[سيرة طالب 7] السيد الخوئي لم يأخذ الخُمس مني…!
الشيخ علي الفرج
ما زلت أستدعي من الذاكرة شيئاً مما كان في سنة ١٤١٠ هجرية، حيث سكنت في مدرسة الآخوند الخراساني مدة عشرة أشهر تقريباً. ثم انتقلت إلى مدرسة أخرى تسمى مدرسة “القوام”، وهذه المدرسة تقع بجوار حرم أمير المؤمنين (ع)، وملاصقة لمرقد شيخ الطائفة الطوسي (ره)، الذي دفن في بيته.
وتعرف أيضًا هذه المدرسة بـ “الفتحيّة”؛ نسبة إلى مؤسّسها قوام الملك فتح علي خان الشيرازي عام 1300هـ.
المدرسة الأمثل
أحببت هذه المدرسة لميزات، منها:
أولًا: أكثر هدوءًا من بعض المدارس الأخرى.
ثانيًا: يسكن فيها السيد محمد حسين الطباطبائي صاحب تفسير الميزان.
ثالثًا: مجاورة لحرم أمير المؤمنين عليه السلام.
وفي بعض الأيام في فصل الصيف عندما كنّا نرقد على سطح هذه المدرسة، كنّا نرى بوضوح تام قبّة أمير المؤمنين (ع)، ومع أنّ تلك الرقدات القليلة في عددها وزمنها، إلّا أنّها لم تغادر ذاكرتي حتى اليوم، فقد كان الوقت قيظاً ولم يكن يتوفر أيّ نوع من أجهزة التكييف أو التبريد سوى من مروحة تلفح بهوائها الحارق وجه كلّ من يبتغي منها تيارًا باردًا يمنحه قوة ونشاطًا يستعين بهما على تيسير شؤونه اليومية.
الرحيل
وممن كان يسكن معنا في مدرسة القوام المذكورة بعض الطلبة البحرانيين والأحسائيين، فقد التأم شملنا وتوثّقت عُرى الصداقة والأخوة الإيمانية حتى تعكّر صفو الودّ الذي كان يجمع بين حكومات دول الجوار، فاضطرّنا ذلك إلى الرحيل من العراق متجهين إلى وطننا الأم.
وكان من الطبيعي أن ننصح الجميع بالاستعداد للرحيل باعتبار أنّ بعض زملائنا فضّل البقاء هناك.
وممن نصحناهم بالسفر اثنان من البطالية (إحدى قرى محافظة الأحساء) اللذان رفضا السفر، وانضم إليهما اثنان آخران من أصدقائنا البحرانيين القاطنين معنا في المدرسة نفسها.
في مجلس السيد الخوئي
كما أتذكر في تلك الأيام حادثة خروجي المدرسة قاصدًا مجلس السيد الخوئي (ره) لغرض إعطاء السيد محمد تقي الخوئي مبلغ الخمس الواجب عليّ في الحقّ الشرعي، فلّما سلّمته المبلغ قال لي: لا شيء عليكم.
فعقّبت على جوابه بقولي: المأذونية!
فاستفسر منّي عمّا أعنيه بمصطلح المأذونية، فأجبته:
المعروف عند طلبة العلم الوكلاء في القطيف يأخذون المأذونية.
فقال: لا شيء عليكم.
وأذكر أيضًا أنّ العلّامة الشيخ عبد الهادي الفضلي رحمه الله قال لنا في مجلسه ذات يوم: لا يأخذ المأذونية أحد غير أهل القطيف.
والظاهر أنّ العلامة الشيخ فرج العمران هو الذي أسّس ورسّخ فكرة المأذونية حيث عرضت على السيد محسن الحكيم بأن يأخذ الوكيل مبلغًا زهيدًا احتياطًا، فحبّذ السيد هذه الفكرة، وجرت عند علماء أهل القطيف.