شريفة الشملان.. الموت يُطفيء الشمعة النجدية التي أحبت القطيف خريجة مدارس الزبير وجامعة بغداد مارست الكتابة والعمل الاجتماعي والحقوقي
القطيف: ليلى العوامي
أصولها نجدية، ولدت في مدينة الزبير العراقية، وتلقت تعليمها الجامعي في بغداد ثم فرنسا، عشقت القطيف، التي عملت بالقرب منها لعقود، وتواصلت مع مجتمعها النسائي والثقافي والحقوقي وحتى بعد تقاعدها؛ بقيت مشدودة إلى هذه الأرض، معبرة عن هذا العلاقة «الحميمة» من خلال مقالاتها في عدد من الصحف المحلية.
بعد معاناة دامت أياماً مع فيروس كورونا المُستجد، رافقها فيها شريك عمرها زوجها عبدالله الشملان، أطال الله في عمره؛ رحلت شريفة إبراهيم الشملان إلى بارئها. أمس (الخميس)، ووري جثمانها ثرى الدمام.
كتبت ابنتها منيرة الشملان، ناعية والدتها «بقلوب مؤمنة بقضاء الله ورحمته ارتقت امي وحبيبتي شريفة الشملان إلى رحمة الله تعالى، استودعها الله الذي لا تضيع ودائعه، رحمها الله رحمة واسعة وكتبها من الصديقين وجبرنا في مصابنا ورزقها الفردوس الأعلى».
وكانت الشملان عانت من وعكات صحية متعددة، وخضعت لعمليتي زرع كلية.
فاطمة الشملان تلقي كلمة في منتدى الثلاثاء نيابة عن أمها الراحلة.
من الزبير إلى فرنسا
من على منبر منتدى الثلاثاء الثقافي في القطيف، قدمت الشملان قبل سنوات، نتفاً من سيرتها، قالت في كلمتها التي ألقتها ابنتها فاطمة، نيابة عنها لدواع صحية «كانت ولادتي في جو نجدي في الزبير، واختلاطي بأجواء البصرة العابقة بالتاريخ الزاخر والأنشطة الثقافية والفنية المتجدد دوماً، سبب في نهلي للكثير من المعارف. تنوعت أماكن دراستي من الابتدائية والمتوسطة في الزبير الى الثانوية في مدينة البصرة التي كانت في غاية الجمال بمائها ونخيلها ووجوه أهلها الوضاءة».
النقلة الكبرى – كما وصفتها الشملان – «كانت في بغداد خلال دراستي الجامعية ودراستي الصحافة، إذ أثر بي جو الجامعة في منتصف الستينيات، والمؤتمرات التي حضرناها كطلاب للصحافة، وكذلك المدينة النابضة بالفنون والآداب والسياسة والحركة النسوية، وقباب المساجد التي اعتدنا رؤيتها في لوحات فنانيها تخرجت وتزوجت وسافرت مع ابن عمي زوجي إلى فرنسا. وهناك قابلت ثقافة جديدة وفن آخر ولغة صعبة، جعلت الانبهار يتوالد داخلي».
صدمات ما بعد العودة للوطن
واجهت شريفة الشملان صعوبات عديدة بعد عودتها إلى أرض الوطن، شبهتها بـ«صدمة كصدمة حجرين لصنع النار، نار من نوع آخر تنضج بالداخل، إذ رفضني الإعلام بعد عودتي الى الوطن، فهم لا يريدون النساء، ورفضتني رئاسة تعليم البنات، لأنني درست الصحافة».
عملها في الشؤون الاجتماعية لـ27 عاماً، تدرجت خلالها من اختصاصية اجتماعية حتى وصلت إلى مدير عام للإشراف الاجتماعي النسائي في المنطقة الشرقية، دلها على عمل آخر لم تعرفه من قبل، ولا خطر لها أنه موجود، قالت عنه «عالم من مشاكل تكونت بسبب الجهل والفقر والعوز والعلاقات الغريبة التي كان علينا البحث وحلها. غير أن يديّ خاويتان من أي سلاح، لذا عدت أدرس من جديد وأقرأ باستفاضة في هذا المجال. وأعتقد أني نجحت».
نجحت في تأسيس دار رعاية للفتيات، والتي تعرف بـ«الأحداث». قالت «كنت أريدها لمن هن دون العشرين من العمر، الا أنها أصبحت في النهاية لمن هم دون الثلاثين من العمر. كان هناك في طريقي من وضع العقبات لكني تعلمت القفز على الحواجز، وتعلمت أن أمارس الطاقة الخفيفة للوصول إلى الهدف، ولا أرفع الصوت عالياً إلا في أقصى الظروف».
تكريم شريفة الشملان في منتدى الثلاثاء الثقافي.
إرث ثقافي وأدبي
على مدار 29 عاماً، كتبت الشملان عموداً في «الرياض»، راوحت بين المقالات والقصص، مُثرية المشهد الثقافي والأدبي، مخلفة إرثاً أدبياً غنياً. كما كتبت في «الجزيرة»، و«الشرق الأوسط».
صدرت لها ست مجموعات قصصية، هي: «منتهى الهدوء»، «مقاطع من حياة»، «وغداً يأتي»، «الليلة الأخيرة»، «مدينة الغيوم»، و«طفلة نسيج في نهر».
كتبت الراحلة العديد من البحوث والدراسات، منها: «التعليم والطبابة قديماً»، «الخدمات المقدمة في وكالة الشؤون الاجتماعية والعمل على تطويرها»، و«البرامج المميزة بالجمعيات الخيرية النسائية».
نشاط حقوقي
أسست شريفة الشملان مكتب حقوق الإنسان النسائي في فرع هيئة حقوق الإنسان في المنطقة الشرقية، وعملت به لثلاث سنوات.
وشاركت في مؤتمرات ومهرجانات عدة، داخل المملكة وخارجها، وألقت كلمة المثقفين السعوديين في معرض الرياض الدولي للكتاب عام 2010.
وكانت عضواً في عدد من المجالس والجمعيات الثقافية، منها نادي القصة السعودي، وجمعية الثقافة والفنون، كما كرمت من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والنادي الأدبي في الرياض.
الله يرحمها يارب ويرزقها الجنة ونعيمها
رحمة الله عليها واسكنها الله فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون .
رحمك الله يا صاحبة القلب الكبير كنتي مثالاً يحتذى به في تعاملك وفي أخلاقك وفي سيرتك المهنيه والعلميه يعجزالقلم في وصفك فمالنا الا الصبرفي فقدك إنا لله وإنا اليه راجعون وأعظم الله لكم الأجر والثواب