“ربع الله” والإكراه على الفضيلة
منتظر الشيخ
“ربع الله”، هم جماعة دينية ظهرت في العراق في السنتين الأخيرتين، برزت هذه الجماعة خارج القانون، تهدف لتطبيق الشريعة والقانون عبر ترهيب الناس وتخويفهم، والتعدي على حرياتهم الشخصية باسم الشريعة والقانون.
لكن ـ وإن كان لهذه الجماعة اسم واضح في العراق ـ فإنها موجودة بأسماء مختلفة في عالمنا، جماعات شتى بأسماء وأفكار متنوعة، كلها تريد أن تفرض ما تراه شرعاً على الناس بالتخويف والترهيب، عبر طرق مختلفة، وأساليب كثيرة.
ولا ينبغي أن تخدعنا ظواهر الأمور عن حقائقها، فاندفاع الناس اليوم نحو اللهو والعبث، وانغماسهم في الملذات، لا يدل على أن الناس يعيشون حياة رائقة وشائقة وجميلة وخلابة، بل إنه يدل على ردة فعل عن الزمان الذي كانت تُفرض فيه الفضيلة بالسوط والقوة، والخوف والترهيب، وأن هذا الاستهتار المفرط، ازدراء صريح للتقاليد القديمة، واستخفاف بآرائهم.
ورحم الله الشيخ محمد الغزالي حين قال “الإكراه على الفضيلة لا يصنع الإنسان الفاضل، كما أن الإكراه على الإيمان لا يصنع الإنسان المؤمن، فالحرية هي أساس الفضيلة”.
إن أخذ الناس نحو التدين الجمعي بالقهر والقوة، لن يخلق مجتمعاً مثالياً، ولن يزيد رقم أهل الجنة، بل العكس تماماً، سيخلق مجتمعاً ينافق أهل الأرض والسماء، فالأصل في العبادة أنها فردية، فالله يحاسب المرء على أعماله وحده، ويسأله وحده، ولم نسمع يوماً أن الله سيحمل الناس على أعمالهم جموعاً وأفواجاً.
ولعل ما ساء على “ربع الله” في مختلف بقاع الأرض، هو أن جهودهم في إكراه الناس على الفضيلة التي يرسمونها كما يحبون، ينتهي بانتصار حرية الناس، وتمردهم الدائم، وحتى مع استخدامهم أدوات القمع والإقصاء؛ لم تفلح قوة من القوى على محاربة الرأي، و لم تستطع النار ـ مهما تكن مضطرمة شديدة الالتهاب ـ أن تحرق فكرة في كتاب، ولست أعرف إغراءً على قراءة كتاب أو التسويق لفكرة من محاربتها، ولست أعرف إحياءً للرأي أكثر من اضطهاده.
لهذا حريٌّ بالعقل الديني اليوم أن يعيد ترتيب أوراقه على أساس أن الدين اختيار لا إكراه فيه، وأن التدين فرديٌّ لا جمعيٌّ، وأن الترغيب أولوية في قبال الترهيب، وأن طالبان تنتصر اليوم بالسوط لا بالصوت، وأن الناس تفهم من أن مدح الأدباء ورجال الدين والسادة للسلاطين، قد يكون لغاية المال أو خوفاً من العقاب، لهذا ستنتصر حرية الناس عاجلاً أم آجلاً.
اقرأ أيضاً لمنتظر الشيخ
والله ونعم في الاخ منتظر
مسكين هذا القانون..
إن صارت العقوبة على الشهوات خارج نطاقه، قالوا هذا خروج عن القانون.
وإن صارت ضمنه، قالوا ما هذا القانون المليء بالعقوبات!
لكن لماذا يصرون على التمسك بأذيال (القانون)، مع أنه يوقعهم في التناقض؟
لأن الهدف الوصول إلى السماح لكل شهوة ما دامت بالتراضي! ولكن التصريح بهذا الهدف أمر مشين، فالطريقة المثلى هي أن يُقال: هذا خارج القانون، أو القانون رديء يناقض الحرية الشخصية، والإسلام لا يرضى بهذا القانون! مع أن جميع القوانين تقوض الحرية الشخصية و(تصنع مجتمعا منافقا غير مثالي)..
لا يهمني ولا يهم الكاتب أمر جماعة ربع الله، فتصرفاتهم غير السليمة ليست عندنا، ولكن يهمني ما يهم الكاتب، هذه المفاهيم والمضامين..
يهمني ويهم كل مؤمن أن لا يقال (الأصل في العبادة أنها فردية) لأن ما يسمى بالعبادات الفردية ليس سوى الصلاة والزيارة وشيء يسير آخر، فماذا عن الأمر بالمعروف والزكاة والخمس والحج والجهاد و..؟ وان أريد تطويع بعضها وجعله فرديا، فهذا فج في النهي عن المنكر!
يهمني أن لا يقال (الله يحاسب المرء على أعماله وحده) لأن الله يقول (وليحملنّ أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم)!
مقال جريء ، وهو من المسكوت عنه !
شكرا أستاذ منتظر