[شعر] عبد الله الخميس.. يمّمتَ وجهك شطر السماء
عدنان السيد محمد العوامي
لظرف طارئ قاهر لم أحضر مجلس الختام لعزاء أخي وصديقي، الأستاذ المربي عبد الله حسن الخميس (رحمهما الله)، فكانت هذه الاعتذارية المتواضعة، لروحه الطاهرة، وأسرته الكريمة، ومحبيه الأفاضل.
سئمت الترابَ دُجىً مُعتِما
فيمَّمت وجهك شطر السما
فليس مدارَك هذا المدارُ
وما فوق أدرانه من دمى
وأنى تسيغ حياة التراب
وديجورَها الموحشَ المظلما
وشتان بينك، في الراتعين
بعيش النعيم، ودنيا العمى
وأنت الموشّحُ بالياسمين
وقدر الأزاهر أن تُلثما
* * *
طلبتُك حيث تصاغ الحياة
ويَربو النباتُ، شذا مفعما
وحيث يُحكَّك طين الرجال
فلم أر لحمًا، ولا أعظما
ولكن رأيتُ كريمَ النِّجار
أصيلَ الأرومة والمنتمى
رأيت الخميسَ، نقيَّ الثياب
طهورَ النقيبة زاكي الدِّما
رأيتك منتصبًا جدولاً
يسقِّي العطاشى، يروِّي الظما
رأيتك ساقية ثرّة
تروي النجيلة والبرعما
رأيت الربيع يمدُّ الحقول
يُزرِّر أنجمَها أنجما
فللجذع ظلٌّ، وللزهر فوحٌ
وللغض ضوءٌ، وللجذر ما
رأيت المنار يرشُّ الضياءَ
على المدلجين، ينير الحمى
رأيت الطبيبَ، فيا ما المراضُ
رأت عندك الكُحْلَ والمرهما؟
فكم أَمَّ صوبَك خالي الوفاض
جريحٌ، فكنت له البلسما؟
فإن تنأ عنا فلا عن قلى
ولا سأمًا، قلَّ أن تسأما
ولكنه قدر الكائنات
ولا بدَّ للعمر أن يختما
* * *
فواخجلي حين لا تنتخي
حروفي، فتندبَ، أو تلطما
كأنْ نسيَتْ أننا واحدٌ
حَبَونا معًا، قبل أن نُفطما
وحين كبرنا درجنا معًا
سهرنا معًا فجرَنا الملهِما
حملنا على كاهلينا القطيف
نقاسمها الشهد والعلقما
أتنكر مجمع تكريمها
وكنت به الفارسَ المعلِما؟
ويسندنا الفتية الصادقون
ومابرحوا الذخر والمغنما
نميز ونمخض فيه الرجال
فنرفع من بينها من سما([1])
* * *
فعفو الصِّبا، يا خدينَ الصبا
إذا لم أجد للقوافي فما
إذا لم أَسِل فوقها أدمعًا
وأهمي بأوتادها عندما
إذا لم أُقِمْها عليك عزاءً
وأحيْ بها للأسى مأتما
فجرح فراقك في أضلعي
تنشَّب شروى اللظى مؤلما
فكيف تسحُّ عليك الدموع
وذا محجري لم يزل مُظلما؟
وجفني منذ اندلاع الأسى
وما زال فيه الغضا مُضْرما
ومنذ متى سال جمرٌ دمًا؟
وأنى بكى موقدٌ أو همى؟
* * *
([1]) إشارة للجنة التكريم الأهلية التي تأسست عام 2005، واستمرت عدة سنوات، وتوقفت لظروف قاهرة، وكان الأستاذ عبد الله أحد النشيطين فيها، والمشاركين الأساسيين في وضع لائحتها.