في “ليلة وفاء”.. الدمعة تختلط بالبسمة مع عبدالخالق الغانم والمبارك وردمان جمعية الثقافة تكرّم الراحلين بندوة من سلسلة "شخوص مسرحية"
القطيف: أمل سعيد
“ليلة وفاء لشخوص مسرحية وإنسانية كان لنا بهم ارتباط كبير جداً، فمنذ تأسيس هذه الجمعية كانت لهم صولات وجولات، على مر عشرات السنين، ومن أقل الواجب هو الوقوف على بعض ملامح هذه الشخصيات الجميلة.
ليس هناك أصعب من أن تتلقى خبر وفاة عزيز كانت لك معه عشرة طيبة، فيها حب ووفاء وعطاء متبادل، ومشاعر صادقة، لا نعترض على أمر الله فقد وفد على كريم ولكن الاشتياق هو المر، لأن هناك أشخاصاً وجودهم في حياتك له أثر ومعنى جميل، ولكنها سنة الحياة فاللهم لا إعتراض”.
كانت هذه كلمات المخرج ماهر الغانم في افتتاحه أمسية ليلة وفاء،، التي أقيمت على مسرح جمعية الثقافة والفنون بالدمام مساء أمس (الاثنين)، وهي الحلقة الأولى في برنامج “شخوص مسرحية”، وقد خصصت هذه الليلة للوقوف مع “شخصيات رحلت عنا وبقي أثرها بيننا”، وهم: ناصر المبارك، عبدالخالق الغانم، ووهيب ردمان، رحمهم الله جميعاً.
عوامل مشتركة
في كلمات جامعة أجمل الغانم في وصف الراحلون الثلاثة “الأخلاق هي قيمة الإنسان قبل أن يكون فناناً، وشخصيات الليلة كان التواضع والعطاء من أبرز سماتهم، ربطت بينهم وبين من عملوا معهم علاقات قوية، ترسخت مع الأيام؛ لذا فإن جميع من حضر اليوم من فنانين هم أصحاب عزاء”.
في كلمة لرئيس لجنة المسرح ناصر الظافر، جاء فيها “إيماناً منا بالوفاء والعرفان لأهل الوفاء الذين أفنوا جل حياتهم بين أروقة الفن، وإيماناً منا بالعطاء والتضحيات لمن وضع فكره ووضع لبنة في مجال الفن والثقافة، إيماناً منا بمن سلمنا الراية ورحل نقدم برنامج شخصيات مسرحية، الذي يتناول حياة الفنانين المسرحيين، ونبدأ بلية وفاء نستذكر فيها إنجازاتهم وإبداعاتهم، سيرهم العطرة في مجال المسرح والفن”.
ناصر المبارك
يرسم الممثل سمير الناصر، بحروفه شخصية المرحوم ناصر المبارك “قامة فنية تعبت كثيراً وقدمت الكثير. نشأ وترعرع في حضن الأحساء، وعاش يسكنه حب الطبيعة، استهواه التمثيل، ولأن زملاؤه في محافظة الأحساء كان لهم المبادرة في تأسيس ما يسمح لهم بمزاولة هواياتهم من موسيقى ومسرح وفنون شعبية، جعلته يحمل معه هذه الفكرة من الأحساء إلى الدمام، فكانت عاصمة المنطقة الشرقية مكان ولادة أحلامه”.
يكمل الناصر “كوّن المبارك فريقاً متواضعاً من الشباب، وطرق أبواباً كثيرة، منها الأندية الرياضية. لكن طموحه كان أكبر، فقد كان يرى أنه لا بد أن يكون للفن مقراً، وأن يكون حاضناً للإنتاج الفني”، مضيفاً “توالت محاولاتهم فدخلوا من باب التلفزيون، قوبلت رغبتهم بالرفض في البداية، ولكن مع الإصرار ورغبة بعض الموظفين في محطة التلفزيون فتّحت بصيص أمل في مشاركة بعضهم في الأعمال الدرامية”.
وفي تفصيل شيق؛ يشرح الممثل سمير الناصر محطات مهمة في حياة الراحل ناصر المبارك، ومنها سفره إلى الكويت، واستفادته الكبيرة من التجربة الفنية هناك.
بحسب الناصر، فقد كان همّ المبارك هو تكوين فريق مسرحي، حيث أنه يعتقد أن تطوير المجتمع يتم من خلال طرح قضاياه على شكل مسرحيات، وبعد خوض الكثير من التحديات والصعوبات كان له ما أراد وتم إنشاء فرع لجمعية الثقافة والفنون في الدمام، واستلم رئاستها لأكثر من عامين.
في مساحة من الشجن؛ سرد الناصر أهم المعوقات والإحباطات التي مُني بها ناصر المبارك في حياته، ممن شكلوا الحجرة العثرة في طريقه، وربما نجحوا في جعله يتنحى جانباً، تاركاً إدارة جمعية الثقافة والفنون، مكتفياً بمشاركته في بعض الأعمال الدرامية في تلفزيون الدمام، مقدماً نفسه ممثلاً حيناً، ومؤلف حيناً آخر.
ناصر الإنسان
من جانبه، يتذكر معتز العبدالله موقفاً له مع المرحوم المبارك، يقول “للأمانة؛ كان قد وصلني صيته قبله، ولقيته ذات يوم في مؤسسة الوفاء، وكنت محبطاً، فأخذني جانباً وسألني عما يكدرني. ولم يدخر وسعاً في تطييب خاطري ورفع معنوياتي”.
أما الممثل علي السبع؛ فحكى قصة له مع المبارك “كنا نعمل في مسرحية بالجمعية، وحصلت مناوشات بين فريق العمل، فحملت في خاطري وزعلت وانسحبت، وبعد 3 أيام وجدت ناصر المبارك عندي في البيت، قال لي كلاماً لا أنساه: سواءً كنت على حق، أو لم تكن؛ لن تنال رضا الجميع أبداً، يا علي الأهم أن تكون راض عن نفسك، وعلى فكرة؛ ترى الجمعية تسأل عنك.. قال كلمته ومضى”.
بكاء الناصر
حين وصلت الأمسية إلى عرض برومو قصير عن أعمال الراحل عبدالخالق الغانم، لم يتمالك الممثل سمير الناصر نفسه، فطأطأ برأسه مدارياً دموعاً استحثتها الذكرى الطيبة على النزول.
لحظات صمت، حاول فيها أن يتماسك ليقدم عبدالخالق بعيونه هو..
بدأ الناصر حديثه من بدايات الغانم “منذ أن كان صغيراً؛ أحب الفن، وقدّم منذ طفولته تجارب جعلته ينضم إلى كلية الفنون الجميلة في بغداد، أثناء دراسته قدم نفسه ممثلاً في الأعمال الدرامية على قنوات العراق”، يكمل “بعد أن تخرج؛ عاد الغانم إلى وطنه، ليلتقي مجموعة من الفنانين، حاول أن يكوّن نفسه من جديد ليكون مخرجاً أو مصوراً، لأنه كان يعشق التصوير، وهذا ما أعطاه عيناً تستطيع أن ترى ما يريد المشاهد أن يراه، ويستمتع به. كما كتب بعض السهرات التلفزيونية، في وقت لم تكن السينما موجودة في مملكتنا الحبيبة”.
طاش الغانم
استرسل الناصر، في عرض الأعمال التي أخرجها المرحوم عبدالخالق الغانم، وأفاض في حديثه عن المسلسل السعودي الأشهر “طاش ما طاش”، الذي أخرجه الغانم، ابتداءً من جزئه الثالث، وصولاً إلى الـ 15، وكيف كان هذا الحدث “نقلة نوعية” في طريقة إخراج المسلسل، وفي حياة عبدالخالق الفنية، حيث حُمل على جناح “طاش” إلى خارج حدود الوطن، ملوحاً إلى أن إخراج الغانم للمسلسل “كان من أهم أسباب بقائه واستمراره”، ودلل على ذلك بـ”أن الأجزاء التي قُدمت بعد تركه طاش لم تلق رواجاً ومتابعة”.
يكمل الناصر “استمر إصرار الغانم على البقاء والنجاح والإبداع والتميز، رغم الظروف الصحية الصعبة التي مر بها في أواخر حياته، ومما زاد آلامه أن بعض المحيطين به كانوا سبباً في إحباطه”.
أدق التفاصيل
بصوت حكواتي؛ يقرأ معتز العبدالله ما نسجته الذاكرة عن الغانم “تعلمت من أبو وفي أشياء كثيرة، على الصعيدين المهني والإنساني، كان إنساناً بمعنى الكلمة، خلوقاً، متواضعاً، كما كان مرحاً، لا تكاد الابتسامة تفارق وجهه، وحب الناس نهجه الذي لا يحيد عنه. أما في الجانب المهني؛ فكان يهتم بأدق التفاصيل، إلى حد أن يعمل ويشرف على كل شيء بنفسه، وغرس في نفسي أن العمل يجب أن يتم على أكمل وجه، وبمنتهى الدقة”.
يلح في الاعتذار
روى الممثل سعيد قريش، موقفاً أنيقاً وراقياً حصل أمامه مع عبدالخالق الغانم “في أحد المسلسلات التي كانت من إنتاجه وإخراجه في نفس الوقت، كنا في التصوير، وكان أحد الشباب مطلوب منه أن يوفر أشياء معينة ضرورية لتصوير المشهد. لكنه لم يفعل، فغضب عبدالخالق، وعصب وصرخ عليه، ونعته بالإهمال، فشعر الشاب بالإحراج من تقصيره. وبعد ساعتين من الحادثة، وفي وقت الراحة، جمع طاقم العمل كله واعتذر من الشاب أمامنا جميعاً، بل ألح في الاعتذار، لحد أن فريق العمل كله تأثر بمن فيهم الشاب الذي ثمن ذلك وقدره”.
الجوكر (الكرت الرابح)
وصلت الأمسية إلى محطتها الأخيرة، وبدأ الحديث عن المرحوم وهيب ردمان، قال ماهر الغانم “تعرفنا عليه بداية الـ2000. وكان كما وصفه الشباب (جوكر)، محباً لعمله، يؤديه بمنتهى الإتقان، ينجح أينما تضعه، خلوقاً، لا تستطيع إلا أن تحبه”.
أضاف معتز العبدالله “في مسرحية “سيد جماجم” وضعت وهيب في “محكات” كثيرة كثيرة، بحيث أن أي أحد في مكانه لا بد أن ينفر مني، ولمدة 3 شهور، تمرينات قاسية، أخذته مرة في عز البرد إلى “هافمون”، ورغم ذلك لم يشتك”.
أضاف “كان ردمان متواضعاً جداً، يرضى بالقليل، وآخر ما وصلني منه قبل وفاته بفترة بسيطة، تسجيلات صوتية له تتكلم عن لقاء الله، وكأنه كان يودعني بها، وتفاجأت بخبر وفاته قبل جائحة كورونا.. رحمه الله وأحسن إليه”.
وفاء الفنانين
في ما يشبه الومضات؛ تم عرض برومو لبعض أعمال الإداري والمخرج والكاتب والممثل وأحد مؤسسي جمعية الثقافة والفنون فرع الدمام، ناصر المبارك، والمخرج والممثل عبدالخالق الغانم، والممثل وفني الديكور وهيب ردمان، ومن ثم تم بث شهادات مُسجلة لفنانين عرفوا الراحلين ، وعملوا معهم.
الأسماء حسب الظهور:
الشاعر علي المصطفى
الإعلامي الكويتي مفرح الشمري
الممثل عبدالمحسن النمر
رئيس جمعية الثقافة والفنون بالأحساء علي الغوينم
الفنان حسين الهويدي
المخرج يوسف الخميس
الممثل علي إبراهيم
الممثل علي السبع
عبدالله الجفال
الممثل عبدالناصر الزاير
مدير جمعية الثقافة والفنون بالدمام سابقاً صالح أبو حنية
الكاتب المسرحي فهد رده الحارثي
مبارك العوض
جعفر الحرب
النحات كمال المعلم
الممثل حبيب الحبيب
الممثل سعيد قريش
المخرج عبدالله بالعيس
الممثل عبدالناصر الزاير
الممثل محفوظ المنسف
الممثل ناصر القصبي
المؤلف عبدالعزيز السماعيل
الفنان القطري غازي حسين
الممثل عبدالإله السنان
الممثل عباس الشويفعي