محتال استغلها.. ضغطة زر كلّفت “أم محمد” 74 ألف ريال استغل اسم جامعة.. وأعطاها وصلة "أبشر" مزيفة.. وسلّمته الرمز السري
القطيف: ليلى العوامي
وسط عمليات النصب والاحتيال المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي، كانت “أم محمد” حذرة إلى أقصى مدى، وهي تتعامل مع موقع أوهمها بقدرته على استخراج رخصة قيادة لها خلال 48 ساعة فقط. وتواصلت مع مسؤولي الموقع بنوع من الريبة والشك، وعندما قيل لها إنه تابع لجامعة حكومية، وثقت فيه نوعاً ما، وعندما أرسل لها موظف الموقع رابطاً لمنصة “أبشر” لملء البيانات، اكتملت ثقتها فيه.. وهنا نفذ المحتالون خططتهم بكل ذكاء، واستولوا على كامل رصيد السيدة، ولم يتركوا فيه إلا عدة أصفار.
وتبدي “أم محمد” ندماً شديداً على انسياقها في تلبية تعليمات المحتالين، وتقر بغبائها، وبذكاء الطرف الآخر، وتناشد الجهات المعنية أن تعيد لها حقها المسلوب البالغ 74 ألف ريال، مؤكدة أن المبلغ هو كل ما تملكه في هذه الحياة، وتنفق به على أسرتها.
قصة الاحتيال
بدأت قصة الاحتيال من رغبة “أم محمد” في الحصول على رخصة قيادة قبل عامين، وبدأت الإجراءات للحصول على التدريب اللازم، واختارت المناطق النائية، بعدما عرفت أن فرصة الحصول فيها على موعد للتدريب أسرع من المدن. وتقول “لم يظهر اسمي من ضمن المرشحات للقيادة”.
الانتظار الطويل الذي قضته أم محمد لظهور اسمها، أصابها باليأس والإحباط، وهو ما دفعها إلى أن الاستعانة بخدمات مواقع التواصل الاجتماعي، لعلها تجد فيها نصيحة بما يجب فعله. وتقول “أنا حذرة جداً في التعامل مع المواقع الإلكترونية، ورغم ذلك قررت الاستعانة بها، ولكن بحذر شديد”.
وتُكمل “قبل نحو أسبوعين، أمسكت بجوالي، ودخلت تطبيق “جوجل”، وبحثت فيه بعبارة “الحصول على رخصة قيادة”، ظهرت لي نتائج كثيرة، ومن ضمن نتائج البحث، وقعت عيناي على عبارة تقول “استخراج الرخصة خلال 48 ساعة عن طريق جامعة الأميرة نوره بنت عبدالرحمن، بالتعاون مع مدرسة القيادة السعودية للسيدات”، ولا أنكر أن وجود جامعة الأميرة نورة منحني إحساساً بالثقة في هذا الرابط، الذي لم أتردد في الضغط عليه”.
تابع للجامعة
وزاد من ثقة “أم محمد” في الموقع أنه تابع للجامعة نفسها، ويندرج منه أيقونة مكتوب عليها “مدرسة القيادة النسائية، بالتعاون مع جامعة الأميرة نوره”. وتقول “ظهر لي رقم هاتف، تواصلت مع عن طريق تطبيق الواتساب، وسألتهم هل أنتم تابعون للجامعة؟، فجاء الرد بـ”نعم”، وأرسلوا قائمة بخدماتهم، وإنهم على استعداد للقيام بكل الإجراءات اللازمة لاستخراج رخصة القيادة خلال 48 ساعة فقط، وأخبرني الموظف بأن المدرسة لا تقوم بتسجيل الأسماء فيها، وإنما تساعدني فقط في الحصول على الرخصة وبطريقة نظامية، وذلك من خلال منصة “أبشر”. وأرسل لي المتحدث رابطاً إلكترونياً، وطلب مني الضغط عليه”.
تضيف “ضغطت على الرابط، فظهر لي موقع “أبشر” بجميع تفاصيله التي تعودت عليها، ووثقت أكثر في الموقع”.
منصة أبشر
لم تتوقع “أم محمد” أن الضغط على هذا الرابط كان بداية قصة الاحتيال الفعلي، ولم تتوقع أيضاً أن ظهور منصة “أبشر”، لم يكن سوى فخ للإيقاع بها في عملية نصب، خطط لها أصحابها بإحكام وذكاء. وتقول “طلب مني الموظف رقم بطاقة الهوية الوطنية فقط، أرسلتها له، وأخبرني بأن كل شيء سيتم عن طريق منصة النفاذ الوطني “أبشر” للمصداقية، وأكد لي ثانية أن جميع الإجراءات سليمة ورسمية”.
طباعة الرخصة
وتُكمل “أم محمد” قصتها “طُلب مني بعد ذلك تحويل 500 ريال عن طريق حساب في البنك الأهلي، إلى حساب آخر في البنك نفسه، تم إرساله لي، وبالفعل قمت بتحويل المبلغ، وبعد ذلك أرسل لي صورة صادرة من من منصة “أبشر” تفيد بأن الإجراءات تمت، ولم يبق إلا طباعة الرخصة، وزاد من ثقتي أيضاً أن الموظف أرسل لي مجموعة من رخص القيادة لسيدات تم إنجازها بالطريقة نفسها، وفي المكالمة نفسها، طلب المتحدث معي عبر الهاتف تحويل 1000 ريال، من أجل إكمال إجراءات طباعة الرخصة، وبالفعل حولت المبلغ من بنك الرياض إلى حساب آخر في البنك نفسه بحسب طلبه”.
10 سنوات
وتواصل أم محمد حيثها “بعدها أرسل لي الموظف رابطاً لمنصة “أبشر”، به عدد من الخيارات، وطلب مني تعبئة بعض البيانات، فضغطت على أيقونة “نفاذ الأفراد”، ونفذت ما طلبه مني، بعدها أرسل لي رقم الرخصة على الواتساب، ثم أدخلتها، فظهر لي خيار إصدار رخصة، ثم ظهر أمامي اختيار القيمة، إما 5 أو 10 سنوات، فاخترت 10 سنوات، وطلب مني إدخال رقم الحساب، ومن هنا، بدأت عملية الاحتيال والنصب بذكاء حاد”.
وتتابع أم محمد “مع إدخال رقم حسابي، وجدت أن الموقع لا يستجيب، وكررت العملية مرات عدة، فاتصلت بي موظفة، وسألتي عن سبب تأخري في إتمام العملية، وأخبرتها أن الرمز الذي يفترض أن يستقبله جوالي لم يصل بعد، وقلت لها سأطلب رمزاً آخر”.
وتُضيف “ظلت الموظفة معي على الهاتف، تتظاهر بأنها تساعدني، وعندما طال الوقت ولم تنته العملية بنجاح، فجأة طلبت مني أن أعطيها الرمز الذي وصلني على الجوال، كي تُكمل الإجراءات بنفسها، وبغباء مني، أعطيتها الرمز، وما هي إلا لحظات، حتى انتهى كل شيء، وتم سحب جميع الأموال في حسابي في لحظات، وهنا أدركت أنني وقعت في مصيدة نصب صريح، وضاعت كل نقودي”.
هول الصدمة
وظلت “أم محمد” واجمة من هول الصدمة التي لم تستوعبها بعد، وعندما لملمت شتات تفكيرها، اتصلت ببنك الرياض مباشرة، وأخبرتهم بما حدث. وتقول “نهرني موظف البنك على الخطأ الذي وقعت فيه، بمنح جهة الاحتيال الرمز الذي وصلني على جوالي، وطلبت منه إيقاف حساب الشخص المحتال، ولكنه أكد لي أن هذا خارج نطاق صلاحياته، وقام بإيقاف حسابي أنا، وأخبرني بأن الأمر الآن ينبغي أن يكون لدى الشرطة، التي يُخول لها التعامل مع مثل هذه القضايا”.
وتتساءل أم محمد “لماذا لا يكون لدى البنك صلاحية حماية العميل، بإيقاف حساب المحتال ولو على سبيل المؤقت، ولماذا يقوم البنك بإيقاف حساب الضحية، ولا يقترب من حساب الجاني، أين العدل في هذا المشهد؟.
مركز الشرطة
طرقت أم محمد أبواب مركز الشرطة، وقدمت بلاغاً في المحتال، وألحقته بكشف حسابها البنكي، والأموال والأرصدة التي تم سحبها. وتوصلت الشرطة إلى رقم الهوية الوطنية للشخص المحتال. وتوقعت أم محمد أن تتخذ بحق المحتال الإجراءات القانونية فوراً، لكن الموظف أخبرها أن الأمر يحتاج من أسبوع إلى أسبوعين.
ولم تكتف أم محمد بالشرطة، وتوجها بقصتها إلى البنك المركزي السعودي. وقالت “توقعت أن يقوم البنك بإيقاف حساب المحتال، ولكنه لم يتخذ أي إجراء، وطلبت مني الموظفة المتابعة مع الشرطة”.
وتُكمل “الكارثة أن المحتال مازال يعمل على خداع آخرين بالطريقة نفسها، والكثير يجهل مثل هذه الأمور المتعلقة بالنصب، والاحتيال، وأخبرتني جارتي بأن محتالين نصبوا على قريب لها، وسلبوا منه 320 ألف ريال، وآخر 500 ألف ريال، ومن هنا أطالب بحل مثل هذه القضايا التي تنتشر في المجتمع.
اقرأ أيضاً