[سيهات] محمد الهزاع.. حين ترحل؛ من سيبتسم لمرضى «داركوف»؟ «السكنسل» تسبب في تقاعده المبكر.. فواصل العطاء في الجمعية وحسينية العائلة
سيهات: شذى المرزوق
آن لآلام محمد علي حسين الهزاع أن تنتهي. اليوم (الأربعاء)، انتهت نهائياً وإلى الأبد بعدما لازمته لعقود، انتهت برحيله الأخير فجراً، مسلماً روحه إلى بارئها، مخلفاً حزيناً عميقاً في قلوب أسرته وكل من عرفه.
المرضى من مراجعي مجمع «داركوف الصحي» التابع لجمعية سيهات للخدمات الاجتماعية، قد يكونوا أكثر من سيفتقد ابتسامة الهزاع، الإداري في هذا المجمع. رغم آلام ونوبات تكسر الدم الحادة لم تكد تغب تلك الابتسامة.
قبل قليل؛ وارت سيهات جثمان الهزاع، ثرى جبانتها. ومن المقرر أن تتلقى الأسرة التعازي في حسينية الإمام المنتظر (الشاخور)، عصراً، ومساءً للرجال.
وقال زوج اخته ايمان، صديقه ناصر الخاتم لـ«صُبرة» «إن الراحل عمل موظفاً في البنك الهولندي، وقد دفعته الأزمات الصحية التي كانت تنتابه إلى التقاعد الصحي المبكر قبل حوالى 8 إلى 10 سنوات، فقد إثر ذلك مورد رزقه، قبل أن ينتقل للعمل إدارياً في المجمع الصحي «داركوف». وصفه بأنه «أخ عزيز، محبوب، خلوق جداً، اجتماعي، وكثير التواصل».
حسين العباس، القائم على مسجد العباس في حي الخصاب، قال عن الهزاع، وهو أحد أقاربه «المرحوم قمة في الأخلاق. خسرنا شخصية مجتمعية محبوبة، ضمته جمعية سيهات في طاقمها الإداري بصدر رحب، وهناك سخر كل إمكاناته لإدارة عمله في «داركوف» بكل تميز، وبما يستطيع، رغم ظروفه الصحية».
أشار إلى أنه كان «قريباً من الكل، محبوباً من الصغار والكبار في العائلة وخارجها، يكفي أن تسمع طفلاً صغيراً وهو يناديه «يا عم»؛ لتعرف كم كان قريباً ومحبوباً، فمشاعر الأطفال صادقة».
دائم الابتسامة.. محتسب على الألم
من جانبه؛ علق محمد حسين النصر، على رحيل الهزاع، بالقول «من ناحية عائلية؛ هم أخوة (يقصد عائلة الراحل)، جبلت أنفسهم على محبة الجميع، ومع أن علاقتي أقوى بأخيه حسين؛ ولكن أثناء زيارتي له؛ كنت اتواصل مع المرحوم، واسمع منه طيب الحديث. هو رجل طيب، دائم الابتسامة، لطيف المعشر».
ابن عمه علي خليفة الهزاع؛ بحزن قال «يعجز اللسان عن وصف أخلاقه العالية، ميزته الأولى ابتسامته، فهو دائماً مبتسم، حتى عندما يلتقي بك؛ رغم التعب الذي يشعر به من المرض المُبتلى به، فهو صابر محتسب على ما ابتلاه الله به».
حاضر في المجالس الحسينية
كتب عنه المعلم ومربي الأجيال عيسى الصليل «رحمك الله ايها الشاب المؤمن، يا أبا علي، ايها الأخ العزيز، يا من أنست به كثيراً وبحديثه الشيق، وحشرك مع الطيبين الأبرار؛ محمد وآله الأخيار صلوات الله عليهم أجمعين»، مضيفاً «كان رحمه الله من الشباب المؤمن، تربطني به وبوالده المرحوم وبإخوته الكرام علاقة قديمة، فلقد كان والده ممن يحضر مجلس التعزية الأسبوعي (ليلة الثلاثاء) في بيتنا بالديرة، في أغلب الأسابيع، كما أنه أيضاً كذلك في بعض الأسابيع، وهو رحمه الله من خدام سيد الشهداء، فقد كان يقيم القراءة الحسينية أسبوعياً في مجلسهم العامر، هو وإخوته الأعزاء، وقد وفقت مراراً لحضور هذه التعزية، وقد كان (رحمه الله) المتكفل بإحضار الخطيب بسيارته وإرجاعه بعد القراءة. وهذه من التوفيقات الإلهية التي حظي بها هذا المؤمن».
وأشار إلى أنه كان «ملتزماً حضور صلاة الجماعة، والمشاركة في حضور المناسبات الدينية، ووفق مراراً كثيرة لزيارة الرسول وفاطمة الزهراء وأئمة البقيع صلوات الله عليهم أجمعين، ما يدل على تعلقه بسادة الخلق. وكان إنساناً خلوقاً ومتوازناً في تصرفاته وتعامله، ولا تكاد الابتسامة تغادر شفتيه، مع ما بِه من مرض فقر الدم المنجلي (السكنسل)، ولكنه يحمل بين جوانحه إرادة إيمانية قوية، جعلته يمارس حياته الطبيعية كغيره من الناس، ويعمل لحفظ نفسه وعائلته عن سؤال الناس، كما وفق للزواج والذرية الصالحة، وهو من هذه العائلة الكريمة والعريقة في سيهات المحروسة، المعروفة بإيمانها وطيبها وأخلاقها».
ولفت إلى أنه رحل «في هذا اليوم؛ حيث ذكرى وفاة سيد الخلق الرسول محمد صلوات الله عليه. لبى نداء ربه بعد صراع مع المرض.. فإلى عفو الله ورضوانه ايها الأخ الغالي».
ورثاه سالم السالم، بقوله «بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره؛ يتقدم مجلس السالم بأحر التعازي وصادق المواساة بفقدنا المرحوم محمد علي حسين الهزاع، رحمة الله تعالى عليه. فإنا لله وإنا إليه راجعون. عظم الله لكم الأجر وأحسن الله لكم العزاء».
رحيل على عجل يا محمد
وبمشاعر جياشة؛ كتبت جيهان يعقوب مرزوق، المدير المالي، نائب المدير العام في «داركوف السعودية» سابقاً «استعجلت الرحيل يا محمد. رحلت وروحك وعطاءك مايزالا حيين. رحلت وفي الزوايا لاتزال ابتسامتك جالسة بهدوء، والأجواء تزخر بدعوات من القلب لك».
وخاطبت روحه قائلة «يا محمد، يا أبا علي، يا هزاع (هكذا كنا نناديك)، رحلت؛ لكنك باق يا صاحب الفزعات والمواقف لمن يعرف، ومن لا يعرف. سيهات اليوم تنعاك، سيهات وأهلها حزينون لفقدك. «داركوف السعودية» بكل من فيها اليوم تبكيك، وأنا اليوم حزينة جداً لفقدك.. سنوات طوال من العمل معك، بحلوها ومرها، وبجميع تفاصيلها مرت اليوم أمامي. اتذكر جيداً كيف بدأت وإلى أين وصلت. اتذكر جيداً كل إدارة احيلت إليك وقبلتها بصدر رحب. اتذكر جيداً ورشات العمل معك والاجتماعات التي كنت تجلس فيها أمامي تفكر، تتحدث، تحاول إيجاد الحلول. اتذكر وجهك حين تسعد بإنجاز، أو تخاف من فشل، اتذكر محاولات العطاء المستمرة عندك، حتى في لحظات المرض. اتذكر جيداً دعوات المرضى لك، وطمأنينة الموظفين بوجودك».
واصلت مرزوق طرح الأسئلة على روح زميلها الراحل «لماذا رحلت يا محمد هكذا دون حديث؟ رحلت بصمت. لايزال الكثير لم نتحدث عنه، ولم أخبرك به. كنا فريقاً على الدوام حتى مع التغير المتكرر للإدارات إلى ان كنا: فوزي اليوسف، محمد. الهاشم، سماح أبو حصيرة، أنت وأنا، الفريق الأخير الذي جمعني وإياك. عملنا بحب، عملنا بجد، وانجزنا رغم كل المعوقات والصعاب. مؤلم اننا افترقنا كفريق عمل، لكن ألم رحيلك كان الأشد. دمعة عين ساخنة، ودعوة من القلب لك بالرحمة والمغفرة والعفو، ولذويك ومحبيك الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون».
رجل الفزعات
لم يكن العمل هو فقط ما جمع فوزي اليوسف، مدير «داركوف» السابق، مع الراحل، يقول «منذ الصغر إلى ان أصبحنا رجالاً والمودة والمحبة والخير يجمعنا. إلا ان سنوات عملي معه، سواءً في جمعية سيهات أو «داركوف السعودية»، خاصة السنوات الأخيرة هي التي تعلق في الذاكرة اليوم. كنا نقضي ساعات وساعات معاً في العمل.. أصبحنا عائلة، قبل أن نصبح فريقاً واحداً».
يصف تلك المرحلة بأنها «ساعات كنا نقضيها بمتعة وبرغبة جامحة في الإنجاز. محمد هزاع (أبو علي) أحد أركان الفريق. عطاءه ليس جديد. هو أحد متطوعي جمعية سيهات الدائمين. كان لا يكل ولا يمل. شخصية منفتحة، خدومة، صاحب فزعة. ابتسامته تهزم أي شعور سيء قد يعتريك. كان يقف وقفة رجل، لا انفك اتذكر موقفه الأخير ونحن في أوج الصراع مع «كوفيد-19»، رغم خطورة الموقف عليه؛ إلا انه لم يتنازل ألا ان يكون جزءاً من فريق العمل».
يضيف «كنت ألاحظ دوماً مدى تعلق الموظفين والمرضى به، وأدرك تماماً ان فن التعامل أحد فنونه.. يعرف تماماً كيف يصل القلوب، وكيف يقضي الحاجات، وكيف يظهر في أوقات الشدة».
بقلوب مؤمنه بقضاء الله ينعاه اليوسف اليوم، ويدعو له بـ«الرحمة والمغفرة والغفو. ونسأل الله لأهله وذويه الصبر.. إنا لله وإنا إليه راجعون».
انتقلت الفاتحه من مجلس السالم الى حسينية الامام المنتظر (شاخور)