ميرزا آل حسن.. سقوط “الطبشور” من “سبورة” القلوب المعلمّ القدوة التي بكته جزيرة تاروت.. وعزّت سنابس
سنابس: ليلى العوامي
من لم يعرفه في حياته عرفه بعد مماته بما كتبه عنه محبوه، صاحب الابتسامة الطيبة والمحيا الكريم والصوت الهادىء والقلب الأبيض..
هكذا كان الراحل ميرزا محمد آل حسن الذي غادر دنيانا قبل أيام، وبالتحديد في صباح الجمعة 1 شعبان الجاري، حيث أسلم الروح لبارئها، تاركاً وراءه خمسة من البنين وستة من البنات، قبل أن يترك إرثاً من الحب والأخلاق العالية..
هكذا وصفه بعض من عرفه أو اقترب منه أو تتلمذ على يديه معلما بارعاً أو إداريا نزيهاً.
الراحل الذي التصقت به كنيته ـ”أبو مجدي” ـ خريج معهد إعداد المعلمين عام 1389-1390هـ ولد في “سنابس” ودرس الابتدائية بسنابس والمتوسطة في تاروت، ثم أصبح معلما في مدرسة عمر بن عبدالعزيز برحيمة 4 سنوات لينتقل بعدها إلى مدرسة الربيعية الابتدائية عام 1394هـ حتى تقاعد في العام 1328هـ بعد 38 عاماً من العطاء الأبوي مع طلابه والأخوي مع زملائه في المدرسة من المدراء الذين عمل معهم، ومنهم أحمد فهد أبو خليفة، عبد العزيز القصاب، علي سلمان خاتم محمد إبراهيم البحار، وأيضا محسن حسين العلي مدرب لكرة القدم في نادي النور.. وغيرهم كثير.
ميرزا آل حسن في شبابه
صدمة وعزوف
ولأن مشاعر الفقد طغت على غالبية من التقتهم “صبرة” الذين اكتفوا بالصمت وتلفحوا بالحزن النبيل إيماناً واحتساباً، ومع ذلك فإن المعلم علي آل حسن، المعروف بـ “أبي ياسر”، حاول جاهداً أن يتحدث عن سيرة الفقيد العطرة، لكنه لم يستطع وبدا متأثرا كثيرا لفقده أيضاً عمه الحاج إبراهيم علي محمد آل حسن وقبله إبن عمه الحاج ميرزا محمد علي آل حسن ، وقال بنبرة حزينة لغاية: “أنا حاليا مشغول الفكر لاني امس فقدت اثنين من أعز أهلي.. الغالي المرحوم ميرزا أخي ورفيق طفولتي وعمي الحاج إبراهيم لذا في الوقت الحاضر لا أستطيع التعبير الآن ولو حرف واحد …عذرا بنتي”!
المرحوم ميرزا آل حسن الأول من اليسار وقوفاً
قريب من الجميع
بذات السياق، هناك من استطاع السيطرة على مشاعر حزنه، منهم أنور آل راضي الذي قال إن حب الفقيد للنادي وسنابس يجري جريان الدم في عروقه، وأسهب في الحديث عن مسيرته الرياضية بالقول إنه ـ رحمه الله ـ انضم الى فريق هلال الجزيرة(الهلال) ولعب فيه عدة سنوات قبل أن يتغير اسمه إلى النور عند التاسيس عام ١٣٩١ هـ ١٩٧١ م حيث مثل الفريق عدة سنوات ، كما كلف سكرتيرا للفريق لجميع الالعاب.
ميرزا آل حسن مع نجم حميد آل خميس
وأضاف: كان له دور هام في تسجيل النادي رسميا في كشوفات رعاية الشباب من خلال الجولات المكوكية التي قامت بها ادارة الهلال برئاسة المرحوم نجم حميد آل خميس، حيث حضر للرياض مرتين الأولى شهد فيها الموافقة المبدئية للتسجيل عام ١٣٩٠ هـ والثانية خلال الموافقة على الترخيص النهائي عام ١٣٩١ هـ، واستطرد: كان أول مدرب وطني من ابناء النادي يكلف بالاشراف بتدريب الفريق الأول لكرة القدم والفئات السنية المختلفة، وهو الذي قاد أسطورة الكرة حسن الأبيض للعب بالنادي، وكذلك الحارس الدولي العملاق حسين الصادق.
وعن شخصية “أبو مجدي” المجتمعية، أوضح أنه كان قريبا من الصغير قبل الكبير وابتسامته لا تفارق محياه حيث عاش مسالما يعمل بامانة واخلاص دون ملل او كلل ولا ينتظر كلمة شكر من أحد.. صوته الخافت الدافي وهدوؤه في الحديث يبعثان على الاطمئنان والراحة البال، مضحيا بوقته وراحته الشخصية من أجل العمل الاجتماعي والرياضي على حد سواء بكل اصرار وعزيمة بوروح صادقة.
وأوضح أن الفقيد قدم للنادي ولمجتمعه الكثير سواء في تسجيل النادي رسميا في كشوفات رعاية الشباب او من خلال خلال جلب الاعبين الصغار للنادي واكتشاف المواهب أو من خلال كتابته لعدة مقالات في صحيفة اليوم تخص سنابس عامة والنادي خاصة.
واختتم آل رضي حديثه لـ”صبرة” بأنه لا ينسى وقوف الراحل معه في اصدار الكتاب التاريخي الوثائقى عن النادي بمناسبة مرور 50 عاما على التأسيس وقال: “أفادني بالمعلومات الكثيرة ودعمني بالصور النادرة إضافة لتوجيهاته السديدة حتى قبل وفاته بأشهر”.
ميرزا آل حسن وكأس بطولة كرة اليد 1441-1442
سؤال في الذاكرة
من جهته، اكتفى أحمد علي الطـوال بالتعبير عن حزنه الشديد، ورثاه بكلمات مشحونة بالعواطف، إذ قال : “كيف أرثيك أستاذي العزيز أبا مجدي والحروف مبعثرة في ذاكرتي ومخيلتي؟ عشت مسالمًا تعمل بإمانة وإخلاص دون ملل أو كلل.. فطبيعتك وأخلاقك وتربيتك رفعتك عاليًا وجعلت منك المُحب العاشق لديرتك سنابس ومجتمعك المتصالح مع نفسه ولفريقك هلال الجزيرة السابق ونور سنابس الحالي اللذين عاشا في طيانك، ولو على حساب عائلتك وأسرتك وصحتك”.
واستطرد: “كيف أرثي تلك الأيام وتلك السمرات والجلسات والأنفاس الطاهرة والأرواح الصادقة التي ألفتها في جو مفعم بالأخوة والصداقة للتخطيط والتنفيذ لما هو قادم وخير لهذا النور الذي نراه اليوم.. يكفي أنك ستظل أحد الرموز التي نفخر ونفاخر بها ولك بصمتك التي لا تُنسى حتى وإن خذلك وخذل الكثيرين من رجالاتنا وشخصياتنا عدم التوثيق وعدم كتابة سيرة هذا النادي ورجالاته المخلصين “
ميرزا آل حسن مع نجم كرة القدم عبدالله العبندي
قصيدة رثاء
بذات السياق، عبر الشاعر حبيب المعاتيق عن حزنه ـ وحزن الناس؛ لفقد المعلم والقدوة ميرزا آل حسن، فكتب قصيدة رثاء بعنوان “موجوعون بك” قال فيها:
لعلكَ لا تدري؛ أتيتكَ فاقدا
وليس معي إلا لظى الدمع شاهدا
أقطّعُ في وزن النشيج كأنما
نظمتُ البُكا لما أضعتُ القصائدا
وجئتكَ من أقصى (ربيعيتي) التي
بكتكَ إلى أقصى سنابسَ قاصدا
تقول ليَ “ابني” فاستفقتُ مُيتّماً
وبي ألف موجوعٍ يسميك والدا
معي لست أدري كم يتيمٍ تركتُهُ
هناكَ ـ أبا مجدي ـ على الفقد واجدا
هُزمنا؛ وكنا ألفَ قلبٍ مولّهٍ
وكنتَ وحيداً والأسى كان واحدا
فما أشجع الحزن المذيب قلوبنا
وقد بزّ جيشاً في وداعك حاشدا
نزلنا فهل نلقاك؟ كنت تركتنا
إلى حزننا الأرضي للغيب صاعدا
غداة شرحت اليوم آخر حصةٍ
وعلمتنا حتى نطيقَ الشدائدا
ولوّحتَ في درس الوداع ولم يزل
يحاصرنا التوديع كفاً وساعدا
“أبو مجدي” في سطور:
- ولد بجزيرة تاروت “سنابس” ودرس الابتدائية بسنابس والمتوسطة في تاروت.
- خريج معهد إعداد المعلمين عام 1389-1390هـ .
- أصبح معلما في مدرسة عمر بن عبدالعزيز برحيمة لمدة 4 سنوات، انتقل بعدها إلى مدرسة الربيعية الابتدائية عام 1394هـ حتى تقاعد عام 1428هـ بعد 38 عاماً من العطاء.
- له 11 عشر ابنا وابنة.. خمسة من الذكور و6 من الإناث.