غفلة جرح بسيط تنتهي بفقد أصابع السيهاتي تعايش مع السكر 30 سنة
سيهات: شذى المرزوق
“انتبه جيداً.. ولا تُهمل علاج الجرح البسيط، وإلا كانت العواقب وخيمة، خاصة لو كنت مريض سكر” بهذا المضون، تحدث سيد زكي السيهاتي من مدينة سيهات، عن قصته مع مرض السكري، وكيف أصيب به قبل 30 عاماً، وتعايش معه صديقاً دائماً، إلى أن أصيب بجرح بسيط، تعرض له أثناء عمله متطوعاً في مقبرة سيهات، وكيف تطورت به الحال شيئاً فشيئاً إلى ما لم يتوقعه، بأن يخصع لعملية بتر 5 أصابع من قدمه دفعة واحدة.
وكشف السيهاتي لـ”صُبرة” جانباً من جوانب مضاعفات المرض “الخادع” على حد وصفه، مسترجعاً بدايات الإصابة بالمرض، وكيف تطور معه إلى أن وصل إلى ما وصل فيه اليوم، وقال “كنت آنذاك في العشرينات من العمر، حين راجعت المستشفى إثر حالات إرهاق وتعب متكررة، واجهاد، جراء تسارع نبضات القلب، وهو ما أثار قلقي، ليتبين بعد الفحوصات الطبية، وتنويم دام أسبوعين، إصابتي بالسكري”.
وأكمل “تأقلمت مع المرض، وتعايشت معه لأكثر من 30 عاماً، وها أنذا في عمر الـ53 عاماً، متزوج ولدي ابنتان متزوجتان، وولد على مشارف الزواج، وتقاعدت عن العمل، وبدأت في السنوات الأخيرة العمل متطوعاً في مقبرة سيهات”. وأكمل “في رمضان الماضي، كان الحدث الذي غير مجري حياتي، بعد أن أصبت أثناء عملي في المقبرة بجرح بسيط، ولأن المصاب بالسكري ـ كما هو معروف ـ لا يندمل جرحه بسرعة، فقد تضاعفت بي الحال، إلى أن وصلت إلى حدوث غرغرينا في إصبع قدمي”.
السيهاتي
راجع السيهاتي المستشفى، وأخبره الطبيب بإن الجرح كان في حاجة إلى تنظيف جيدة، ولكن عملية التنظيف لم تكن ناجحة، ولم يكن هناك حل طبي سوى بتر أصابع القدم. وقال السيهاتي “بالفعل، تم بتر 4 أصابع، وما كان مني إلا أن أوكلت الأمر لله، واستسلمت للأمر الواقع، وحاولت التأقلم؛ إلا أن الموضوع لم يقف عند حد بتر الأصابع الأربعة، بل عاد الطبيب باقتراح بتر الإصبع الخامس، حتى لا يتأثر، وسلمت أمري لله، وتم بتره أيضاً”.
الإرشادات الطبية
وتابع السيهاتي “عدا الألم النفسي، فأنا أمر بحالة صحية جيدة، وأحمد الله كل يوم أن الأمر لم يتجاوز ذلك، فيما أعمل على التزام النصائح والارشادات الطبية، والمتابعة الطبية، سواء في المستشفى أو مركز صحي سيهات”.
ألم نفسي
حادثة السيهاتي ليست الأولى من نوعها، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة، ما يشير إلى أن الأمر ليس حديث عهد في المجتمع، الذي لم يعد خبر بتر أطراف مرضى السكري فيه خبراً صادماً، بقدر ما هو مؤلم نفسياً، ويثير التعاطف تجاه المرضى.
نسبة كبيرة
وقال استشاري الغدد الصماء والسكري في مستشفى الموسى التخصصي في الأحساء الدكتور حسين القريني “بحسب دراسات علمية، فإن نسبة الإصابة بمرض السكري في المملكة عالية جداً، وهناك نسبة كبيرة لم تخضع للتشخيص، وليس لديها أدنى فكرة عن إصابتها، فالبعض يجهل أنه مصاب، ولا يخضع للتشخيص، ولا يعرف بأمر إصابته إلا متأخراً، ما يعني احتمالية وجود أرقام أعلى لنسبة المصابين بالمرض في المملكة، وهو ما يجعل الكشف المبكر وإجراء الفحوصات اللازمة للاطمئنان الصحي مهمة جداً.
وبالتركيز على مضاعفات السكري، قال “لمرض السكري مضاعفات على جسم الانسان، واحتمالية حدوث المضاعفات تزيد كلما ارتفعت نسبة السكر في الدم، نتيجة عدم التزام العلاج أو المتابعة”. وأضاف “على سبيل المثال، القدم السكرية والغرغرينا والبتر، من أهم هذه المضاعفات”.
التئام الجروح
وأكمل “بالطبع مضاعفات السكري لا تحدث في يوم وليلة، بل تحدث نتيجة ارتفاع مزمن في السكري لسنوات طويلة”، مبيناً أن ارتفاع السكر المزمن في الدم “يسبب تلفاً في الأعصاب، وهذا يقلل ويضعف الإحساس والشعور بالألم، ما ينتج عنه جروح دون ما يشعر المريض بها، كذلك يتسبب ارتفاع السكر بضعف الدورة الدموية، وهذا يؤثر سلباً على التئام الجروح”.
دكتور حسين القريني
وأشار الدكتور القريني إلى أن ارتفاع السكر “يضعف الجهاز المناعي، وبالتالي ترتفع نسبة التهاب الجروح، وتقلل نسبة التشافي والالتئام، وعليه، فالوقاية خير من العلاج، ونحن نحرص على تثقيف مرضانا عن هذه النقاط”.
وحول التوعية بالمرض، شدد على أهمية المتابعة الدورية مع الطبيب، وأخذ العلاج بانتظام، لضبط السكري، وتقليل مضاعفاته، ومنها إجراء الفحوصات الدورية للعين والكلى والقدم لتشخيص أي مشكلة بشكل مبكر، هذا عدا أهمية العناية اليومية بالقدمين، وفحصهما للتأكد من عدم وجود الجروح وتقرحات واحمرار في القدم، وكذلك الحرص على ترطيب القدمين، ومراجعة الطبيب فور ملاحظة أي أمر غريب فيهما”.