[قم للمعلم] فهد الرزيحان.. ترك “طباشيره” ليلحق بشريكة حياته سيرة تربوي خرّج أجيالاً وأعطى دارين وتاروت ثمرات شبابه
دارين: شذى المرزوق
من تلاميذه عضو مجلس الشورى السابق السفير السعودي في طهران الدكتور جميل الجشي. وهو ليس الاسم الوحيد الذي تخرّج من صفوفه، فهناك شخصيات عرفتها تاروت ودارين؛ مثل رجل الأعمال أحمد الصادق، محمد المرزوق، عبدالعزيز العماني، جميل حماد، صالح الفايز.. وقائمة طويلة من الشخصيات..
فهد الزيحان، التربوي الذي رحل عنا، هذا الأسبوع، عن 84 سنة، بعد وفاة شريكة حياته بعام تقريباً. ترك طباشيره، ليلحق بها.
ووحده القدر الذي رسم نهايته الحزينة، بمثل ما رسم مسيرته طيلة 84 عاماً ـ هي مجموع حياته ـ قضاها مجتهداً ومثابراً ومعلماً وإدارياً من الطراز الرفيع، أرسى مع زملاء كثيرين بدايات النهضة التعليمية في المنطقة، وعاصر تطورها وكان شاهداً على نموها وتقدمها.
قبل أشهر قليلة غابت ابتسامة فهد بن عبد العزيز الرزيحان لغياب زوجته ورفيقة دربه، أم نبيل، وهذا الأسبوع لحق بها، متأثراً بصدمة فقدها؛ رحمهما الله.
هذا ما أشار إليه من تحدثت معهم “صُبرة” عن الاداري المخضرم في سلك التعليم الذي ارتبط بذاكرة الكثيرين من أبناء جزيرة تاروت الذين تخرجوا على يديه.
أجيال متلاحقة، وكل جيل يحمل معه ذكرى رجل تعاقبت في سنوات عمره ادارات تعليمية مختلفة منذ سبعينات القرن الماضي في فترة كانت فيها المنطقة الشرقية تحت مسؤولية الأمير سعود بن عبدالله جلوي.
في دارين ولد ونشأ وتعلم على يد الشيخ عبدالله بن إبراهيم الانصاري الذي أسس ذات المدرسة وهي أول مدرسة نظامية في المنطقة الشرقية، وقبل أن يرحل الانصاري إلى قطر، ليتولى الانصاري ادارة الشؤون الدينية في قطر ويستلم الرزيحان ادارة مدرسة دارين . وفي عهده افتُتحت مدارس جزيرة تاروت، وانتهي به المطاف مديرا لمدرسة الغالي (التي تغير اسمها للمهلب بن صفرة) في تاروت حتى تقاعده عام 1408.
لم ينل منه التقاعد، ولكنه ظل وفياً لمهنته التربوية التي أسس من خلالها علاقات اجتماعية هائلة أظهرت حنكته وحكمته وقدرته على اكتساب بعد اجتماعي آخر ربما لا يقل أهمية عن علاقته المهنية والتربوية.
“صبرة” التقت بعضاً من عائلة وزملاء الفقيد، لتحاول إلقاء الضوء على الجانب الآخر من حياة المعلم والمربي فهد الرزيحان، فكانت هذه الانطباعات:
شهادة إتمام الابتدائية
بدأ بائعًا
يستهل ابنه الأوسط عبد العزيز، الحديث ويكشف جانباً من حياة أبيه الراحل بالقول إنه “نشأ في عالم الأرقام والبيع والشراء وساند جدي بائعاً في محله، ترعرع في المنزل الذي يقع الآن في نطاق متحف فتحي البنعلي، حيث يعتبر ارثاً من تاريخ المنطقة، تعلم في بيوتات تاروت حين لا مدارس نظامية وقتها”.
وبعد فترة وبتوجيه من وزارة المعارف افتتح والده جميع مدارس الجزيرة حينها من مدرسة ابن الأرقم في دارين، ومدرسة الغالي في تاروت التي تغير اسمها للمهلب بن صفرة، ومدرسة عمار بن ياسر بين سنابس والزور، تناوب خلالها عدد من مديري التعليم في المنطقة الشرقية يذكر منهم عبد العزيز التركي، والدكتور سعيد عطية ابو عالي.
مدارس طين وحمير
من مدارس لم تكن سوى بيوتات صغيرة من طين، بمقاعد صغيرة في فصول قليلة بمجموعات صغيرة محدودة من الطلبة، إلى مدارس نظامية متطورة تستقبل أعداداً كبيرة من الطلبة وتتعدد فيها فصول المرحلة الواحدة.. ويكشف ابن شقيقته وصديقه عبد الرحمن العفيجي أن السيارات وقتها كانت قليلة جداً والحمير هي وسيلة النقل الوحيدة تقريباً للطلاب من جزيرة تاروت، كما كان “اللنش” وسيلة طلبة دارين.
وأضاف أن قرار تعيينه مديراً في مدرسة دارين صدر أولاً، ثم توجه لادارة مدرسة عمار بن ياسر في سنابس ومنها لمدرسة الغالي في تاروت حتى تقاعد منها.
وقد واكب خلال هذه الفترة تعيين تلامذته معلمين ومنهم صالح الفايز الذي تولى ادارة مدرسة تاروت بعده، وأخي عبدالله الجعيفي الذي بات مديراً هو كذلك لاحدى مدارس تاروت التي كانت عبارة عن بيت مستأجر حينها.
فهد الرزيحان الاول من جهة اليسار مع زملاء الدراسه والاصدقاء عند احدى المدارس في تاروت
تقدير أمير رفحاء
ويسترجع ابنه عبد العزيز ذكرى نقلها له والده وهي قصة استقبال وضيافة أمير رفحاء نجر بن صقر العتيبي له عندما توجه إليها مكلفاً للإشراف على لجنة الاختبارات، منوهاً أنه قد أحسن ضيافتهم وأكرمهم بمجرد معرفته أنهم من جزيرة دارين. وعن ذلك قال الأمير لوالدي أن لدارين مكانة خاصة لديه حيث تعلم وتدرب على الغوص فيها.
واسترجع بعض الأسماء من الذين تخرجوا على يديه بعضهم كانوا أساتذة زاملهم أبراهيم دحيم، حسين الجار، خميس دحيم، محمد حمد اليوسف، وسلطان بن راشد وفاضل بن راشد، وصالح الفايز، في حين تخرج وقت ادارته عضو مجلس الشورى سفير المملكة في إيران الدكتور جميل الجشي، وحمد الذوادي إمام الجامع في دارين وفاروق الكاوي مدير الضمان الاجتماعي الحالي.
في ذلك يقول زميله صالح الفايز واكبت ادارته لمدرسة دارين حتى تخرجت من الابتدائية إلى معهد المعلمين ومنها عمل معلماً في مدرسة الغالي. وحينها كان “بو نبيل” مديراً هناك، وبقيت معه حتى تقاعد واستلمت ادارة المدرسة بعده.
ويقول “”قضيت في مدرسة تاروت حوالي 27 سنة بنظاميها النهاري والتعليم الليلي كذلك. من زملائي الذين عاصروا بونبيل رحمه الله محمد الصفار وعبدالله العمران و علي المغيزل وخميس دحيم وغيرهم.
صالح الفايز
فهد الرزيحان الاول من جهة اليمين وبجانبه رفيق دربه جاسم الانصاري
تواضع وتسامح
وعن تعامله قال إن الاستاذ فهد أب للجميع، لم يكن مديراً متشدداً، بل كان لين الجانب، دائم الابتسامة، متواضع بدرجة كبيرة، في زمن كانت فيه المدارس تولى الجانب التعليمي والتربوي النصيب الأكبر، حيث إن الطالب ينهي فيها أغلب واجباته فلا يتبقى إلا القليل للمنزل. فكان نعم المربي، والموجه، والناصح للجميع. وفاة زوجته في العام الماضي أثرت به كثيرا حتى توفي رحمه الله.
وفي نفس السياق قال ابنه: والدي متسامح جداً ومسالم، خدم سنوات في السلك التعليمي، وكان ذا ولاء شديد وحب كبير للقطيف، أحب الجميع وأحبوه، في وفاته توالت التعازي من الكثيرين من المحافظة الذين تأثروا بوفاته رحمه الله.
وأنهى حديثه، بالتأكيد على أن والده كان مؤمناً للغاية، وشديد التحمل والرضا بالقضاء والقدر، ورغم اشتداد المرض عليه وتأثره الواضح بوفاة والدتي، إلا أنه لم يشكُ بل كان صابرا ومحتسباً، وعندما اشتد عليه المرض قبل يومين من وفاته نقلناه إلى إحدى المستشفيات حيث انتكست حالته الصحية وانتقل إلى رحمة الله.
الأخ إبراهيم الرزيحان
الابن الاوسط: عبدالعزيز بن فهد الرزيحان
في سطور:
- ـ ولد عام 1938م، كإبن لأول تاجر للأغذية في دارين.
- ـ اتم دراسته الابتدائية عام 1375 هـ، على يد الشيخ الأنصاري.
- انتقل للأحساء ومنها للطائف في دورة تدريب للمعلمين من قبل وزارة المعارف التي ضمت 20 معلماً، منهم رفيق دربه أحمد بن علي الجار وزميله المقرب جاسم الأنصاري، كان ذلك مع بدايات تعيين عبد العزيز التركي أول مدير تعليم في المنطقة الشرقية ليستلم الرزيحان ادارة مدرسة دارين بعد عودته لبلدته عام 1380.
- ـ أنجب الرزيحان 3 بنات و3 أولاد أكبرهم نبيل المتقاعد من عمله في ميناء الملك عبد العزيز، ثم عبد العزيز مدير فرع وزارة التجارة في المنطقة سابقا، وأصغرهم عاطف المسؤول عن بيت المال في وزارة العدل.
.
كلمه منه بخط يده رحمه الله لمعلمي المدرسة
.
جواز سفر المرحوم فهد الرزيحان
.صور من أواخر حياته
.
.
.
.
.
.
.
.