ندى غريب حكم كرة قدم.. بكروت حمراء وصفراء وصفارة زوجة وأم اهتمت بالتجميل والتغذية ودرست الأدب الإنجليزي والتحكيم
القطيف: نداء آل سعيد
لو أتيح لك تفتيش حقيبة ندى غريب؛ فربما لن تجد في ثناياها أقلام روج ومرآة صغيرة وبقية مستلزمات المكياج والتزيين، كما هو الحال في حقائب النساء عادة. قد تجد كرتاً أحمر، آخر أصفر، وصفارة مُعلقة في شريط، غالباً لن يكون وردياً.
ندى أنثى أيضاً، هي زوجة وأم، لا بل أنها بدأت حياتها مهتمة في مجال التجميل، ولكن مسار هذه السيدة السيهاتية اتخذ منحى آخر منذ سنوات؛ التحكيم في مباريات كرة القدم النسائية، بعدما التحقت في دورات تأهيلية في مدن سعودية مختلفة.
في السنوات الأخيرة اقتحمت السعوديات الملاعب، التي كانت محرمة عليهن. هن اليوم خلف أسوارها المرتفعة لاعبات، مدربات ومحكمات، يمارسن النشاط الرياضي. وفي هذه الحقبة من المتغيرات وجدت ندى غريب نفسها تقوم بدور «حكم كرة قدم مساعد». تجربة ما زالت في البدايات.
أدب إنجليزي وجمال ورياضة
كان الجانب العلمي في حياتها «مهماً جداً»، تقول لـ«صُبرة» «كنت أطمح أن أكمل دراستي الجامعية، التي أوقفتها ظروفي العائلية، ولكن أتى وقتها المناسب لاحقاً، واستطعت إكمالها مؤخراً، وحصلت على بكالوريوس أدب إنجليزي عام 2021، من الجامعة العربية المفتوحة. كنت أدرس وأعمل كورسات رياضة وتغذية وإسعافات، إذا سنحت الفرص. وطوال هذه السنوات كنت أمارس ما أحب من هوايات، ومنها ما يتعلق بالجمال والرياضة. التحقت في عدة كورسات نظرية وعملية في الرياضة. وجميعها كانت معتمدة».
بدأت حياتها في مجال التجميل النسائي، إلى جانب زوجها معلم التربية البدنية، كون هذا الثنائي نواة أسرة رياضية، كانت ثمرتها ولدان وبنت، تضيف «زوجي معلم تربية بدنية، وابني الأكبر لاعب كرة قدم، والأصغر يطمح أن يكون مثل شقيقه، أما ابنتي فهي مُحبة أيضاً للرياضة، وأيضاً لديها شغف الخياطة».
حصلت على دورة تدريبية في مجال اللياقة البدنية بدمشق عام 2004، ودبلوم اللياقة البدنية 2019، إضافة إلى تجربتها في التحكيم، موضحة أن «الحكم يحتاج إلى جملة من المهارات والكفاءات واللياقة اللازمة كي يركض كما يركض لاعب كرة القدم. وما اطمح له أن أكون شخصاً مفيداً في المجتمع».
المدربة الشمولية
اهتمام ندى غريب في الرياضة ليس محصوراً على الحصول على القوام الرشيق، فهو «عمل دؤوب وأسلوب حياة» كما تقول، مضيفة «المدربة لا بد أن تكون مسؤولة عن نفسها أولاً، بتحملها هذه المهنة الصعبة، تتحلى بالثقافة والخبرة؛ لتقف أمام المتدربات بكل ثقة، فهي تكون قريبة من المتدربات، فتصبح مرة أختاً، وأخرى اختصاصية اجتماعية، ونفسية أيضاً، فالمدربة الناجحة هي التي تمسك بيد متدرباتها نحو الاستمرار، وليس لفترة موقتة، لتصل بهن إلى مزاولة الرياضة».
حول اللياقة والتدريب الرياضي، أوضحت غريب أن «الكلام للجنسين، ولكنه موجه خصوصاً إلى النساء، بحكم أنهن أكثر عرضة للمتغيرات الفسيولوجية؛ الرياضة والتغذية توأمان منفصلان، لا يمكن الاستغناء بواحد منهم فقط، فلا بد من معرفة القاعدة الأساسية لاستهلاك الطاقة المصروفة للجسم، حيث تكون 70% للتغذية، و20% نشاط الجسم البدني، و10% للرياضي».
تجربة التحكيم الكروي
مسيرة اللياقة البدنية جعلتها قريبة من التحول الرياضي الذي تعيشه الفتاة السعودية، تقول «حرصت أن تكون جميع الدورات التي التحقت بها على يد خبراء معتمدين في الرياضة والتغذية، من السعودية والبحرين، مشيت بلا توقف، خصوصاً خلال الدراسة الجامعية، كان هناك ضغطاً، خصوصاً في سنة التخرج».
تكمل «في آخر سنة جامعية؛ عرض علي أنا ألقي محاضرة عن اللياقة البدنية والتغذية في كورس لمحكمات لعبة كرة القدم. كانت المشاركات من جميع مناطق المملكة، من: الدمام، الخبر، الرياض، جدة والأحساء، وننهي الكورس الذي أقيم في الخبر عملياً ونظرياً».
تضيف «بعدها بثلاثة أسابيع تلقيت اتصالاً من الرياض، للمشاركة مرة أخرى في الكورس ذاته، ولكن هذه المرة في العاصمة الرياض، حيث نلت إعجاب رئيس الحكام والمشاركات، ولله الحمد. وخلال وجودي في الكورس مُنحت مرتين شهادتي محكمة ومحاضرة، وتم تكريمي مدربة لياقة بدنية. ومن خلال الكورس تعلمت بعض القوانين. ولكن لم أتوقع أن أكون حكمة كرة القدم، لكثرة القوانين في هذه اللعبة. وأنا أفضل أن تكون ثقافتي وخبرتي كفيلة بأن أكون حكمة، وأتطلع لمعرفة المزيد».
تكمل «عرض علي ناد في الجبيل أن أكون «حكم مساعد« في أول بطولة للعبة كرة القدم تُقام هناك. كانت تجربة جميلة خرجت منها بإضافات مهمة، منها التعرف على حكمات ولاعبات كرة قدم. وكانت البطولة تضم أربع فرق نسائية، وكان الطاقم الإداري والمنظمين والمتطوعين ولجنة التحكيم كلهم نساء. ونأمل أن نكون فريقاً معتمداً في المملكة كحكمات في كرة القدم، أو فريقاً في هذه اللعبة».
تختتم غريب «حياتي جملة تحديات، فكنت أتعلم لأصل إلى أهدافي، وأرتقي بنفسي في الأهداف التي بنيتها خلال هذه السنوات».