ضاحية الملك فهد.. أحلام تتبخر بين أرامكو وسكيكو وبلدية القطيف من أزمة المحجوزات.. إلى تأخر البنية التحتية.. إلى الميزانية.. إلى الكهرباء

القطيف: أمل سعيد

ولأن التأخير وضياع الأحلام هما السائدان؛ أصبحت ضاحية الملك فهد مضرب الأمثال في سوء الحظ الذي لم تُفلح معه الأماني البسيطة، لمن أوقعهم حظهم العاثر في التملك أو السكنى في تغيير هذه الصورة التي طالت كثيراً.

وإذا كانت تلك الأراضي التي منحها الملك الراحل فهد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ للمواطنين قبل أكثر من ثلاثة عقود (عام 1409 هـ) وحملت اسمه في كل من الدمام والقطيف والجبيل وتحمل اسم “ضاحية الملك فهد” قد أصبحت مصدراً للشكوى من طول الانتظار أو غياب الخدمات رغم كل جهود الملموسة، إلا أنها أيضاً ما تزال حلما للكثيرين الباحثين عن الاستقرار لأسرهم.

“صبرة” تجولت في معاناة كثيرين من المهمومين الذين يشكون من تحول بعض أحياء الضاحية في القطيف إلى مكب نفايات، ومخازن لأعلاف الحيوانات، وإسطبلات للخيول، كما يراها أصحاب أراضي المجاور الخامس من الضاحية، واقتربنا منهم أكثر كي نتمكن من رؤية الصورة بوضوح، رغم ما فيها من ظلال قاتمة.

حسين آل سعيد

أصل المشكلة

في البداية، يقول حسين أحمد آل سعيد إن أغلب تلك الأراضي كانت عند أصحابها إلى ما قبل 7 سنوات، حيث بدأ الناس يتداولون فيها بيعاً وشراء، على أمل السماح بالبناء عليها، وذلك بعد انتشار أخبار بقرب انفراجة في التصاريح، يضيف “في العام الماضي تم التصريح بالبناء في مخطط الخزامى، المجاور للمجاور الخامس في الضاحية، وها هو اليوم يشهد حركة بناء كبيرة”.

وعن أصل المشكلة، يشير آل سعيد إلى أن “المجاور الخامس والمجاور الثاني يضمان أراضيَ مصرحة وغير مصرحة، وعند مراجعة البلدية لأخذ تراخيص البياء، كشفوا عن مشكلة مع شركة سكيكو، تتعلق بإدخال الكهرباء إلى المخطط”، لكن كان لـ”سكيكو” عدة شروط منها تحديد أماكن كابينات الكهرباء (مواقع محطات توزيع الكهرباء)، وأيضاً تجهيز البنية التحتية (الشوارع)، ومرة أخرى رجعنا برد الشركة للبلدية لتعذر بأنها لا تستطيع لأنه لا يوجد لديها اعتماد مالي لفعل ذلك، وهكذا كنا ندور في حلقة مفرغة.

وعود بلا أمل

يضيف آل سعيد “دور الأمانة والبلدية هو إنهاء إجراءات لردم الشوارع بارتفاع مترين عن وضعها الحالي وتهيئة المخطط، وتجهيز أماكن الكابينات، وفعلاً تم تجهيز أماكنها، لكن الشوارع بقيت بلا ردم.. وقد راجعنا البلدية ووعدونا بالإنجاز بعد صدور الميزانية الجديدة، وانتظرنا بفارغ الصبر، ولكن ذهبت آمالنا أدراج الرياح”.

لم ينته الإحباط عند هذا الحد، فتمت مراجعة الرئيس الجديد لبلدية القطيف، وإطلاعه على تفاصيل المشكلة التي تحول بين المواطنين وتملكهم  لمساكن انتظروها طويلاً، وتساءل آل سعيد: تم ردم قرابة 85 إلى 90% من المخطط، فلمَ لا يعطوننا تصريحاً جزئياً، حتى يتمكن أصحاب الأراضي المردومة ببدء البناء؟”.

خالد الربح

حلم آيل للسقوط

بذات السياق، يكشف خالد الربح (من بلدة العوامية) أنه اشترى الأرض قبل 6 سنوات لبناء مسكن لعائلته، ولكن حتى الآن لم يأخذ تصريحاً، واصفاً وضعه الحالي بأنه يعيش  في منز ل قديم متهالك وآيل للسقوط عمره أكثر من 65 سنة، وكان الأمل أن يعمّر بيتاً مناسباً لعائلته يرحمهم من تداعيات البيت المتهالك، ويضيف “سابقاً تابعت مع رئيس المجلس البلدي المهندس شفيق السيف، ولكن لم نتوصل إلى حل ينهي المشكلة، وبقي العائق الذي يتكرر على مسامعنا، هو يجب أن تُستكمل البنية التحتية للمخطط، كي تستطيع شركة سكيكو إدخال الكهرباء، واستكمال البنية التحتية من مسؤوليات البلدية، وها نحن نعيش وسط هذه الدوامة لأكثر من 6 سنوات”.

ويذهب الربح بأشجانه بعيداً في ظل الأسعار الفلكية للأراضي بالقطيف التي تفوق قدرة أي مواطن من ذوي الدخل المحدود، فحتى لو تمكن من شراء قطعة أرض فإنه سيظل رهن البنوك لقرابة 20 عاماً”. وأكمل بنبرة حزن “وصلت سن الـ 53 عاما، وإلى الآن لم أستطع أن أبني مسكن العمر، بل إني اقتلعت الفكرة من قاموسي، وكل ما أرجوه أن أبني منزلاً لأولادي، وها هم اليوم في سن الزواج، ولا أريد لهم أن يُستنزفوا بالإيجارات”.

يضيف “حقاً أتمنى أن يصل صوتنا ـ نحن المتضررين ـ إلى من بيده القرار، ليكون الحل والفرج على يديه”.

موسى الراشد

خفي حنين

من جهته، يشترك موسى الراشد (40 عاما) مع سابقيه في أحلامهم البسيطة وأقلها الحصول على تصريح البناء في المخطط، ورداً على سؤال بشأن سبب شرائه الأرض وهو يعلم بعدم التصريح بالبناء فيها، يقول الراشد “قبل أن أشتري الأرض نزل خبر عن أراضي الضاحية بأن هناك قسماً كبيراً من الأراضي مصرحة، وكان المجاور الخامس مصرحاً بالكامل، فلم أتردد في الشراء بل اعتبرت أن الأرض فرصة العمر، وكنت متحمساً جداً، فمن يعش في القطيف يعلم بأن ليس هناك متنفس من الأراضي إلا من جهة الغرب، أما داخل المحافظة فالأراضي قليلة وأسعارها مرتفعة جداً”، ويكمل “وكعشرات المتضررين راجعت البلدية مرات ومرات، لأسمع ما سمعه غيري، ولأعود كما عادوا بخفي حنين”.

مكب نفايات

وبالعودة للمشكلة من الأساس يقول الراشد “هذه الأراضي منح من الملك فهد ـ رحمه الله ـ للمواطنين، وبعد توزيعها، وشروع الناس باستصدار التراخيص للبناء، اعترضت أرامكو وأوقفت التصاريح، لكامل المخطط، وبعد سنوات طويلة من هيمنة أرامكو على المخطط واعتباره من محجوزاتها رفعت يدها وأفرجت عنه، وكان هذا الخبر كافياً ليحرك الأراضي الساكنة ويسرّع في عمليات العرض والطلب، البيع والشراء.. إلا أن سعادة الناس بهذا الخبر لم تدم طويلاً، حيث عانوا من المعضلة المستمرة حتى اليوم بين البلدية والكهرباء”.. ويختتم الراشد حديثه بالعبارة الموجعة: “وأكثر ما يوجعك أن ترى حلم عمرك وقد تحول إلى مكب نفايات، حيث أن مقاولي البناء يرمون مخلفات البيوت في المخطط، دون حسيب أو رقيب..!”.

ناصر الصفار

لسنا مستثمرين

“الناس بتنقبر واحنا ما سوينا شي”.. بهذه الكلمات المثقلة بالإحباط واليأس، بدأ ناصر الصفار (52) عاماً حديثه بإيضاح أنه تم توزيع أراضي المخطط قبل 30 سنة وإلى الآن لم يستفد منها مالكوها بشيء، مكرراً عبارة مواطنه خالد الربح “لقد كبر الأولاد، وحان وقت تزويجهم، وأتمنى أن أتمكن من تأمين منزل لهم”! وتساءل “أليست “الضاحية” أولى بعمل البنية التحتية من بعض الأحياء كالخزامي مثلاً، هذا المخطط قديم وبعض مالكيه ماتوا، فلمَ يهمل ويركن على الرف؟”.

ويناشد الصفار المسؤولين عبر “صُبرة” الإسراع في حل المشكلة معاتباً “حن لسنا مستثمرين، كي يمكننا الانتظار سنة أو سنوات، نريد فقط أن نبني بيوتاً لأولادنا، والانتظار يعني ارتفاع الأسعار أكثر”، متسائلاً بألم عن حال الذين اشتروا أراضي ليسكنوها، فإذا عليهم فوق دين البنوك أن يدفعوا إيجاراً لبيوت يقطنونها، هذا عدا من يتقاسمون سكنى بيوت عائلاتهم، داعياً إلى تخيل أن تبقى في بيت هو أصلاً إرث لـ15 شخصاً، كيف سيكون شعورك؟، ببساطة “هذا البيت لا تملكه، لأن غيرك يشاركك فيه”

مطب لا خروج منه

زهراء آل سعيد (ممرضة وأم ) تسرد قصتها مع أرضها “قبل أكثر من 4 سنوات سمعنا عن أراضي ضاحية الملك فهد، كنا نعرف أن هذا المخطط محجوز لأرامكو التي تمنع البناء عليه، وها هي اليوم تفرج عن الأراضي، وانتشر خبر جاهزية أراضي المخطط  للبناء.. وتعترف “شعرنا بالفرصة تطرق بابنا، واغتنمناها ـ كما كنا نعتقد ـ لذا سارعنا إلى شراء قطعة أرض في المجاور الخامس من الضاحية”.

تكمل آل سعيد “راجعنا البلدية وطلبنا ترخيص بناء، لكنهم اعتذروا لأن المخطط غير جاهز، كيف ذلك؟، وماذا عن الأخبار التي انتشرت سابقاً، لقد وصل إلينا أن المجاور الخامس مصرح بالكامل!!، لكنهم لم يعيروا أسئلتنا سوى رؤوس أجوبة، لا يمكنها أن تقطع شكاً، ولا أن تجبر شعورنا بالخسارة التي منينا بها”. وتنهي حديثها “اشترينا الأرض لنعمر بيتاً فإذا بنا نقع في مطب ليس من السهل الخروج منه، وبدأنا مشاوير لا نهاية لها، مراجعات للبلدية وسكيكو والأمانة، ولم نصل إلى نتيجة حتى الآن”.

لا بناء ولا بيع

تختلف معاناة هديل الداوود عن سابقيها في التفاصيل وإن كانت النتيجة واحدة، جميعهم لا يمكنهم البناء، لكن الداوود تزيد عليهم بمرارة أخرى، وهي أنها لا تستطيع بناء أرضها ولا بيعها، وتشرح باستفاضة “أكثر من 15 سنة منذ شرائنا الأرض، وكانت لبناء المسكن الذي حلمنا به طويلاً، 900 متر مربع، كانت كافية لبيت الأحلام الذي أنتظره، وأخذت أرسم في ذهني كيف سيكون بيتنا، غرف الأولاد، المطبخ، غرفة استقبال الضيوف، حديقة المنزل، كل التفاصيل كان لها حيز من تفكيري، لكنها كانت في مخيلتي فقط، فلم يكتب لها أن ترى النور حتى اليوم”.

أراض متصدعة

وبأسى واضح تتذكر الداوود مفاجأة زلزلت كيانها وحولت فرحتها إلى مأتم “قالوا لنا إن الأرض تقع في منطقة متصدعة ولا تصلح للبناء”، لتسقط في خضم بحر من علامات الاستفهام “إن كانت متصدعة فكيف مُنحت؟، وإن كانت متصدعة فكيف سمحوا بتداولها وببيعها؟

كلها أسئلة مشروعة تحول الأحلام إلى أوهام، تلخصها بعبارة ماذا يمكننا فعله للحد من الخسارة؟، لتجيب على الفور بحسرة: “لا شيء.. نعم لا شيء، فلا نستطيع بناء الأرض لأنها متصدعة، ولا نستطيع بيعها لأنها متصدعة”!

وهكذا تضيع وعود التعويض بعد ضياع أحلام البناء، وعلى المتضرر اللجوء للسماء أو القضاء والقدر!

‫8 تعليقات

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    موضوع ضاحية القطيف أصبح حديث الساعة والناس أصبحت بضيق حقيقي وكلما مشت السنوات إزدادت المشكلة.. عدد سكان القطيف في ازدياد والبلدية تعمل على مشاريع لا تستفيد منها سكان القطيف الإستفادة المطلوبة والمهمة…
    الهم الشاغل للعقول هو مستقبل الجيل القادم من أبناء القطيف فلا يستطيع أبناء هذا الجيل شراء ارض بوسط القطيف بقيمة تتراوح بين ٢٢٠٠ إلى ٢٥٠٠ وربما ٣٠٠٠ الآلاف.
    إن الإنجاز الفعلي والحقيقي لبلدية القطيف هو توصيل الخدمات لضاحية القطيف وليس إهدار الميزانية في مشاريع مع المقاولين لبناء كوفي شوب أو ترصيف شوارع او إنارة صحيح هذه مهمه ولكنها ليست الأهم بالنسبة لأهل القطيف في ضوء تزايد عدد سكان أهل القطيف في ضوء قلة الأراضي بوسط القطيف وغلائها وهذه مشكلة حقيقية يعانيها أهل القطيف تزداد مع تقدم السنوات…

    يجب على أمانة المنطقة الشرقية وبلدية محافظة القطيف وشركة الكهرباء إيجاد حلول فعلية وحقيقة…

    الإنجازات التي تحسب لأي رئيس بلدية هو تطوير المنطقة وإيجاد حلول للتكدس السكاني بمكان محدد ولهذا يجب على المسؤولين أن يراعوا حقوق الناس وإن الإنجاز الحقيقي لبلدية القطيف هو الأسراع بتخطيط ضاحية القطيف وإيصال جميع الخدمات لها.

    وليس هناك ما يمنع ذلك من مبررات غير مقنعة ثم أن المواطن يدفع نقود على كل خدمة تقدم له…

    رسالتي للمسؤولين رفقا بالمواطن هناك بطىء غير مبرر وغير مقنع لتأخير تطوير ضاحية القطيف كم من ضاحية قبلها أنجزت الا أن هذه الضاحية أصبحت ضحية بيد مواطنين ينتظرون الأمل…

    أخيراً الإنجاز الحقيقي والفعلي لبلدية القطيف هي الأتجاه لغرب المحافظة وتطوير مخطط الضاحية وفك التكدس السكاني بوسط المحافظة هذا هو الإنجاز الحقيقي والفعلي لمنع الاحتكار وتكدس السكان وغلاء أسعار الأراضي بوسط المحافظة.

    الدولة الله يحفظها لم تقصر في خدمة المواطن ولكن المسؤولين بالمحافظة يجب عليهم توسيع النظره المستقبلية لأبنائنا.

    حفظ الله بلادنا وحفظكم الله ورعاكم لكل خير يارب العالمين.

  2. متى الفرج بس متى متى. تعبنا اشتريت الأرض من عام ١٤٢٧هـ يعني ١٦ سنة وأنا أنتظر تصريح بناء أو تعويض. أرامكو قالت اراضي متصدعة سلامات ويش يعني؟؟ ولمتى ؟ يا تعطونا تعويض وناخذ لينا أرض ونبني (تعويض بتحمل سنوات الانتظار) تعبنا والله تعبنا. خذوا الأرض ليكم واعطوني مليون والسلام.

  3. خطوة مباركة من قبل صحيفة صبرة على هذه التغطية واتمنى ان يصل صوتنا للجهات المعنية لحل هذه المعضلة وان نتمكن من تحقيق احلامنا في القريب العاجل، فلقد هرمنا

  4. أبو سيد عدنان أشتريت الأرض في المجاور الثاني قبل ١١ سنه بقرض من البنك لمدة خمس سنوات وكانت طموحي بناء بيت وبعد انتظار جاء قرر أرامكو بعدم التصرف في المخطط بحجج ومن ثما سمحت لبعض والبعض الاخر لم تسمح له بحجة انها مصدعه وفي الحقيقة وجود أنابيب بترول وأمور خاصه بارامكو واحالت الأمر إلى الأمانة والأمانة لم تفعل شيء ورفعنا الأمر إلى مقام السامي الكريم واحال الموضوع الي أملاك الدولة لتعويض باراضي بديله والي الآن لم يتم التعويض والقطار العمر يمر سريع والقرض العقاري تغير إلى وزرازة الإسكان والايام تمر ونصل إلى سن ٦٠ وبعدها وزارة الإسكان تعتذر لك عن عدم اهليتك
    نناشد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان للنظر في حل مشكلة واذا هناك امر اخر يحاك خلف الكواليس لعدم السماح لنا للبناء في الضاحية الملك فهد حتى لا تأثر اسعار على المخططات الداخلية في القطيف

  5. بلدية القطيف بكل اسف متأخرة في خدمة أغلب المخططات الجديدة السابقة والحالية
    وليست المشكلة محصورة في الضاحية فقط
    أنا كانت عندي أرض في ضاحية القطيف بعتها بسب عدم وجود تاريخ بعد انتظار 9 سنوات
    وشريت في غرب النابية 110/5
    هربت من مشكلة ووصلت لنفس المشكلة
    ارجو من صحيفة صبرة زيارة المخطط ومقابلة أصحاب الأراضي للمزيد من الحقائق

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×