مسرح في أواخر الستينيات.. فاطمة ملك “قيس” وصباح المصطفى “ليلى” ممثلات في القطيف خلطن الجد بالضحك.. ثمّ فرقتهن الحياة
القطيف: زكية الأسعد
لم يكن مسرحاً رسمياً، ولا مخالفاً. ولكنّه كان تأثُّراً بمناخٍ رجاليّ عرفته القطيف في ستينيات القرن الماضي. طاقات فتيات يانعات في أواخر الستينيات، تحوّلت إلى نشاط مسرحي نسائي، وأدّين أدواراً فيها قدر من الجدية المخلوطة بالكوميديا..!
وفي إحدى المسرحيات؛ أدّت فاطمة ملك دور “قيس”، مقابل صباح المصطفى التي أدت دور “ليلى”، وهذه الأخيرة هي قرينة الدكتور توفيق السيف الآن..!
وهناك مفاجآت أخرى تخصُّ أعضاء الفريق المسرحي، فبينهنّ نهاد الجشي، التي أصبحت ـ لاحقاً ـ استشارية في طب الأطفال، وأصبحت ـ أيضاً ـ عضواً في مجلس الشورى السعودي. ومنهنّ سعاد الخنيزي المعروفة بـ “سهام”، شقيقة الكاتب نجيب الخنيزي وقرينة المصرفي المتقاعد زكي أبو السعود.
ومنهنّ سميرة القطري التي أمضت عقوداً في التعليم ثم تقاعدت. ومنهنّ دلال العوامي.. والثلاث الأخيرات شاركن ـ بعد عقود ـ في تأسيس جمعية العطاء النسائية بالقطيف، وما زلن في مجلس إدارتها..!
ومنهن الشقيقتان فوزية ونادية الغانم.
طاقة شابة
دلال العوامي وصفت ما كان يحدث وقتها بأنه كان تعبيراً عن طاقات شابة؛ تريد فعل شيء مفيد وممتع في آخر عقد الستينيات. وقتها؛ كان الرجال وحدهم المسموح لهم بصعود خشبة مسرح والتمثيل.
حاولت الفتيات تأسيس جمعية خيرية نسائية في مدينة القطيف، وحاول السيد سعيد العوامي مساعدة الفتيات، وبدأت الإجراءات مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية (الاسم القديم للوزارة)؛ لكنّ الموافقة لم تأتِ، بسبب وجود جمعية خيرية في المدينة نفسها. لكنّ هناك حلّاً آخر ظهر؛ هو تأسيس لجنة تنمية اجتماعية نسائية. وتحت مظلتها ظهر النشاط المسرحي النسائي لأول مرة في القطيف.
وتقول سميرة القطري “في نهاية عقد الستينيات وبداية السبعينيات؛ كانت هناك لجنة رجالية تسمى” لجنة الحي” وهي لجنة التنمية الاجتماعية الرجالية الآن”.
فكرة المسرح
وعن فكرة المسرح؛ تقول فاطمة ملك لـ “صبرة” إن فكرة المسرح راودت الفتيات في تلك الأثناء، ومن ثم وُلدت فكرة معينه، ثم تحولت الفكرة الى مسرحية”.
تضيف “قمنا بتوزيع الأدوار على حسب ما يناسب هذة المسرحية، وأدّين مسرحية قيس وليلى،
حيث كان دوري “قيس”، بينما “صباح المصطفى” كان دورها “ليلى”، وتم تمثيل هذه المسرحية بطريقة فكاهية”.
تضيف “أتذكر أنني انتعلتُ حذاءً “طبقة وطبقة”، أي كلّ فردة تختلف عن الأخرى، وبمجرد دخولي المسرح ثارت موجة ضحك لدى المتفرجات.
كذلك أدينا مشاهد تمثيلية، وحوارية وطرحنا ألغازاً، وقصصاً قصيرة في ذاك المكان المسمى بالمسرح”.
المسرحية المؤثرة
وبقدر الكوميديا كانت هناك جدية أيضاً.. تقول ملك “مثلنا مسرحية عنوانها “الواسطة”، وكان لها حضور كبير جداً، بين أطفال ونساء”. تضيف “شاركت في التمثيل كل من: دلال العوامي، سلوى ابو السعود، بثينة الشماسي، صباح المصطفى.. وتدور أحداثها حول شخصية مدير يمرّر الإجراءات المخالفة بالواسطة، ويعطل الإجراءات النظامية بالواسطة أيضاً.
أداء تمثيلي
فاطمة ملك هي التي استمرّت في أداء المشاهد التمثيلية إلى الآن.. وبعد زواجها انتقلت إلى مدينة الجبيل الصناعية، وهناك وجدت لجنة نسائية مكونة من مجموعة نساء من الدول العربية. وأمام المجموعة المنوعة طرحت فكرة مراسم الزواج في القطيف، فأحضرت الملابس المناسبة التي استعارتها من جدتها، كما تقول.
وارتدت الملابس مليحة القطري التي أدت دور العروس، “ورددنا الأغاني القديمة، والأهازيج التي تناسب العرس”. في ذلك الأداء ظهرت الملابس التقليدية، مثل: “ثوب النشل”، “والثوب الهاشمي”.
فاطمة ملك مستمرة، وهي الوحيدة من بين تلك المجموعة التي صعدت خشبة مسرح في أواخر الستينيات.. مسرح في “كراج”..!
وهي مولعة بإظهار تراث القطيف، ولها حضورها في “إكتشات” وأفلام قصيرة تمثيلية غنائية تُنتج بواسطة ناشطين فنيين في القطيف تحديداً مثل فيلم “زبيل” الذي يتحدث عن العطاء، وفعاليات “الناصفة”، والأفلام القصيرة الموجة للأطفال.
أمي تحتضر
من المصادفات المؤلمة التي مرّت بحياة فاطمة ملك؛ هو وفاة والدتها أثناء أدائها دوراً تمثيلياً معبراً عن الأم.. تقول “كان دوري دور أم حنونة، مثّلته كما أحببتُ، وكنت متوجسة خيفة من وضع والدتي الصحي، عنوان المشهد أغنية “دفى الدنيا” للمغني وسام شعبان، وإخراج علي الشرقاوي وتمثيل كريمة المسيري وحبيب ال سالم.
وأثناء تمثيلي للمشهد جاءني اتصال من ابنتي تخبرني بأن والدتي تحتضر.. أكملت المشهد تحت تأثير الخبر، وبمجرد الانتهاء من المشهد هرولت إلى المنزل لأتلقى خبر وفاة والدتي”، رحمها الله.