس أي أحد».

لكن مسار حياته تغير، يضيف «اعتقد أنه إلهام رباني ذلك الذي ألقى على نفسي الشعور بالتحرر، بعد مرور حوالى الشهرين على انتكاستي الصحية والنفسية».

يوضح «استقليت سيارتي بعدما توقفت تماماً عن قيادتها، متوجهاً إلى المقبرة حيث كنت أعمل متطوعاً مع مجموعة من الأخوة. وبعد مضي فترة قصيرة من الحديث معهم، زادت رغبتي في ترك العزلة».

ممارسة المشي

مع ثقل الحركة، خاصة في الجانب الأيسر من جسده إلا أن الصبيحة كان يمارس رياضة المشي حول منزله في حي السلام، وفي كل مرة كان يزيد عدد الساعات والامتار التي يمشيها.

اقترح عليه ولده المشي في ممشى كورنيش غدير سيهات، من منطلق التغيير، والتشجيع، يقول «بالفعل؛ توجهت إلى هناك، وتعرفت على الكثير من ممارسي الرياضة، بمن فيهم فريق مشاة سيهات، الذي انضممت إليه عضواً بعدها».

مازال الصبيحة يمارس المشي يومياً على ذات الممشى، «ولكن بروح عالية، وهمة أعلى، ورغم الأثر الباقي للجلطة؛ إلا أنه يعد أثراً خفيفاً جداً، مقارنة ما كان، بل أنني أحمل كرتون الماء البارد، رغم الخطوات المثقلة ليتشاركه الجميع، وأمارس الرياضة عصر كل يوم بلا توقف منذ 3 سنوات».

حسين الخراودي.

لياقة وصحة

في نفس السياق؛ يتحدث حسين الخراودي (38 عاماً)، عن التغيير الصحي واللياقة التي حصل عليها بعد المشاركة في مسابقة «الرابح الأكبر».

يقول «كانت هناك عدة محاولات لممارسة الرياضة بانتظام، إما عن طريق الالتحاق في نواد، أو مجموعات، لكن للأسف لم يكتب لها الاستمرارية، حتى قرأت إعلان مشاة سيهات، عن إطلاق مبادرة مسابقة «الرابح الاكبر» في صيف 2018، فسجلت اسمي في المسابقة، وانضممت إلى مجموعة المتسابقين، بهدف الحصول على اللياقة البدنية وانقاص الوزن».

وصل وزن الخرداوي، إلى مرحلة «غير مسبوقة» كما يصفها، إذ انخفض إلى 100 كيلوغرام، مضيفاً «الحمد لله؛ تمكنت من خسارة حوالى 28 كيلوغراماً في المسابقة، وأصبحت أمارس الرياضة بعد ذلك بحرص والتزام، لمدة تزيد عن سنة ونصف السنة».

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×