علاقة الفن بالشبكات الدماغية.. الحسية والعاطفية والمعرفية لماذا نقدر الجمال والفنون
محمد حسين آل هويدي
بسم الله الرحمن الرحيم: … «26» أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ «27» … صدق الله العلي العظيم – فاطر.
يمتلك الدماغ البشري مناطق ثابتة ومحددة لقدرات معينة مثل اكتساب اللغة والتفكير المنطقي. من ناحية أخرى، ليس للفن موقع محدد في الدماغ (حيرة وورطة). بدلاً من ذلك، تعمل العديد من الشبكات العصبية المختلفة معًا لإنشاء الفن ومعالجته. هذا منطقي فقط، لأن تجربتنا في الفن تشمل حواسنا وعواطفنا وتفكيرنا، كل ذلك بنسب متساوية.
المكون الأول، عبارة عن تفاعل حواسنا، مباشر إلى حد ما. يُنَشِّط الفن الحواس مثل الرؤية، جنبًا إلى جنب مع نظيراتها العصبية، بحيث عندما ينظر الناس إلى الأعمال الفنية المدهشة بصريًا، تصبح الأجزاء المسؤولة في أدمغتهم أكثر نشاطًا من المعتاد.
ولكن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن بعض الخصائص البصرية تبدو وكأنها تأسرنا بشكل شبه مؤكد. فقط خذ النسب الرياضياتية المحددة على أنها النسبة الذهبية (golden ratio). هذه النسبة موجودة في الكثير من الأشياء التي نعتبرها جميلة، من الأهرامات المصرية إلى البارثينون (Parthenon) الإغريقي.
عندما يتم تقديم المعلومات المرئية وفقًا للنسبة الذهبية، يكون للمنطقة المرئية من الدماغ وقتًا أسهل في معالجة هذه المعلومات، بينما تصبح المنطقة التي “تحكم” على ما إذا كانت هذه المعلومات جذابة أم لا أكثر نشاطًا.
رد الفعل الثاني الذي يمكن أن يثيره هو عواطفنا. إذا نظرنا إلى عمل فني يصور عاطفة مثل الخوف، أو الاشمئزاز، أو السعادة، أو الحزن، سيؤثر علينا كما لو أننا نشهد بالفعل شيئًا مخيفًا، أو مقززًا، أو سعيدًا، أو حزينًا. هذه الاستجابة متطابقة تقريبًا في كل شخص.
على مستوى أعمق، خاصةً إذا كانت القطعة الفنية أكثر تجريدًا وقائمة على الترابط (association)، فإنها ستؤثر على الأفراد بشكل مختلف. لذلك، بناءً على الهياكل العصبية الشخصية، فإن نفس القطعة الفنية التي تجعلك سعيدًا قد تجعل صديقك يشعر بالاكتئاب. هذا نوع من الغموض، لأن البحث العلمي لم يحدد بعد سبب حدوث هذه الفروقات الفردية.
أخيرًا، تشارك هياكلنا المعرفية أيضًا بعمق في معالجة الفن حيث نسعى لفهمه. يمكن أن يكون هذا العمل الشاق مجزيًا جدًا؛ يمكن أن يكون اكتشاف المعنى أو النية وراء قطعة فنية مرضية مثل حل لغز الكلمات المتقاطعة الصعبة – وأحيانًا أكثر من ذلك بكثير.
…وتلك كانت -وقد لاتزال- إحدى محطات حياتي!!
نعم المعرفة وقدرك أنت وأنا وهي وهو في سبر أغوار هذا العالم ومدى استعدادك ومنشأك وحتى تربيتك وماضيك على تَقبُّل وربما تذوق وإحساس معلومة قبل رؤيتها، وأكلة قبل تذوقها، وخبرية قبل سماعها، وعاطفة بإعجاب أو حتى نفور قبل التفاعل معها وتجربة هذا المنتج الفريد..
عجيب أنت أيها الإنسان من أقصاك إلى أقصاك يمنة وشمالا.. تكيّف رأيك بتفاعل يبرره هواك وتجربتك وينطبع على حسك وحواسك… سيارة فارهة بمئات الآلاف وبلون ما والكل ينبهر لأنه ورائها ماركة أوروبية مثلا وتلك بنفس اللون والشكل تقريباً ولكنك عرفت مسبقا أنها صنعت في الصين، فأصدرت الحكم مع أنه بقية مستقبلاتك البصرية والحسيّة واللّمسية والشمّية استقبلت ذلك بقبول مبدئي حسن.. ولكن أسدل الستار، فهلا أعطينا لجهلنا مساحة في التأني لنستزيد معرفة؟!!