المرجع السيد الصدر مستضيفاً وفد «اعتدال»: الإرهاب لا يفرق بين سني وشيعي المملكة تنفتح على «كل» العراق.. العائد إلى الحضن العربي
القطيف: صبرة
شهد الشهران الماضيان نشاطاً سعودياً كثيفاً للانفتاح على العراق، بكل مكوناته العرقية والطائفية.. نشاط سعودي رسمي، دبلوماسي، وآخر ثقافي لإعادة العراق إلى الحضن العربي، بعد سنوات من الغياب.
فمن تعزية السفارة السعودية في بغداد في المرجع آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم، وحضور السفير السعودي عبدالعزيز الشمري، مجلس العزاء الذي أقامه السيد عمار الحكيم، للراحل، الذي يُعد أحد كبار مرجعيات النجف الأشرف.
وكذلك تعزية رابطة العالم الإسلامي، ومقرها جدة، في السيد الحكيم. فيما سبق ذلك استضافة الرابطة المرجعيات العراقية؛ الشيعية والسنية، في مكة المكرمة خلال شهر ذي الحجة الماضي. وفي المؤتمر أكد الأمين العام للرابطة الدكتور محمد العيسى، أنه «ليسَ بَيْنَ السُّنةِ والشيعة إلا التفاهُمُ الأخوي والتعايُشُ الأمثل، والتعاوُن والتكامل في سياق المحبة الصادقة، مع استيعاب الخُصُوصيةِ المذهبيةِ لكلٍّ مِنْهُمْ في دائرة دينِهِمْ الواحد».
إلى المواقف التي أطلقها وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر «جوار العراق»، أواخر شهر أغسطس الماضي، حيث قال إن «الروابط التي تجمع بين السعودية والعراق تاريخية، نابعة من الروابط الدينية والعربية والمصالح المشتركة». وتابع “«يسرني الوجود في العراق؛ بلاد الرافدين وأرض الحضارة والعلم والمعرفة».
وأكد أن المملكة «لا تدخر جهداً في دعم العراق في مختلف الأنحاء وعلى جميع الأصعدة»، مشدداً على أن بلاده مستمرة في دعم العراق.
وشدد على أهمية العلاقات السعودية ـ العراقية في التعاون الإقليمي وتعزيز الاستثمار في العراق الذي سيعود بالنفع على الجانبين. ولفت إلى أن السعودية قامت بتأسيس صندوق سعودي ـ عراقي مشترك، بقيمة 3 مليارات دولار، إسهاماً منها في تعزيز الاستثمار في المجالات الاقتصادية داخل العراق.
قبل ذلك، ووقع وزير النقل والخدمات اللوجستية، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للنقل المهندس صالح الجاسر، اتفاق تعاون في مجال النقل البحري مع حكومة العراق.
ويهدف الاتفاق إلى دعم قطاع النقل البحري، ما يستوجب تنمية وتطوير الملاحة البحرية التجارية، والسعي إلى رفع حركة مرور السفن التجارية لنقل الركاب والبضائع، ودعم وتشجيع التبادل التجاري، وتسهيل متطلبات وإجراءات الوصول إلى موانئ كلا البلدين بسفنهما، وكذلك تعزيز تبادل الخبرات والتقنيات بين الشركات والمؤسسات والمعاهد البحرية في هذا المجال.
مركز اعتدال
في هذا السياق؛ تأتي زيارة وفد مركز «اعتدال» إلى العراق، وعقده لقاءات مع شخصيات عراقية مختلفة، ومنها المرجع آية الله العظمى السيد حسين إسماعيل الصدر.
في اللقاء، الذي عُقد قبل أيام، قال آية الله العظمى السيد حسين الصدر «ما أسعدني وأنا أستقبل الوفد الكريم والعزيز القادم من المملكة العربية السعودية.. أرض مهبط الوحي، وما أعظمها من أرض السُنة النبوية، وما أشرفها من سُنة».
وأضاف «كنت سعيداً وأنا استقبل مركز اعتدال، ذاك الاسم الذي يلخص أرض نزول القرآن الكريم، وأرض السُنة المطهرة، هذه السنة انتجت اعتدالاً».
وتابع «ما أحوجنا أن نخرج ثقافة الاعتدال من الشعارات والمحاضرات، إلى منهج عمل وحياة، وما أحوجنا إلى تضافر الجهود لترسيخ ثقافة الاعتدال، علما بأن التطرف ليس خاصاً بمذهب أو طائفة بعينها، وإنما موجود في كل الطوائف وكل المذاهب».
وقال إن «التطرف فكر، والفكر يحتاج إلى فكر مُضاد له، والفكر يحتاح إلى منهجية في الوقوف أمام موضوع رجل الدين، فنحن نحتاج إلى رجل دين يعرف الحياة، غير جامد، ولا أقصد بذلك رجل دين يتلاعب بالدين».
وأكمل السيد حسين الصدر مُخاطباً وفد مركز اعتدال «تبقون رموزاً عزيزة وكريمة، عربية وإسلامية، تحمل الاعتدال، وتطبقه، وتمنياتي لكم وللمملكة العربية السعودية بالخير والسلام، وتحياتي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ونتمتى لكم كل توفيق في مسعاكم وبرامجكم وتحققون أهدافكم».
وفي اللقاء ذاته، شدد رئيس المركز الدكتور منصور الشمري على أن «التطرف والإرهاب لا يفرقان بين سني وشيعي»، وقال إن «محادثاته مع المرجع الديني السيد حسين الصدر تناولت أهمية خطاب الاعتدال ونشره في المنطقة”، موضحاً أن حديث السيد حسين الصدر حول الخطاب الديني «كان خطاباً معتدلاً ومتزناً وهادئاً».
وقال «أكدتُ على الصدر أن هذا الخطاب نحن في حاجته، سواء كان على المستوى السني أو على المستوى الشيعي»، مبيناً أن الخطاب المتطرف «لا يستهف أحداً بعينه، بل هو يستهدف ويهدد الجميع».
وفي نهاية اللقاء، استعرض الشمري مع الصدر سبل التعاون بين مركز اعتدال وجمهورية العراق، موضحاً الرؤية المستقبلية للتعاون المشترك بين الجانبين، وقال «النقاش الآن مع الجانب العراقي هو في إطار تكوين العلاقة بين «اعتدال» والمؤسسات العراقية.
وتابع أنه قدم تعريفاً جيدا بـ«اعتدال»، وأعطينا الجانب العراقي صورة واضحة، ولديهم الآن تصور ملموس حول المركز. وقال الشمري «النقاش مع الجانب العراقي مستمر ونعمل لتكوين العلاقة فيما بيننا».
الفكر المتطرف
يُذكر أن المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) مركز عالمي، مهمته مكافحة التطرف واجتثاث جذوره، والتصدي له وتعزيز التسامح والتعايش بين الشعوب. ويقع مقره في العاصمة الرياض، ويُعد أول مركز مهتم في ثقافة الاعتدال الفكري، ويتم من خلاله رصد وتفاعل وتحليل الفكر المتطرف، بالتعاون مع شبكات اقليمية ودولية.
وتأسس المركز عام 2017، خلال انعقاد القمة العربية الإسلامية الأميركية في الرياض، ودشنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بحضور الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وقادة الدول العربية والإسلامية. يتشكل مجلس إدارته من 12 عضواً من دول ومنظمات، وقد تأسس المركز خلال 30 يومًا، عمل على إنشائه نحو 200 مهندس وأكثر من 2000 عامل.
ويقوم المركز على 3 ركائز أساسية، وهي صناعة خطاب إعلامي يتوافق وثقافة الاعتدال، ويساهم في تعزيزها عبر تعزيزه أيضًا للجانب الفكري، ويقوم كذلك على رصد الأنشطة الرقمية للجماعات الإرهابية.
اقرأ أيضاً:
بعد السفارة السعودية.. رابطة العالم الإسلامي تعزي في السيد الحكيم
السعوديون يعودون إلى ما تركوه قبل 7 عقود.. السفر إلى العراق عبر البحر
السفير السعودي الشمري يشارك في عزاء “آية الله العظمى” السيد الحكيم