أثير السادة يعيد القوة إلى صور تاريخية بتلوينها مشروعٌ بدأه تسلية ولا يعرف متى يُكمله
القطيف: صُبرة
يعرف كيف بدأ، ولكنه لا يعرف كيف يُكمل. ولا إجابة لديه عن هذا السؤال المهمّ الذي يُمكن أن يقدّم الكثير لتراث المنطقة الشرقية عموماً، وتراث القطيف خصوصاً. الفكرة هي تناول صور أرشيفية قديمة، من التراث الذي تركه المصورون الأجانب في حقبة سابقة، ومن ثمّ تلوينها، لا لتكون أجمل فحسب؛ بل لتكون أكثر دلالة على زمنها بكل ما يحمل من إشارات بيئية وإنسانية وثقافية.
مشاريع ضخمة
على مستوى العالم؛ هناك مشاريع فوتوغرافية ضخمة لتحويل صور الأرشيف الأحادية “أسود وأبيض” إلى صور ملونة. ويزخر الفضاء الإليكتروني بالكثير من البرامج والدروس التي تشرح طرق إنجاز هذه العملية. لكنّ الموضوع ليس بهذه السهولة، ليس بسهولة أن تجعل برنامجاً ما يلوّن الصورة التي تضعها فيه. الموضوع مرتبط ببيئة الصورة وفهم زمنها ومجتمعه، وحقائق كثيرة لا يقرّرها برنامج إليكتروني لا يشعر بحياة الناس.
عناصر القوة
ويقول الفوتوغرافي أثير السادة “أن تلون صورة أحادية يعني أن تعيد إليها جزءاً من المتن المفقود، فاللون هو حكاية من حكايا الصورة، والأبيض والأسود يملكان القدرة على الاختزال والتكثيف غير أنهما يُفقدان الصورة الوثائقية ـ في أحيان كثيرة ـ واحداً من عناصر القوة والتأثير فيها وهو اللون”.
من هذه الرؤية انطلق الفوتوغرافي السادة في مشروع بدأه، ولا يعرف متى يُكمله، لإعادة القوة إلى مجموعة من صور المنطقة الشرقية القديمة، بإضفاء ألوانٍ إليها، وبعث حياةٍ لم يتمكن المصوّرون الأوائل من إيجادها، في زمن الصورة الأحادية.. صورة الأسود والأبيض..!
تسلية
وحسب ما قاله لـ “صُبرة”؛ فقد “بدأت تجربة التلوين من باب التسلية وباب الفضول، وجدت دروساً مجانية متفرقة وحاولت تطبيقها على عدد من الصور الأرشيفية للمنطقة، كان التباين في درجات البياض والسواد في الصورة أول الطريق لتخمين الألوان الغائبة، والباقي متروك لإحساس الواحد منا ومعرفته بطبيعة الصورة وسياقاتها التاريخية والاجتماعية”.
لكن السادة لا يضمن اجتهاده في اختيار اللون.. إنه يقول “لم يكن التلوين أقل دهشة من صناعة لوحة تشكيلية، ما يجعلني أحيانا أنزاح صوب لطخات لونية مفارقة للصورة الواقعية”.
تصوير وكتابة
ومشكلة مشروع السادة هي وصف نفسه بـ “لست جاداً في ممارسة التلوين، لذلك بدأت في عام ٢٠١٤ بحماسة عالية ثم توقفت، يبدو لي مخيفاً هو الانغماس في مجال معالجة الصور لما يستهلكه من وقت وجهد، ومثلي يخاف لأنه يهرب من التصوير دائماً باتجاه الكتابة، ثمة ما يحرضني على الالتصاق بعنوان الكتابة أكثر من التصوير، والكتابة تستوجب فعلا رديفا وهو القراءة، ومع الصورة وشواغلها سيمضي الوقت سريعا بلا حساب”.
مبادرات ثقافية
وعن أهمية معالجة الصورة الأرشيفية”، يقول إن ذلك يحتاج “إلى مبادرات ثقافية واقتصادية على حد سواء، ثقافية بمعنى الدفع باتجاه تأهيل الأرشيف تقنياً، وتطويره، وجعله مرتكزاً لمعرفة تاريخية، وفي أشكال التطوير هو التلوين الذي يمكن أن يحيي بعض العناصر المهملة داخل الصورة”.
أما الشق الاقتصادي فيقول عنه “بمعنى التشجيع على الاستثمار فيها كنشاط واعد بعد تراجع الكثير من وجوه الاستثمار في مجال الصورة، كالاستوديوهات وأكشاك الطباعة ومحلات بيع أدوات التصوير التي تضررت من تحولات سوق التصوير وموجة الديجتال وكاميرا الهواتف المحمولة”.
صور بين الأصل والتلوين
تلوين