سليمان أبا حسين: تجربة القطيف في العمل الخيري تعادل تجربة دولة استضافه مركز التنمية وسرد تجربته من مراسَلة "اليوم" إلى رئاسة تحريرها
القطيف: أمل سعيد
أُصبوحة إعلامية؛ جمع فيها مركز التنمية الاجتماعية الصحافيّ سليمان أبا حسين ومجموعة من المشتغلين في الإعلام المحلي في القطيف. والقصة هي تحدّيات الإعلام التنموي والاجتماعي، عبر سيرة الضيف ـ أبا حسين ـ الناشط في الصحافة السعودية منذ مطلع الثمانينيات، والعارف بدهاليز الإعلام السعودي، بتنوعه المحلّي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
وكما قال عن نفسه؛ فقد دخل أبا حسين الصحافة من “عتبة” صحيفة “اليوم”، ووصل في علاقته بالصحيفة إلى سدة رئاسة تحريرها، قبل أن يتفرّغ لمشروع إعلاميّ خاص.
وكما قال أيضاً؛ فإن تجربة العمل الخيري التي بدأت منذ مطلع الستينيات الميلادية تعادل تجربة دول. وفي هذا السياق كانت أطروحته صباح اليوم، إذا بدأ بسيرته الذاتية، وانتهى إلى إعلام الرؤية والإعلام الاجتماعي.
الضلع الأقوى
هي دعوة خاصة من مركز التنمية الاجتماعية في محافظة القطيف، لرئيس صحيفة اليوم السابق، وصحافيين من المحافظة. وتحت خيمة المركز؛ قدّمت حليمة درويش الأصبوحة الإعلامية، وقدّمت سيرة الضيف الرئيس، قبل أن يتسلّم مدير المركز، أحمد القبّاع، زمام الحديث في تقديم مطوّل؛ ذكّر الحضور بدور الإعلام.. وخاطب الحضور واصفاً المركز بقوله “بيتكم الثاني”، وهو “البيت الذي أخذ على عاتقه مسؤولية احتضان الجميع من أجل العمل سوياً للنهوض وتحقيق غايتنا الأسمى وهي تحقيق التنمية المستدامة في محافظة القطيف الحبيبة”.
واستطرد القباع “مركز التنمية هو أب لليتامى والأرامل وأب للفقراء والمحتاجين وأب لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو مصنع التنمية لأي مجتمع”. وقال “خدماتنا تصب في دعم وتنمية أعمال الجمعيات واللجان الاجتماعية في المحافظة، وهي بدورها تؤدي مهامها ورسالتها المناطة بها حسب الاختصاص لتصل إلى المستفيدين”.
وأعاد القباع التذكير بقوله “هذه رسالة دينية ووطنية واجتماعية وإنسانية ونحن نطمع في الأجر من الله العلي القدير”. وعن اجتماع اليوم قال “اجتماعنا هذا مع إخواني الإعلاميين لأنهم الضلع الأقوى في تحقيق التنمية المستدامة”.
وحين جاء دور الضيف؛ بدأ حديثه بالقطيف “أشعر بأنها فرصة أن نجدد اللقاء الأخوي معكم في المحافظة الأقرب إلى قلبي، وقد مرّت بعض بداياتي الصحفية أيضا منها، منذ انطلاقي الأول في بداية الثمانينيات من مقرّ سكني ـ وقتها ـ رأس تنورة”.
وما لبث أن عرج أبا حسين على تجربته مع التحولات الإعلامية والاجتماعية فـ “طوال هذه التجربة مرت العملية الإعلامية كغيرها من النواحي الأخرى الاجتماعية والاقتصادية بتحولات عديدة، لكن هناك نقاطاً مهمة في عملية التحول في سوق الإعلام، هذه التحولات صنعت بعداً جديداً لم نتخيله”.
عام 1991
تحدث أبا حسين عن قضايا محورية حدثت وغيرت وجه الإعلام في المنطقة، كان من أهمها حرب الخليج الثانية ـ حرب تحرير الكويت عام 1991 ـ وقد تذكر كيف كانت تسير العملية الإعلامية والصعوبات التي تمر بها “في حرب الخليج كان مركز الظهران هو مركز الإعلام الحربي، وكان تقام في فندق مطار الظهران، وكانت جميع وسائل الإعلام العالمية والعربية موجودة، ووقتها كنت في صحيفة “عكاظ”، كانوا يأخذوننا في حافلة إلى مناطق آمنة من الجبهة، وكان الزملاء الأجانب معنا، كان أحدهم بعد التصوير يخرج علبة معه وضع فيها الفيلم لتظهير الصور، ثم بواسطة جهاز يُرسل ما يريد إلى وكالة الأنباء التي يعمل فيها.
كأنه في تغطية حية مباشرة، كانت هذه الأمور جديدة علينا نحن الصحافيين السعوديين العاملين في الصحف الورقية. وقتها كنا نصور ونعود إلى الدمام لإظهار الأفلام وطباعة الصور في ستوديو خاص، ثم نأخذ الصور إلى مقر الصحيفة. أما إرسال المواد النصية فكانت عبر عبر فاكس يصطف عليه العديد من الزملاء لنفس السبب”.
ويكمل ” تطورت الأجهزة شيئاً فشيئاً، ما أريد قوله أن وضع الأجهزة تغير، دخل الستالايت فالمحمول، وبدأت مرحلة تحول كانت مختلفة تماماً عن المرحلة السابقة”، هذا على مستوى الأدوات، وأيضا طال التغيير المحتوى”، فبدأت قناعات رؤساء التحرير والمسؤولين تتغير، وبدأت الصحافة تقترب أكثر فأكثر من الخدمات الاجتماعية وتدخل أكثر في هموم القارىء وتطلعاته، وبالفعل غيرت حرب الخليج وجه الإعلام كثيراً، ويضيف “وبدأت أرقام التوزيع تتحدث، بدأ رئيس التحرير ينظر إلى رقم التوزيع، وهذا لم يحدث سابقاً، حيث كانت بدايات الصحافة أدبية أكثر منها صحافية كما نعرف، وأيضاً عن عائدات إعلانية، ولم تكن منظورة هذه سابقا”.
عام 2000
يستطرد أبا حسين في سرد التحولات ما بعد عام 2000 ” قائلاً “تبدلت الأمور، حتى التقنية منها تغيرت، الطباعة بألوانها وأشكالها تغيرت، وبدأ العمل مع الإعلام الجديد والسوشال ميديا، فكانت منظمة إيفرا للنشر العالمي تتحدث في كل مؤتمر لها (كان لها مؤتمر سنوي يعقد في دبي)، وتوصي بالتخلص من الورق، في إشارة إلى الصحافة الورقية، وبدأ مدراء العموم والمؤسسات الصحفية يتساءلون كيف نتخلص من الورق، في الوقت كانت فيه أسواق قد وصلت إلى سقف 120 دولاراً للبرميل والعائدات أكثر غزارة للمؤسسات الصحفية إلى أن وصلت لإحدى المؤسسات 100 مليون دولار” في السنة.
يصف أبا حسين الوضع الحاصل آنذاك “بعض الصحفيين ذهبوا إلى تجارب خارج المملكة فنجحوا، لأنهم عرفوا أن التجربة الصحفية القادمة ستكون بدايتها في أمريكا وأوروبا. وبعضهم التحق بالخبرات الأجنبية لكي يستزيد من هذه الخبرات.
فما بعد 2000 حدث تغير ما ينمّ عن تغيير كبير جداً سيحصل في الإعلام، إلى أن وصلنا إلى أن الإعلام الورقي لا أحد يقرأه الآن، والسوشيال ميديا هي سيدة الموقف والإعلام الحالي”.
إعلام الرؤية
ويكمل أبا حسين حديثه عن مستقبل الإعلام في المملكة، بما يشبه اليقين “إعلام الرؤية ولا أقصد فيه الحديث عن المنجز، وإن كان المنجز بفضل قيادة هذا البلد شهد تطوراً على كل المستويات. وإنما إعلام الرؤية أقصد به أن السوق الإعلامي السعودي سيكون فاخراً وأكثر جودة، والدليل استقطاب جميع المؤسسات الإعلامية العالمية للرياض، وإنشاء أكبر مدينة إعلامية في الشرق الأوسط وربما العالم، بمعنى أن الإعلام في الشرق الأوسط سيتركز في الرياض، وهذه المؤسسات العالمية في حاجة للكوادر الوطنية، لأنها الأقرب إلى نقل الواقع، لذا ستبحث عن الصحفيين المتميزين وكل العمليات الإعلامية متوفرة، والسوق السعودي هو أكبر سوق إعلامي في الشرق الأوسط”.
كان حديث أبا حسين متدفقاً بالمعلومات التي تنبض بالحياة، قابله انصات من الحضور مشدودين ومستمتعين بحجم التجربة وغزارتها.
الإعلام الاجتماعي
النقطة الأخيرة التي توقف عندها أبا حسين هي الإعلام الاجتماعي.. واضعاً إشارته إلى “سنوات طويلة في العمل الخيري والاجتماعي في القطيف، منذ مطلع الثمانينيات الهجرية ـ الستينيات الميلادية ـ وهي ـ كما ـ يقول أبا حسين ـ تجربة “بحجم تجربة عواصم وربما تجربة دول، إنه وقت طويل من العمل الخيري والاجتماعي موجود في هذه المنطقة”.
وأضاف “الإعلام الخيري والاجتماعي يقدم مبادئ لوضوح الفكرة ووضوح الرؤية عند أي مجتمع، فمن المهم جداً أن يكون الإعلام الخيري والاجتماعي رافد قوي لكل أوجه التنمية، وأن يكون معززاً لجميع القيم الخيرة.. ومن ألذّ الأشياء أن تعمل صحفي في مهمة خيرية تنقلها وتروج لها بمضامينها الحسنة والهادفة”.
وقال “وجود جهات مانحة في المملكة لها تاريخ طويل، مهم تسليط الضوء عليها عن طريق الجهد الإعلامي، وهو أمر ضروري، للتعريف بهذه المنشآت”… والآن “تساعدنا في هذا التكنلوجيا الموجودة حالياً، التي سهلت على الجمعيات الوصول إلى شرائح اجتماعية أكثر، وبالنسبة لنا ـ كإعلاميين ـ أرى أن التكنلوجيا المستقبلية ستكون أكثر تطوراً مما هي عليه الآن”.
عن اللقاء
- الحضور كان قليلاً في خيمة مركز التنمية، لكنه كان نوعياً.
- شهد اللقاء مداخلات اتّسمت بالنقاشات العامة.
- مركز التنمية طلب من الحضور اقتراح توصياتهم.
صور