يوم عادي جدا !
حليمة درويش |
تقاوم ذلك الصداع الذي يطرق رأسك بثبات …تتحايل عليه بقهوة مرة وتشتت حواسك عنه ببعض الظلمة !
تنهض سريعا لأنك تتذكر بأنك ملزما بمهمة لا مناص من تنفيذها …
موسيقى هادئة تسرح بخيالك المرهق من ضجيج الصداع وزحام المهام اليومية بين البيت والعمل ونشاطات لم تعد تدري أمتعلق أنت بها أم هي متعلقة بك !!
يومض هاتفك ببريق تميز هوية المتصل بصورة تختارها بعناية مترفة تليق بمساحته في قلبك !
تكمل حديثا قطعته مرات ومرات لأنك مشغول بما تظنه مهما لكنك تعلم يقينا بأن حديثك هو الأكثر أهمية لو أردت ذلك !
يشدك وجه الرجل المسن وهو يعبر الشارع بثقة الصغار يحمل على رأسه الملفوف بغترته مايبدو وكأنه عش عصافير مليءبزقزقة مكتومة وتضحك داخلك لذلك التشبيه لكنك تذوب عشقا في ملامحه المحاربه في حياة الكفاح !
تلمح العامل الأجنبي بدراجته يقطع مسافات الغربة في حرارة الطقس وفي يده قطعة قماش صغيرة تحمل رائحة وطنه يمسح بها حبات عرق ملتصقة به تعلو جبينه لعلها تكون شاهدة على شجاعة محيره .. قد تكون نهايتها الموت وحيدا غريبا فقيرا وربما تهبه الحياة لقاء الخلود !
كل تلك الصور المتزاحمة لا تمضي بدون ذكراك المرهقة … وكيف للحب أن يميتنا وهو الذي منح الحياة لروحينا … ماعدت تثق به كثيرا … تتجاهل إلحاح الشوق وتستسلم لصداعك مرة أخرى ورشفة أخرى من قهوتك المرة وتبتسم بعفوية لطفل صغير ملتصق بنافذة السيارة بملامح وكأنها للتو غادرت مركبة فضائية …. ينتبه لك عند أول إشارة حمراء تقفان فيها معا ويبتسم ملوحا بيده …. يااالبرائة الأطفال وبساطة انفعالاتهم ودفء مشاعرهم !!
وحدهم قادرين أن يهبوك جمال الحياة !!
تبتسم له وتمضي لتكمل طريقك … إنه مجرد يوم عادي جدا !!