مطاعم تقدم أغذية «فاسدة».. لماذا لا يُشهر بها؟ متضررون: الغرامة والإغلاق الموقت لا يكفيان
القطيف: صُبرة
لا يكاد يمر يوم؛ حتى ينتشر خبر عن ضبط مطاعم تمارس الغش والفساد في صناعة المواد الغذائية، فضلاً عن مخالفة الاشتراطات الصحية المعمول بها في البلديات والأمانات. ولا تقتصر قائمة المخالفين على المطاعم الصغيرة المنزوية هنا أو هناك، وإنما تضم مطاعم كبيرة ومشهورة، ولها فروع في جميع مناطق المملكة.
تكتفي الأمانات والبلديات ـ بحسب الأنظمة ـ بفرض عقوبات الغرامات، وربما الإغلاقات، لفترة محددة، فقائمة العقوبات تخلو من غيرها، مثل عقوبة “التشهير” في المطعم.وهو مطلب من المستهلكين، خصوصاً المتضررين من مطاعم تناولوا فيه وجبات فاسدة.
إلا أن التشهير يصطدم بعقبة قانونية، لأنه “لا تشهير إلا بحكم قضائي”.
مطالب شعبية
منذ سنوات؛ تصاعدت مطالب شعبية بضرورة التشهير في المطاعم المخالفة للإجراءات النظامية والصحية، حفاظاً على الصحة العامة. وكان هناك توجه في مجلس الشورى قبل نحو 9 سنوات، لمناقشة ضعف العقوبات البلدية تجاه المطاعم والمتاجر الغذائية التي تبيع منتجات منتهية الصلاحية.
ووجد مقترح بضم عقوبة “التشهير” إلى حزمة العقوبات، بهدف الحد من المخالفة، ومساعدة المستهلكين على مقاطعة هذه المطاعم والمتاجر. إلا أن هذا التوجه لم يكتمل بعد.
هذا التحرك، جاء متزامناً مع قيام “حماية المستهلك” بالتشهير بمطعم معروف في الرياض، والدعوة إلى مقاطعته بعد ضبط 3250 كيلوغراماً من اللحوم والأجبان منتهية الصلاحية كانت مُعدة لوجباتها الغذائية، وهو ما اعتبرته لجان في المجتمع المدني “خطوة لردع المتساهلين في صحة المستهلك”، خاصة الأطفال، إضافة إلى تكرار المخالفة في 3 مطاعم لأسماء عالمية في مدينة جدة، التي تم ضبطها من الجهات المعنية، إلا أن هذا التشهير لم يتكرر مرة أخرى، بعد التأكيد على أن عقوبة التشهير لا ينبغي أن تُفعل إلا بحكم يصدر قاض.
حكم قضائي
التحذير من التشهير من دون حكم قضائي، اتفق عليه قانونيون كُثر، منهم الدكتور حسين بوعركي الذي قال في تغريدة على حسابه في منصة “تويتر” “القانون لا يجيز التشهير بشخص مدان بحكم قضائي ونشر حكمه، وإن تضمن النشر إساءة، فقد يشكل جريمة، فالنشر عقوبة تحتاج نص كما نصت قوانين: المديونيات، الاموال العامة، الملكية الفكرية، وكما هي الحال في القانون الفرنسي”.
هيئة الغذاء
في العام 2012، أضافت لجنة الشؤون الصحية في مجلس الشورى عقوبة جديدة إلى مشروع نظام الغذاء، تضمنت إحدى مواد النظام النص على السجن مدة لا تزيد على 10 سنوات، أو بغرامة لا تزيد على 10 ملايين ريال أو بهما معاً، في حال التسبب عمداً بتداول مادة غذائية ضارة بالصحة أو مغشوشة أو ممنوعة، وتجوز مضاعفة العقوبات في حال تكرار مخالفة نظام الغذاء.
وحسب نص المادة الـ16 من الفصل الخامس من النظام؛ فلا يجوز تداول الغذاء إذا كان مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية، أو كان ضاراً في الصحة وغير صالح للاستهلاك، أو كان مغشوشاً أو يحوي على طرق أو وسائل مخادعة أو ممارسة تضلل المستهلك، وأيضاً إذا لم ترفق به البطاقة الغذائية والبيانات الإيضاحية أو لم يكن مسجلاً بهيئة الغذاء والدواء.
المرور والفساد
اشتراطات التشهير، لا تقتصر على المطاعم فحسب، ففي وقت استعدت فيه الإدارة العامة للمرور للتشهير في مخالفي الأنظمة المرورية، أكد مختصون أن هذه الخطوة ستشكل مخالفة لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الصادر عن وزارة الداخلية، الذي يعاقب بالسجن عاماً، وغرامة 500 ألف ريال للتهديد والابتزاز والتنصت والتشهير بالآخرين.
وقالوا إنه “لا يجوز التشهير بالأفراد أو الأجهزة الحكومية، إلا بحكم قضائي”، موضحين أن التشهير “يُعد في حد ذاته عقوبة، ولا يجوز للجهات الحكومية أو حتى لوسائل الإعلام، أن تقوم بالتشهير بالأشخاص من دون سند نظامي أو حكم قضائي”.
في مارس الماضي، صوت مجلس الشورى على تقرير هيئة الرقابة العامة ومكافحة الفساد (نزاهة)، الذي تضمن مقترحاً بتطبيق عقوبة التشهير على المُدانين في قضايا الفساد. في هذه الأثناء، علق قانونيون بإن أي إجراءات للتشهير بالمحكومين في قضايا فساد، يجب أن يكون عبر القضاء.