شهر رمضان بين العبادة والترفيه
محمد السـنان*
بعـد أيام قليلة سوف يطل علينا شهر رمضان المبارك، الذي ينتظره الكبار والصغار على حد سواء لما يشتمل عليه هذا الشهر الفضيل من بهجة لدى الصغار وروحانية لدى الكبار. فهو الشهر الوحيد خلال العام الهجري الذي ينكسر فيه الروتين اليومي سواء كان بالنسبة لأوقات العمل أو النوم أو العادات بمختلف أنواعها، كما أنه يؤثر حتى في العلاقات الاجتماعية والأسرية كما يؤثر بشكل كبير في المنتج الذي يقدمه المطبخ الشرقي سواء كان المنزلي أو غيره، حيث تتبارى ربات البيوت في تزيين موائد الإفطار بشتى أنواع الأطعمة المرتبطة بشهر رمضان بشكل خاص ك (اللقيمات) و (الكباب) و (الهريس) هذا بالإضافة إلى بعض التشكيلات من الأطعمة المحلاة.
لا شك أن شهر رمضان له خصوصيته ومكانته لدى كل المسلمين في أنحاء المعمورة، باعتباره الشهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم. وكون شهر رمضان يختص دون بقية الشهور بعبادة الصوم، وهو الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة، فهذا يضفي عليه نوعاً من القدسية والروحانية، ولكن هذا لا يعني أن نفرغه من كل مظاهر التسلية والفرح والترفيه المحتشم، إذ لا يوجد في القرآن ولا في الأحاديث الصحيحة ما يسند الرأي الذي يقول بأن شهر رمضان هو شهر للعبادة فقط، ولا مكان فيه للتسلية والترفيه. فالحديث النبوي الشريف يقول “اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً”، فهو لم يستثن شهر رمضان من العمل الدنيوي طالما أنه لا يتعارض مع عبادة الصيام.
فالعمل الدنيوي يتطلب إراحة النفوس والأبدان من عناء العمل وهموم الحياة اليومية ومشاغلها… والعناء في شهر رمضان قد يكون مضاعفاً عن بقية شهور السنة، حيث أن النهار مخصص للكد والصيام والعبادة، ولا يوجد فيه مكان للتسلية أو الترفيه.
فإذا ما جاء الليل يحق لهذا الصائم أن يستمتع بما حرم منه خلال النهار مادام ذلك ضمن دائرة المسموح والمباح شرعاً، كالجلوس مع أفراد الأسرة لمشاهدة بعض البرامج التلفزيونية الترفيهية مثل المسلسلات الدرامية والفكاهية والثقافية وغيرها. غير إن الإسراف في المسلسلات الدرامية والفكاهية في هذا الشهر بالذات، وقيام شركات الإنتاج ومحطات التلفزة باستثماره ليكون الشهر الوحيد المخصص من بين كل شهور السنة لعرض المسلسلات الجديدة، ودخول هذه الشركات في تنافس محموم فيما بينها للاستئثار بأكبر عدد من المشاهدين لأهداف ربحية بحتة، مما يدفع الناس الى التهافت على مشاهدتها والتسمر أمام شاشات التلفاز طوال الليل وحتى موعد التسحر، يعتبر انتهاكاً لحرمة هذا الشهر الفضيل واستغلالاً يسيئ لقدسيته ومكانته الروحية.
لذا، يجب أن يكون هناك توازن بين ما يقدم من أعمال درامية وترفيهية في هذا الشهر الفضيل وبقية شهور العام بكامله، حتى لا يتحول هذا الشهر من شهر الصيام والقيام إلى شهر التسلية والرفاهية وإفراغه من محتواه الروحاني.
كما أنه يستحسن أن تقدم في هذا الشهر مسلسلات يغلب عليها الطابع الثقافي والتاريخي والعلمي مع بعض الرامج الدينية التوجيهية المعتدلة والتي تنبذ التطرف والغلو، وتدعو إلى التسامح وتنمي روح المواطنة، وتحث على أعمال الخير وتحارب الجشع والاستغلال اللذين يتفاقمان بشكل بشع في هذا الشهر من قبل غالبية التجار.
وكذلك تقديم برامج تحارب كل ما هو مخالف لروح الإسلام السمحة من عادات وتقاليد بالية. كما يفضل أن تقوم القنوات الفضائية بتقديم برامج حوارية يشارك فيها النخب الثقافية من كافة شرائح المجتمع وأن لا يكون حكراً على الدعاة ورجال الدين مع احترامنا لهم.
إنها فرصة في هذا الشهر لإعادة النظر في كل ما كان يقدم من برامج دينية تحرض على الكراهية والطائفية وتدعو إلى الجهاد والانخراط في صفوف التنظيمات الإرهابية والتي عانت منها أغلب الدول العربية. نحن بحاجة إلى تظافر جهود رجال الدين من كل الطوائف للعمل معاً دون حساسية لتحرير الدين الإسلامي من كل الخزعبلات التي الصقت به عبر السنين بدءاً من دولة الخلافة الأموية وانتهاءاً بدولة الخلافة العثمانية تمشياً مع توجهات الدولة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.
ــــــــــــــــــ
*كاتب وباحث ومؤلف موسيقي
مشكور على التذكير
لمن
اذا رأيت الناس يتهافتون على شيء ويقصرون في شيئ
فالصحيح
التحذير مما يتهافتون عليه والحث على ما يقصرون فيه
فكم نسبة من يتهافت على الترفيه ويقصر في العباديات
وكم نسبة من يقصر في الترفيه ويتهافت على الجانب العبادي
اعتقد بان الثاني لا وجود يذكر له في المجتمع اصلا
بينما الاول هو السائد والمسيطر والاغلب بين ابناء المجتمع لا العكس