القيثارة وليلة عشق ريفي
جميل الحبيب
إني أحبّ.. فهل عند الندى خبرٌ؟
أم أنتِ لِلآن لم تبلغك أخباري؟!
برد الخريف، قريباً، قد يداهمني
فاستثمري الوقت في تحصيل أثماري
دارٌ من القشّ عند النهر نسكنها،
يغازل الضوء فيها ربـّة الدارِ
في مدخل الباب كرسيّان من قصبٍ
نشرتُ فوقهما ظــلِّي وأشعـــاري
ما أروع النهر في وجدان أنفسنا
والسرّ في النفس، لا في مائه الجاري
فتجلسين أمام النار ساهمةً
وبــَــرْدُ آذار يشكو بــرد آذارِ
أرنو لعينيك لا شوقاً ولا ولهاً
لكن لأقرأ في عينيك أقداري
هاتان عن مكمن المجهول أخبرتا..
فمن بوسع سوى هاتين إخباري
لا تجزعي من هوام الأرض غاليتي
فقد بنيت بطلع الزهر أسواري
وللمصاعب قد الـّـفتُ أغنيتي
وللنوائب قد أعددتُ قيثاري
قد تحفرُ الحجرَ المصقولَ قافيتي
وتقطعُ الشجرَ المجدولَ أوتاري
لديّ في الطب آراءٌ مؤيدةٌ
وفي القِـيافة عندي عين بصّـارِ
أستشعر الحلم يأتي قبل مقدمهِ
لم ينس يوماً، بريدُ الشوق إشعاري
فما لنا غير عطر الغاب من نسبٍ
وما لنا غير عش الغاق من جارِ.. !
إن يأخذ البرد من كفيك مأخذَهُ
أتيتُ بالبرد مطهوّاً على النارِ..
أتضحكين؟! أمن همسي، أمن لغتي
أم من بساطة أحلامي، وأفكــاري؟!
عذري لدى الورد أنّي فيك أسرقهُ
فكيف يرفض وادي الورد أعذراي
سحابةٌ أنا فوق الريح، فاغتنمي
وقوفك الآن جذلـى تحت أمطاري
مَن تفتنيهِ.. فمفتونٌ بلا عتبٍ
أو تهزميه، فمهزومٌ بلا عارِ!
يوماً سأكمل مشواري، ويسعدني
أنّي إلى الآن ما أكملت مشواري
تفكّري في ليالي البوح وانتفضي..
وأمعني اللحظ في النجمات واختاري
لا ترغمي العطر أن يغتال برعمهُ
قد يركبُ الشـرَّ من ليسوا بأشرارِ
**
قال المساء: طيوفُ الفجر آتيةٌ
فمن يحلّ قبيل الفجر أزراري..
ومن سيعبر ودياني وأقبـيتي
برغم أنف شياطيني وأخطاري
فما تشائين؟! هل آتيك يا قدري
جرياً على الماء أم مشياً على النارِ
مررتُ بالأرض قبل الآن مرتجلاً
وتهتُ فيها.. وهذي بعض آثاري
لكم عرقتُ بأسناني ظواهرها
وكم سبرت خباياها بأظفاري
الليل قد يبعث النشوى وأنت معي
وربما لك أفشى بعض أسراري
ورثت قطعة قلب سوف يعرضها
سوق الغرام فكوني ذلك الشاري
فليس للدرب من ظلٍّ كأمنيتي
وليس للحبّ من راعٍ كإصراري
سافرت في الغيب مراتٍ بلا عددٍ
وقد رأيتك يوماً عبر أسفاري!
أطيافك الخُضر كم أوسعتها قبلاً
فكيف يمكن للأطـيــــاف إنكاري
كم مرة عشت؟ ما دوري وما هدفي..
وما حقيقة أهوائي وأطواري..
هابيل يثأر من موتي، ويسكنني
أثارُ هابيل عند الموت، أم ثاري..؟!
ما انصعت يوماً لكأسي أو لساقيتي..
ولا وثقت بأتبــــاعي وأنصاري
أهدي ابتسامي لمن أمسى يسامرني
وأكتم الشك والشكوى بأغواري
إن الأحاديث والأسمار قاطبةً
لم تعدُ غير أحاديثٍ وأسمـــارِ
في كل حقلٍ، هنا دور أمثـّـلهُ
وكنت أبرع في تمثــيـل أدواري!
**
إن تهدأ الريح والإعصار، فالتفتي
هناك أكثر من ريحٍ وإعصــارِ !
جميل ومبدع وفنان انت
مبدع يا ابو نزار.. لقد لامست قلبي هذي الرائعه حتى قرائتها مرات عديده..انتظر المزيد من شاعرنا الكبير.