عبر مجسمات “البنياتا”..سندس تصنع السعادة من الضرب بالعصا تركت عالم الأرقام.. ووجدت نفسها بين الألوان والورق

16 نوفمبر، 2021آخر تحديث: 16 نوفمبر، 2021

القطيف: شذى المرزوق

تقضي سندس أوقاتاً طويلة بين خامات متنوعة داخل ورشتها المصغرة؛ وبعد ساعات من العصف الذهني، والعمل الجاد، تصنع أشكالاً دائرية وأخرى كرتونية، تزينها باللؤلؤ، والشرائط الملونة، ولإيضاح التفاصيل الصغيرة، تستخدم الإسفنج اللامع، والأسلاك.

ورغم طول الوقت وكثرة الجهد، لا تشعر سندس بالتعب، عندما تكون الحصيلة النهائية، مجسمات “بنياتا” التي ترسم بها علامات السعادة على الوجوه، ليس لسبب، سوى أن هذه المجسمات تتصف بدقة التفاصيل، والألوان الزاهية وتنوع الشخصيات والرسومات.

ويكثر الطلب على هذه المجسمات، لقدرتها على إضفاء البهجة في النفوس، سواء في الفعاليات العائلية أو حفلات الأطفال، أو الأصحاب، وحتى أنشطة المدارس.

ولمن لا يعرف، “البنياتا” مشروع ترفيهي جديد، دخل عالم الأعمال والسوق المحلية، ومنشأ الفكرة الأصلي المكسيك، وتم تداولها محلياً خلال العامين الماضيين، وهي عبارة عن مجسمات، إما كرتونية أو ورقية؛ يتم تشكيلها لتصبح مشابهة لشخصيات الأطفال المحببة، تتم تعبئتها بأنواع الحلويات والألعاب.

وفي ختام الحفل، يتناوب الصغار والكبار على ضربها بالعصا، حتى تتناثر محتوياتها، وتضفي عليهم أجواءً من البهجة والحماس.

عالم المحاسبة

من عالم المحاسبة والأرقام، لعالم الفن والألوان، انتقلت سندس السني، حاملة معها رغبة جديدة وميولاً مختلفة، لم تدركها إلا بعد أن أصبحت أماً.

وحصلت سندس على بكالوريوس المحاسبة من جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل بالدمام، واكتشفت نفسها في فن صناعة “البنياتا”، والبداية كانت من فعاليات رياض الأطفال، ما ألهمها لفتح مشروعها الخاص.

تتحدث سندس عن بداياتها، وكيف اكتشفت شغفها الجديد بعالم الألوان والمقص والخامات المتنوعة، لتصنع تشكيلات من “البنياتا” برسومات كرتونية مختلفة وجميلة، وتجد نفسها في عالم الأعمال خلال أقل من سنة.

كراس الرسم

وتقول سندس “بعد تخرجي من الجامعة عام 2015، شاء الله أن أضع مولودتي الأولى (شيرين)، التي تبلغ من العمر الآن 5 سنوات”.

وتضيف “أستطيع التأكيد على أن إحساس الأمومة والخوف على طفلتي، لم يشجعني على العمل والتقدم للوظيفة، ووجدت وظائف عدة أمامي، لكنني صرفت النظر عنها، بسبب طول ساعات الدوام، وعدم رغبتي بترك طفلتي، بعدها رزقني الله ابنتي الثانية ديمة (3 سنوات)، وتفرغت بشكل كامل لهما، حتى وجدت نفسي في كراس الرسم وأقلام التلوين والورق الملون بفضل ابنتيّ، واستهوتني مشاريع الأطفال وفعاليات الترفيه لهم”.

حروف الهجاء

وتُكمل سندس “في فبراير الماضي، ألحقت طفلتي بإحدى رياض الأطفال القريبة، وكعادة الروضات، يتم تفعيل حروف الهجاء عن طريق أعمال يدوية بسيطة، لترسيخ الحرف في ذهن الطفل”.

كنت استمتع جداً بصنع القصاصات، لتفعيل الحرف أسبوعياً واعطائها لطفلتي، وأترقب رأي معلمتها بشغف، واستمد من هذا المشهد الكثير من الحماس”.

وتقول “بلا شك، كنت أتلقى الكثير من التشجيع، ما دفعني إلى صنع مجسمات أكبر وأكبر، حتى اكتشفت أن هذا هو ميولي، وهذا هو شغفي، ففي كل مرة، كنت آمل أن أصنع مجسماً أكبر حجماً وأكثر دقة”.

التحدي الأول

وتواصل سندس حديثها “في الأول من شهر مارس الماضي، سألتني إحدى القريبات إن كنت أستطيع تنفيذ مجسم “بنياتا” بشكل “فلامنجو”، وقلت لمَ لا.. فقد اعتبرته بمثابة تحدٍ بالنسبة لي، وتم تنفيذ المجسم مع بعض الأخطاء التي تعلمت منها لاحقاً، وكانت هذه أولى الطلبيات”.

وأضافت “حرصت على تطوير نفسي، والتعرف أكثر إلى كيفية صناعة “البنياتا”، بالبحث والتقصي في المواقع المكسيكية، ومشاهدة طريقة صنعها بشكل دقيق من صنّاعها الأصليين، وخلال 8 أشهر، تعلمت الكثير.

الطلبية المفاجأة

وتقول “8 أشهر من العمل طورتني، وصنعت لي اسماً و”لوغو” خاصاً بي، وكانت المفاجأة حين جاء أحدهم وتقدم بطلب 700 مجسم بنياتا لموسم الأعياد لأحد محلاته التجارية، وجدتني اعتذر إليه، لعدم قدرتي على تنفيذ هذا الكم الهائل في وقت ضيق، ومن هنا، تولد لدي شعور بطموح أكبر، وبات لي هدف جديد”.

الدعم والطموح

وعن هدفها الجديد أوضحت سندس “آمل أن أتمكن من بناء ورشة خاصة لصنع البنياتا، وتدريب بعض الموهوبات لمساعدتي في تنفيذ أكبر قدر ممكن من طلبات الزبائن”.

وتكمل “تلقيت الكثير من الدعم من الأهل والأصدقاء على وسائل التواصل الاجتماعي، سواء بالكلمة الطيبة أو حتى بطلب منتج، وبالطبع زوجي كان من أوائل الداعمين والمقدرين لعملي، وفي كثير من الأحيان كنت الجأ له في حال واجهتني بعض الصعاب أو الحيرة في بناء بعض تفاصيل المجسم، بالإضافة لعائلتي وأخوتي الذين كانوا دائماً داعمين لي بالشعور والكلمة المشجعة والتحفيز المستمر”.