أشواق عاشقة «فلونة» و«سالي».. اخترعت «زعفرانة».. فكانت «أول الغيث» شخصية «مُتعبة» تجمع الكوميدية والإنسانية لتقديم رسائل تربوية

الرياض: معصومة الزاهر

في سنوات طفولتها المبكرة؛ نشأت علاقة خاصة بين ‏‎أشواق العواد و«سالي»، التي «ولدت» في مسلسل «انيمي» ياباني، قبل أشواق بعام واحد (1985). احبتها، احبت المسلسل المُقتبس من رواية شهيرة للكاتبة فرانسيس هودسون برين «الأميرة الصغيرة». تصفه بأنه كان «ذو عمق إنساني».

كما تأثرت بمسلسل «فلونة» الياباني أيضاً، وهو كذلك مُستوحى من رواية «عائلة روبنسون السويسرية»، للكاتب السويسري جوهان رودلف ويس، والذي عُرض لأول مرة في 4 يناير 1981.

هامت الطفلة أشواق بـ«هايدي»، وهو مسلسل «انيمي» آخر اُنتج عام 1974، وصمم رسومه المتحركة هاياو ميازاكي، مُقتبساً هو الآخر من رواية «هايدي»، للكاتبة السويسرية يوهانا شبيري.

علاقة العواد هذه لا تخرج عن سياق علاقة مواليد ثمانينيات القرن الميلادي الماضي (أشواق من مواليد 1986) بمسلسلات الرسوم المتحركة، فهذا الجيل (صبياناً وفتيات)، لم يفوت مسلسلاَ عرضتها الشاشات العربية بعد  دبلجتها إلى العربية.

«سالي» بطلة مسلسل كرتوني يحمل الاسم ذاته والمقتبس من رواية «الأميرة الصغيرة».

«الشقيقتان» على كراسة المدرسة

‏‎كبرت أشواق؛ القصيمية الأصل، التبوكية المُولود، والتي تسكن العاصمة؛ الرياض حالياً. أصبحت فتاة في الخامسة عشر. حينها بدأت في كتابة قصص على كراريس المدرسة، وضعت لها فهرسًا، كانت لا تعدو «مجرد محاولات للكتابة»، إن شئت سمها «خرابيش».

كان يسكنها حماس طفلة أصبحت مراهقة، ولكنها وجدت من يُحفز هذا الحماس؛ أمها التي دعمتها لتصدر «الشقيقتان»، وشاركت في أعمال رسوم متحركة مثل حلقة «شديد وتمام» لشركة «آراء».

«الشقيقتان» أصدرته أشواق قبل أن تكمل عامها السابع عشر.. وشهادة إيداع الكتاب في مكتبة الملك فهد الوطنية.

عند بلوغها عامها العشرين؛ بدأت دخول عالم إنتاج الرسوم المتحركة، رغم أن دراستها الجامعية حينها كانت بعيدة نسبياً عن هذا العالم؛ إذ كانت تدرس إدارة الأعمال. لكنها كانت تهوى التعلم ذاتياً.

«فلونة» المُستوحى من رواية «عائلة روبنسون السويسرية».

مسلسلات الكرتون اختلفت

مسلسلات الكرتون المعروضة حينها؛ اختلفت كثيراً عما كانت تشاهده أشواق في طفولتها، قالت لـ«صُبرة» «من خلال ملاحظتي لأفلام الكرتون في الماضي والحاضر؛ لمست اختلافاً كبيراً في الطرح، سواءً في الأفكار أو طريقة العرض.. الأفلام المعروضة حالياً للصغار كانت تُصنف في الماضي للكبار. وهذا الأمر أدى إلى تشوه أفكار الأطفال».

أضافت أن «سلوكيات الطفل لم تعد كما كانت في السابق؛ تلوثت براءته، حتى بعض العادات والثقافة التي تربينا عليها، مثل احترام الكبير، وعدم رفع الصوت، كلها بدأت تتلاشى. وعندما نناقش الطفل بهدوء عن خطأ أرتكبه أو ننهاه عنه؛ قد نتفاجأ من أسلوب رده».

‏‎السبب – كما ترجح العواد – هو متابعة أفلام الكرتون، كما لا تستبعد أن يكون «شخصيات واقعية تعود بأفكارها أو أشكالها لمجتمعات وثقافات لا تنتمي إلى ثقافاتنا العربية، ولا ترتقي بها. نحن بحاجة لتربية أطفالنا تربية سليمة، فنحن مسؤولون أمام الله عن فلذات أكبادنا».

«زعفرانة» كركتر ابتكرته أشواق العواد.

المعادلة الصعبة

تزوجت أشواق العواد، أصبح لديها أطفال، تخيلوا أنها اليوم تقول «لا أحب أن يتابع أطفالي أي شخصية من أفلام الكرتون التي تُعرض اليوم. وفي الوقت ذاته؛ لا أرغب أن أكون أماً صارمة وأبعدهم بشكل كامل عن الشاشة، فمن حق الطفل أن يمارس طفولته بما يتماشى مع العصر الحديث، لكن وفق ضوابط لا تخرج عن العادات والتقاليد في مجتمعنا».

ألا يبدو إيجاد هذه المعادلة مهمة صعبة أو مستحيلة؟

كان على أشواق إيجاد حلولها الخاصة، تقول «ابتكرت شخصية موجودة تقريباً في كل بيت، وهي تأتي في المرتبة الثانية بعد الأم، وإن كانت غريبة، فهي تتحمل مسؤولية الأولاد في حال غياب الأم؛ مُدبرة المنزل».

تبرر هذا الاختيار «لأن المُدبرة – هي لا تفضل استخدام مصطلح «العاملة المنزلية» – شخصية تجد الكثير من المتاعب في الغربة»، مضيفة «طرحت أفكار شخصيتي التي اخترت لها اسم «زعفرانة»، بطابع كوميدي يحاول جذب أفكار الطفل نحو المعاملة الإنسانية تجاه الناس جميعاً. حاولت أن اسلط الضوء على متاعب «زعفرانة» مع الطفل الأصغر في العائلة، لأنه من وجهة نظري؛ يجب ان نبدأ بالتربية السليمة من البيت، من خلال تعامله مع المُدبرة، والأضعف فالأضعف».

من رسومات أشواق العواد.

«زعفرانة» – من وجهة نظر أشواق العواد – ليست هدفًا تربويًا فقط؛ بل «إسلامي وعلمي، فأنا‏‎ أحاول باعتباري أماً وامرأة مسلمة ومواطنة سعودية، أن أجذب الطفل إلى التصرف السليم، عن طريق رسم شخصيات ‏‎كرتونية، فيها شيء من تعاليم الدين الإسلامي، متمنية النجاح في هذا المشروع».

تجهد أشواق لتحقيق هذا النجاح من أجل صغيرتها كيان (سنة ونصف السنة)، ابنها عبدالله (4 سنوات)، وهو طفل «ذكي جداً»، يحب الأرقام، وأيضاً اللغة الإنجليزية، وكذلك رند، التي تحمست مع أمها وتسجل معها «الانيمي»، ولديها نفس ميول أشواق.

ومن أجل أطفالي أنا، وبقية الأطفال السعوديين والعرب، وربما غيرهم، فيما لو نجح مشروعها ووصل إلى العالمية.

هل يبدو ذلك مستحيلاً؟

لا؛ فالمشاريع الصغيرة تكبر بالعزيمة والإصرار. يبدو أن في داخل بنت العواد كم كبير منهما.. ننتظر وسنرى.

«بلال» واحد من الأفلام والمسلسلات التي قدمها شبان وفيات سعوديين بجهود ذاتية أو بتمويل مؤسسات إنتاج.

أفلام ومسلسلات كرتون سعودية

بجهود فردية، أو بتمويل من مؤسسات إنتاج؛ خاض سعوديون وسعوديات خلال السنوات الماضية، تجارب متعددة في إنتاج أعمال كرتون أو «انيمي»، سواءً على شكل مقاطع قصيرة، أو أفلام متباينة المدة، وحتى المسلسلات.

بحسب موسوعة «ويكيبيديا»، فإن أشهر هذه الأعمال هي:

بلال (فيلم)، غزوات الرسول (مسلسل)، يعرب (مسلسل)، سنبر (مسلسل)، كنز الحطاب (فلم قصير)، المصاقيل (مسلسل)، الموت مرتين (فيلم قصير)، علوم فنجال (مسلسل)، سعود وسارة (مسلسل)، يوميات مناحي (مسلسل)، مزنة آند فاملي (مسلسل)، شديد وتمام (مسلسل)، طيش عيال (مسلسل)، شوربة وخل (مسلسل)، حارة أبو حديجان (مسلسل)، الأشبال (مسلسل)، شهيد العالم محمد الدرة (فيلم)، محمد الفاتح (فيلم)، أسد عين جالوت (فيلم)، طارق بن زياد (فيلم)، رحلة الخلود (فيلم)، أبن الغابة عن قصة حي بن يقظان (فيلم)، مسرور في جزيرة اللؤلؤ (فيلم)، القراصنة وكنز الذهب (فيلم)، علي بابا والأربعين لصاً (فيلم)، حكايات العم حكيم (فيلم)، حلم الزيتون (فيلم)، جزيرة النور (فيلم)، المُهند وفريق الننجا (فيلم)، فارس الأندلس (فيلم)، عيال نوير (مسلسل)، تمرتون (مسلسل)، سلمان الفارسي ونساء عظيمات في عهد رسول الله (أفلام قصيرة).

الأمين العام لـ«مسك» بدر العساكر خلال توقيع مذكرة التفاهم مع «ديجيتال هوليود» اليابانية.

«مانجا مسك» تفتح آفاقاً للسعوديين

قبل سنوات؛ أعلنت مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية (مسك)، عن إطلاق شركة «مانجا للإنتاج»، التي تولي اهتماماً كبيراً لقطاعي أفلام الرسوم المتحركة والألعاب الإلكترونية والقصص المُصورة.

تهدف الشركة غير الربحية، إلى «نشر محتوى إيجابي للعالم تحمل فيها ثقافة وتاريخ وتراث شبه الجزيرة العربية باحترافية شباب المملكة وإبداعهم وتميزهم في المحتوى».

تحرص «مانجا» على إنتاج مشاريع رسوم متحركة وألعاب فيديو تهدف إلى «إيصال الرسالة السعودية عالمياً، من خلال أعمال احترافية تتضمن محتوى إبداعياً مميزاً. وركزت على نقل تقنيات صناعة المحتوى من الدول المتقدمة في هذا المجال (تحديداً اليابان الرائد في «الانيمي»)، مع رعاية المواهب الشابة السعودية والعربية لصناعة قصص مُصورة ورسوم متحركة، مع الحرص على غرس القيم والأخلاق الحميدة بين الأجيال الصاعدة».

في عام 2017؛ أبرمت «مسك الخيرية»، مذكرة تفاهم مع جامعة «ديجيتال هوليود» في اليابان، المتخصصة في تعليم وإعداد مصممي ومبرمجي المحتويات الإبداعية، كألعاب الفيديو والرسوم المتحركة.

يومها؛ أكد الأمين العام لـ«مسك» بدر العساكر، حرص المؤسسة على «تقديم مبادرات نوعية تسهم في تأهيل الأجيال السعودية الصاعدة وتعليمها بأحدث الأساليب وأفضل المهارات».

عقدت «مسك الخيرية» عبر ذراعها؛ عبر شركة «مانجا للإنتاج»، شراكات مستقبلية في اليابان، تشمل التعاون في إنتاج الرسوم المتحركة وتطوير ألعاب الفيديو.

بوستر فيلم «الرحلة».

كما وقعت الشركة اتفاقات أخرى محلية وإقليمية، أثمرت عن إنتاج أعمال سعودية عدة، منها: «الرحلة»، أواخر يونيو الماضي، الذي دشن عرضه الخارجي الأول في العاصمة اليابانية؛ طوكيو، وتحديداً في قاعة «أساهي» العريقة، بحضور شخصيات من البرلمان الياباني ورؤساء شركات يابانية مرموقة، وأيضاً بحضور إعلامي كبير، إضافة إلى فناني الدبلجة اليابانيين من مؤدي الأصوات.

في ما كان العرض الأول للفيلم في العاصمة السعودية؛ الرياض، وتنقل لاحقاً بين جدة ودبي، وتسع دول عربية أخرى، وهو متوفر أيضاً بتقنية الـ4DX، وهو أول فيلم سعودي يقدم هذه التجربة للجمهور. والفيلم للمخرج الياباني الشهير شيزونو كوبون، ويجسد أصالة الثقافة السعودية، حيث استُوحيت فكرته من تاريخ الجزيرة العربية.

 

بوستر «أساطير في قادم الزمان» خلال عرضه في اليابان.

كما قدمت «مانجا» مسلسل «أساطير في قادم الزمان»، الذي يعرض حكايات التراث المُتناقلة بين سكان الجزيرة العربية منذ القدم. ويُعد المسلسل نافذة على التاريخ، حيث يربط الأطفال بالقيم والأخلاق والعراقة العربية، ويُعرّفهم بتقنيات المستقبل، ويحتفي باللغة العربية وجمالها بمحتوى إبداعي مُلهم. وجرى عرض المسلسل في 19 منصة ومحطة في: اليابان، الصين، تايوان، أميركا وغيرها.

تعليق واحد

  1. ماشاء الله جميل جدا اشواق
    نترقب زعفرانة بشوق
    وشكرا لصحيفة صُبرة لدعم الطاقات الشابة في البلد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×