“بَجَمْ” كلمة عرفها القطيفيون قبل مشاهدة التلفزيون الشاعر العوامي يواصل حفر اللهجة وإعادتها إلى فصيح العربية
بعد حرف الهمزة؛ يتناول الشاعر والباحث عدنان السيد محمد العوامي كلمات عامية قطيفية من حرف الباء، مُعيداً إياها إلى اللغة الفصحى الأم، وإلى الشعر العربي الفصيح.
باج
الباج: ضريبة تستوفيها البلدية على كل رأس من الغنم، يتحملها البائع، وقد ورثتها الدولة السعودية عن السلطنة العثمانية، والكلمة فارسية مستعملة في التركية([1])، وقد دخلت الشعر العربي في قول أبي الحسن الذروي يهنِّئ صلاح الدين الأيوبي بفتح إبريم:
عليك بالروم، ودع صاحب الـ
ـباج، إذا شئت وتورانِ شاهْ([2])
بجم
بَجَم الرجلُ يَبْجِمُ بَجْماً وبُجُوماً: سكت من هيبة أو عِيٍّ، ورأَيت بَجْماً من الناس وبَجْداً أَي جماعة. والبَجْمُ: الجماعة الكثيرة (لسان العرب). والبجم في لهجة أهل القطيف: الرعاع، كالبهائم عديمو الفهم، ووقفت منه في الشعر العربي، على قول الكميت بن يزيد يهجو:
وأَزدُ شَنُوءَةَ اندرَءوا علَينَا
بُجمٍ يَحسِبُونَ لَهَا قُرُونَا
فَمَا قُلنَا لِبَارِق قَد أسَأتُم
وَلاَ قُلنَا لِبَارِقَ أَعتِبُونَا([3])
بَالَة
البالة، لُغةً: حُزْمةً من البضاعة محكمةُ اللفِّ والربط، وأهل القطيف يخصُّون بها الحزمة من الخيش (كيس الجوت) الكبيرة، يعبَّأ فيها القطْن، أو القِماش، وقد وردت في أشعار العرب, قال حافظ إبراهيم من قصيدة في البورصة مطلعها:
بِبابِكَ النَحسُ وَالسُعودُ
وَمَوقِفُ اليَأسِ وَالرَجاءِ
ومنها:
قَنِعتُ بِالقُطنِ في الوِسادِ
وَفي الحَشِيّاتِ وَالغِطاء
إلى أن يقول:
كَم بالَةٍ سَبَّبَت وَبالا
وَأَشبَهَت لامِعَ السَرابِ([4])
بتاتا: لفظةٌ قيدَ الاستعمال.
بتره: قَطَعه، قيد الاستعمال.
بتع
بِتْع، وأبتع. البِتْعُ لُغةً، من الرجال: الطويل، والأبتع: الممتلئ، وفي لجهة أهل القطيف: النَّدْب، السريع المبادرة, قال رؤبة بن العجاح من الرجز:
صَلِيبُ عَظْمِ الحاجِبَيْنِ مِصْدَمُهْ
يَهْوِينَ عَنْ حَيْثُ ارْجَحَنَّ صِلْدِمُهْ
عَنْ دَوْسَرِيٍّ بَتِعٍ مُلَمْلَمُهْ
فِي جِسْمِ خَدْلٍ صَلْهَبِيٍّ عَمَمُهْ([5])
وقال سلامة بن جندل:
كَأَنَّهُ يَرفَئِيٌّ نامَ عَن غَنَمٍ
مُستَنفَرٍ في سَوادِ اللَيلِ مَذؤوبِ
تَمَّ الدَسيعُ إِلى هادٍ لَهُ بَتِعٍ
في جُؤجُؤٍ كَمَداكِ الطيبِ مَخضوبِ([6])
بحّْ، تقال للطفل بمعنى: لا يوجد شيء، والظاهر أنها من باب التفاؤل، كما سموا اللديغ والجريح الُمشْفي على الهلاك؛ سليمًا، دعاءً له بالعافية، الأعمى بصيرًا؛ مراعاة لمشاعره، وإلا فالبَحُّ، لغةً: السعة والخصب، قال خفاف بن ندبة السلمي:
إِذا الحَسناءُ لَم تَرحَض يَدَيها
وَلَم يُقصَر لَها بَصَرٌ بِسَترِ
قَروا أَضيافَهُم رَبَحاً بِبُحٍّ
تَجيءُ بِعبقَرِيِّ الوَدقِ سُمرِ([7])
بجر
بجر عن الأمر: تثاقل واسترخى، والأبجر: الذي خرجت سُرَّتُه، والعظيم البطن، وعند أهل القطيف: الخرِق، الذي لا يحسن أن ينصع شيئًا. قال الأحوص الأنصاري:
يا أَبجَرُ يا ابنَ أَبجَرٍ، يا أَنتا
أَنتَ الَّذي طَلَّقتَ عامَ جُعتا([8])
وقال بشر ابن أبي خازم:
أجاز فلم يمنع منَ القوم جاره
ولا هو إذ خاف الضبَاعَ مسيِّر
دعا مُعِتبا جار الثبور وغره
أجّمُّ خَدورٌ يتبع الضأن حيدر
جزيز القفا شبعان يَربض حَجرة
حديث الخصاءِ وارم العَفل أبجر([9])
بحَّر
التبحُّر، لغةً: التعمق في العلوم والاستزادة منها، ولكنك تسمع الأم القطيفية تؤنِّب ولدَها على كثرة المطالعة، قائلة: >لاتْبَحُّر عينك في لمطالع. خلاص، واجد عليك!<، وهي تريد: >لا تجهد عينك بكثرة المطالعة<، وقد جاء هذا المعنى في الشعر، قال ابن نباتة المصري:
قال العذول فزاد قلباً شيّقا
ما ضرَّ، يا مسحورُ، دمعك لو رقى؟
هيهات! مع نأي الأحبَّة والضنى
ترقى دموع العين أو تجدي الرُّقى
ما زاد قلبي في الدموع تبحُّراً
إلا وزادنيَ العذول تملُّقا([10])
باخ
باخ لغةً، الرجل: أعيا، وتعب، والحرُّ فتر، وأهل القطيف يقيِّدونها في المعنى الأول، أي تَعبَ. قال عروة بن أذينة:
قَطَعتُ بِمُجذام الرَّواحِ شِمِلَّةٍ
إِذا باخَ لَوثُ العيسِ ناجٍ هِبابُها
سَفينَةِ بَرٍّ حينَ يُستَوقَدُ الحَصى
وَيَزدالُ في البيدِ الشُخوصَ سَرابُها([11])
وقال فرنسيس فتح الله المراش:
جئتم بشمشوم وجئت بهرقل
واللهُ يعطي النصر في الوقعات
إن كان باخَ ذو العمود نصيركم
خبتم فلي زوسٌ أبو الصعقات([12])
وقال ابن أبي حصينة:
إِذا زارَهُ الزُوّارُ وافَت فُرُوشُهُ
تُجَرُّ، وَباراها قِراهُ المُرَوَّجُ
تَعادى بِها غُرُّ الوَلائِدِ في الدُجى
حِجالاً عَلَيهِنَّ اللِباسُ المُدَبَّجُ
تَراهُنَّ قُعساً تَحتَ سُودٍ مَواثِلٍ
يَبُوخُ عَلَيهِنَّ السَدِيفُ المُلَهوَجُ([13])
وقال العرجي:
أَذرى الدُموعَ فَلامَهُ أَصحابُهُ
إِذ صاحَ بِالبَينِ المُشِتِّ غَرابُهُ
مِن آلِ عَمرَةَ وَالمُحِبُّ مُشَوَّقٌ
سَرِبُ الدُمُوعِ إِذا نَأى أَحبابُهُ
ذَهَبَ النَهارُ وَلا يَبُوخُ([14]) عِتابُهُم
صَبّاً يَقِلُّ لَدى العِتابِ عِتابُهُ([15])
————
([1]) انظر المعجم الذهبي، محمد التونجي، والمعجم الموسوعي للمصطلحات الثانية التاريخية، د. سهيل صابان، مكتبة الملك عبد العزيز، الرياض، 1421هـ، 2000م، ص: 50..
([2])الروضتين في أخبار الدولتين، محمد ين إسماعيل، المقدسي الشافعي، دار الجيل، بيروت، د. ت. جـ1/209.
([3])السيرة النبوية لابن هشام، علق عليها، وخرج أحاديثها، وصنع فهارسها أ. د. عمر عبد السلام تدمري، الناشر دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثالثة، 1410هـ 1990م، جـ1/122.
([4]) ديوانه، دار صادر، بيروت، الطبعة الثانية، 1423هـ، 2002م، جـ1/171 – 172.
([5]) مجموع أشعار العرب، وهو يشتمل على ديوان رؤبة بن العجاج، اعتنى بتصحيحه وترتيبه وليم بن الورد البروسي، دار ابن قتيبة، الكويت، د. ت. ص: 153.
([6])ديوانه، تحقيق د. فخر الدين قَبَاوة، دار الكتب العلمية، بيروت. الطبعة الثانية، 1407هـ، 1987م، ص: 102 – 104.
([7]) ديوانه، موقع موسوعة الشعر العربي على الإنترنت، الرابط: https://goo.gl/Svudur.
([8]) ديوانه، تحقيق إبراهيم السامرائي، مطبعة النعمان، النجف الأشرف، 1388هـ، 1969م، ص: 290.
([9]) العفل: شعر ما بين خصيتي الكبش، والأبيات ليست في ديوان بشر، وهي في الموسوعة الشعرية معزوة إلى كتاب المعاني الكبير لابن قتيبة.
([10]) ديوانه، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت، ص: 343.
([11])ديوانه، تحقيق الدكتور يحيى الجبوري، دار القلم، الكويت، الطبعة الثانية، 1401هـ، 1981م، ص: 276 – 277.
([12])موقع شعراء الفصحى في العصر الحديث، الرابط: https://goo.gl/hDpD1i.
([13])ديوانه، صححه وشرحه أبو العلاء المَعرِّي، حققه محمد أسعد طلس، دار صادر، بيروت، الطبعة الثانية، 1419هـ، 1999م، جـ1/330.
([14])قد تفسر هنا بـ(يفتُر)، والمعنى واحد، إذ الفتور يسببه التعب والإعياء..
([15])ديوانه، جمعه وحققه وشرحه د. سميح جميل الدجيلي، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى، 1998، ص: 173..
[يُتبع غداً في الثامنة صباحاً]
جميل جدًا