لمن لا يحضره “البحر”…! أثير السادة: مقاطعو الأسماك أخطأوا التوقيت.. والتقدير
أثير السادة
الأصوات التي اعتلت في الأيام الأخيرة لمقاطعة السمك اخطأت التوقيت والتفسير كما أخطأت التقدير وهي تفتح معركة مع قطاع اقتصادي مازال يرتهن لغياب التخطيط، وغياب الرؤية التي تهبه القدرة على مواجهة التقلبات الموسمية.
المقاطعة حق، لكنها هنا تصبح نوعا من المفارقة فهي مقاطعة لسوق يخلو من معروض السمك، أي أنها مقاطعة لسلعة غير حاضرة، سلعة مقطوعة، وإذا كان الغرض من المقاطعة هو الضغط على الأسعار فذلك لن يحدث طالما استمر المعروض في الانخفاض والسمك في الغياب.
المقاطعون لن ينجحوا في ارجاع المراكب واللنجات التي تتهيئ لدخول موسم الروبيان، حيث يقدر أهل السوق ما مقداره 75% من مجموع المراكب قد باشر التحضير لهذا الموسم الأهم، كذلك لن ينجحوا في وقف ريح الشمال التي تحول في هذا الموسم دون الوصول إلى البحر، ولن يبدلوا القوانين التي جلبت المزيد من المخالفات داخل البحر، وحضرت المزيد من المواقع التي كانت مصدرا ثريا للثروة السمكية.
هذه السوق المهملة على مستوى التخطيط الاستراتيجي بحاجة إلى مبادرة وليس مقاطعة، إلى مشاريع تجسر الفجوة في المعروض وتعوض الاختلال البيئي الذي أثر على المخزون السمكي في الخليج.. مشاريع الاستزراع السمكي ينبغي أن تصبح في أولوية الاهتمامات، لضمان اعتدال السعر، وقبل ذلك قدرة كل الناس على الوصول والحصول على الأسماك.
لا يحضرني أي أسماء يمكن الإشارة إليها ضمن الحقل الدراسي والبحثي في مجال الأسماك من أبناء الساحل هنا، لم تعرفنا المجلات ولا المنتديات بانهماك الكائن البحري من أقصى سيهات إلى أقصى صفوى بتطوير هذه الصناعة من خلال الدراسات والمشاريع، ومن لديه بحوثا ورسائل دكتوراة فليزودنا!…هذا الغياب لا يمكن تبريره إذا كنا نعتقد بمحورية السمك في اقتصادنا المحلي، وكنا نراهن على الحفاظ على موقعية سوق القطيف ضمن اقتصاد الأسماك خليجيا.
والخلاصة أن هنالك مشاكل جذرية تتعلق ببنية السوق التنظيمية والاستراتيجية، وأخرى مشاكل موسمية متعلقة بالأنواء وأولويات الصيد، فعلاج مشكلة الروبيان انتهى بتضخم مشكلة الأسماك في هذا الموسم، وحصاد الرطب أخذ الناس كرها بعيدا عن البحر حيث البوارح التي لا تغيب.
وبس.