“دليل الخليج”.. الترجمة القطرية طمست معلومات استراتيجية عن “الطين الخويلدي” النص الإنجليزي الأصل وثّق أهميته وتصديره
عبد الخالق بن عبد الجليل الجنبي
دائماً ما أنصح الإخوة الباحثين إلى الرجوع إلى المصادر العلمية بلغاتها الأصلية التي كُتبت بها، واجتناب الترجمات التي تُرجمت إليها لأنّ الأعمال المترجمة قلما تخلو من أخطاء، فإذا كان الباحث يمكنه – ولاسيما في وقتنا هذا – الحصول على المصدر العلمي بلغته الأصلية التي كُتب بها، فهذا هو الأفضل له للتقليل من الوقوع في الأخطاء.
ومن الأمثلة على كلامي هذا هو ما حصل في الترجمة القطرية للكتاب الهام جداً، والذائع الصّيْت (دليل الخليج) للمقيم السياسي البريطاني في الخليج جون لوريمر، فقد كنتُ من الذين رجعوا إلى هذه الترجمة في أول الأمر، ثم لما اقتنيت الطبعة الأولى منه التي طُبعت باللغة الإنجليزية في كلكتا بالهند عام 1908م – وهو عام انتهاء لوريمر من تأليف القسم الجغرافي لهذا الكتاب – فوجئت بوقوع الكثير من الأخطاء والمحذوفات منه في الترجمة القطرية، وبعض هذه الأخطاء والمحذوفات يؤثر بشكل كبير على حيّز المعرفة لدينا بخصوص المعلومات المتعلقة بالمادة التي وقع الحذف في المعلومات التي كُتبت عنها في الأصل، أو وقوع الخطأ في ترجمة هذه المعلومات.
ومن الأمثلة على ذلك هو ما حصل من حذف معلومات هامّة جداً من قبل مترجمي الطبعة القطرية تتعلق ببلدة الخويلدية من قرى القطيف المعروفة التي ذكرها لوريمر في كتابه ضمن تعداده لقرى القطيف، فعند الرجوع إلى الطبعة القطرية المترجمة نجد نصَّ ما قالوه عنها هو كالتالي:
“على بعد ميل ونصف غرب جنوب مدينة القطيف.
قرية مسوّرة تشبه القرية السابقة غير أنّ عدد منازلها 150 منزلاً.
أحسن ينبوع هنا يُسمّى القشيرية؟! ويروي القرية“.[1]
هذا كل ما كتبه هؤلاء المترجمون، ولكننا عندما نرجع إلى طبعة كلكتا عام 1908، فسنجدُ مكتوباً عن هذه البلدة ما هذا نصُّه باللغة الأصل:
“1 1/2 miles west south-west of Qatif Town.
A walled village resembling the last, except that the houses here Only number 150.
the fine spring called Qashuriyah waters the village.
and 3 miles to westwards are deposits of fuller’s earth which is exported chiefly to Basrah“.
وترجمته المُثلى إلى العربية تكون كما يلي:
“على بعد ميل ونصف الميل جنوبي غربي مدينة القطيف.
قرية مسورة تشبه الأخيرة – يعني أم الحمام – إلا أن عدد المنازل هنا هو 150 منزلاً فقط، والنبع الممتاز يُسمى (قشورية)، وهو شرب القرية.
وعلى بعد ثلاثة أميال إلى الغرب توجد رواسب من المعادن الطينية التي يتم تصديرها بشكل رئيسي إلى البصرة“.
ولو لاحظنا، فإنّ مترجمي الطبعة القطرية أخطؤوا في كتابتهم لاسم العين (القشيرية)، فهي (القُشُوْريّة)، والأخطر من ذلك أنهم حذفوا المعلومة الأخيرة التي يقول نصها:
“وعلى بعد ثلاثة أميال إلى الغرب توجد رواسب من المعادن الطينية التي يتم تصديرها بشكل رئيسي إلى البصرة“.
فلوريمر يشير في هذا النصّ إلى المكان المعروف بـ(المطائن) الواقع غربي بلدة الجارودية بين عيني الخُنيْسْفانية والحَصَميّة، وهو المكان الذي كان الخويلديون يستخرجون منه الطين الذي عُرف بهم لأجل ذلك، وهذا كله معروف؛ إلا انّ المعلومة النادرة هو قوله إنّ هذا الطين كان يتمُّ تصيره بشكل رئيسي إلى البصرة، وهي معلومة محلية هامّة، ولكنها جاءتنا في هذا النصّ موثٌّقة لتفيد بأنّ هذا الطين كان سلعة تجارية رائجة في ذلك الزمن، وأنّ شهرته قد تعدَّتْ موضع استخراجه، وهي القطيف لتصل إلى البصرة؛ حيث يُفهم من النصّ أنه كانت له شهرة كبيرة في أسواقها هي الأخرى.
وبهذا ينضمُّ الطين الخويلدي إلى جملة السلع “الاستراتيجية” المُصَدَّرة التي اشتُهرت أرض القطيف المعطاءة بها على مرّ التاريخ، وهي:
- اللؤلؤ.
- السَّلُوْقُ.
- النّفْط.
- الغاز.
- الطين الخُويلديّ.
لتثبت هذه البلدة الطيبة أنها كانت على مرّ التاريخ أرضاً معطاءةً، ومليئة بالخيرات للوطن الكبير.
———–
[1] ج. ج. لوريمر: دليل الخليج؛ ترجمة قسم الترجمة بالديوان الأميري القطري (الدوحة: مطابع علي بن علي دت)؛ ج5: 1883.
السؤال الغريب المشهور اسمه الطين الخويلدي ؛ ليأتي مجموعة من أهالي الجارودية وخرجوا على التلفاز ويدعون أنه ليس من الخويلدية بل هو من الجارودية ؛ ولكن أنا شاهدت في صغري يباع في بلدتنا ويوزن بالميزان ، وذكر لي الوالد أن موقع المطينة الرئيسية التي يصدر منها تقع شرقي مستشفى القطيف المركزي إلى الشمال من الإسكان المنشأ حديثا شرق المستشفى وكان سابقاً في بداية إنشاء مستشفى القطيف قلب ظهور السكن وسفلت الشارع في الموقع بضع أشجار من الإثل ، وهذه المنطقة لا تتبع قرية الجارودية ؛ بل كانت منطقة نائية جنوب غرب قرية الجارودية وشمال شرق قرية أم الحمام بينها وبين بلدة الجارودية آنذاك من 3 كيلو مترات أما الصورة فتوضح المنطقة الواقع شرق خزانات البيدر ، وقد سمعت من جدي أنه في المنطقة التي تقع شمال خزانات البيدر توجد مزارع كثيرة لأهالي الخويلدية والآن طالها العمران ودخلت في بلدة الجارودية ، والواقع من الخطأ الأخذ من طرف واحد ؛ وللوقوف على الحقيقة لابد من قصد مجموعة من كبار السن في الخويلدية لتحري الحقيقة . كما أن تلك المنطقة المذكورة هي التي يصدر منها الطين إلى البصرة وغيرها وقد أخبرني الوالد بذلك ولكنها ليست المنطقة الوحيدة التي يستخرج منها الطين ، والسؤال إذا كان موقع المطينة في الجارودية ؛ فالمفروض أن تكون النسبة ” الطين الجارودي ” لا الطين الخويلدي ” .
هناك تجارة بين القطيف ومختلف دول العالم وتصدير واستيراد وقد اشتهر أيضًا الليمون القطيفي في دول الخليج.