نزيهة الدخيل بعد عملية الكُلى: ابن أخي نافس أبنائي في التبرع لأنني “أمّه” رعيته يتيماً.. فواجه الإحسان بالوفاء.. وهو مثلهم
صفوى: أمل سعيد
بعد نجاح عملية زراعة الكلى، كشفت الحاجّة نزيهة الدخيل عن سرّ مشاركة ابن شقيقها حسين عبدالله الدخيل في منافسة التبرّع إلى جانب أبنائها الثلاثة حسين ويحيى وأريج أبناء علي الدخيل.
ومن سريرها الأبيض في مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام؛ أفضت الحاجة نزيهة بتفاصيل قصة تعود إلى قرابة 20 سنة، وتحديداً منذ وفاة شقيقها ومشكلة زوجته الصحية، وهو الأمر الذي جعل منها أمّاً ثانيةً لأبناء أخيها. وهذا هو السبب الذي دفع بابن أخيها إلى أن ينافس أبناء عمّته في التضحية بكلية من أجلها.. فقد ربّته، ورعته، فصارت أماً.
ابن أخيها حسين عبدالله الدخيل شارك في المنافسة
وإليكم التفاصيل:
كنا نندهش من بقائها بجانب الأطفال الأصغر سناً، ومن شديد عنايتها بهم، وحبها لهم، كانت قليلاً ما تلعب معنا، وكثيراً ما تهتم بهم. هكذا رأتها قريناتها في أيام الصبا.. نزيهة الدخيل، الصغيرة التي وُلدت أماً، ليس ضرورياً أن يكون الطفل قريبها لتقترب منه وتلاعبه وتعتني به، يكفي أن يكون طفلاً.
كبرت الصغيرة وكبرت الأم في داخلها، تزوجت ورزقها الله بأولاد أعطتهم اهتمامها وعنايتها، فعرفوا حق الأمومة وتسابقوا للظفر في تأدية جزء منه.
وقبل أسابيع؛ وجدت الأم نفسها أمام منافسة 3 من أبنائها، ومعهم ابن شقيقها، من أجل أن يظفر أيٌّ منهم بمنحها كُليةً من جسده تبرُّعاً، بعد تعب يزيد على 12 سنة من المشكلات الصحية التي واجهتها.
تسابق الثلاثة، وفاز أحدهم، وحصلت “نزيهة” على كلْية ابنها “حسين”، وتمّت عملية الزراعة في مستشفى الملك فهد التخصصي، يوم الخميس الماضي. ومن على سريرها الأبيض في المستشفى تحدثت “نزيهة” مع “صُبرة”.
كلهم أولادي
توفي شقيقها قبل 18 سنة وترك 4 أولاد وابنتين، لم يكمل أكبرهم 10 سنين، وأصغرهم كان مازال جنينا في بطن أمه، فما كان من الأم التي وسع قلبها كلَّ طفل رأته إلا أن تحتضن أبناء شقيقها لتربيهم بمعية أمهم التي كانت تعاني مشاكل صحية.
كان البيت بجانب البيت، لذا كانت تهتم بكل تفاصيل يومهم، ماذا أكلوا كيف يقضون يومهم..؟ من الذي يوصلهم إلى مدارسهم..؟ وحتى منامهم، وكثيراً ما ناموا بين يديها.
وفي حديثها لـ “صُبرة” قالت نزيهة الدخيل “حين علم أبنائي بحاجتي لمتبرع، ذهب الأربعة معاً، يحيى وحسين وأريج بالإضافة إلى ابن أخي حسين عبدالله الدخيل، لإجراء الفحوصات”، وتستدرك “حسين ليس ابن أخي فقط؛ بل هو ابني، فأنا من ربيته صغيراً، نشأ في حُضني وهو ابن 3 سنين، هو وباقي أخوته”.
وفي لحظة نسيت الأم ألمها وبدا صوتها أكثر قوة، وامتلأت نبرته بالفرح لتضيف لقد “كبر الصغار، الأولاد أصبحوا رجالاً، والفتيات أصبحن نساءً، الحمد لله، هؤلاء أيضاً أبنائي”.
الابن حسين علي الدخيل الفائز بشرف التبرع
الزراعة أفضل
لم تكن الدخيل تعلم بحال كليتيها الصحية، ولم تراجع طبيباً من أجلهما إلى يوم ولادتها بأصغر أبنائها، حيدر، الذي اضطر الأطباء إلى إجراء عملية قيصرية، وبعد عملية الولادة مباشرة نصحها الطبيب بمراجعة المستشفى للاطمئنان على الكلى، وهناك علمت بضعف أدائهما.
تقول “ظللت أراجع عيادة الكلى منذ 12 سنة، وقبل سنة قال لي الطبيب إن الكلى ضعيفة جداً، ولم يعد بمقدورها القيام بعملها، ولا بُدّ من أحد أمرين: إما أن تخضعي لعملية غسيل كلوي، أو أن تجدي متبرعاً كي تحصلي على كلية سليمة تستطيع تنقية الدم وتصفيته، وأكدّ إن الزراعة أفضل”.
تضيف الدخيل “رجعت إلى البيت ولم أشأ إخبارهم لكنه أمر لابد منه، فقلت لهم ما قاله الطبيب، ولم أحتج إلى أن أقول شيئاً بعدها، فكلهم، ولله الحمد، قالوا إنهم مستعدون لإعطائي كلاهم”.
وتوضح الدخيل “عندي 6 أولاد ذهب منهم 3 لإجراء الفحوصات، وتخلفت ابنتي الكبرى ليس لأنها لم ترغب بذلك بل كانت كأخوتها تريد أن تعطيني عمرها لكنها مريضة (سكلسل)، لذا لم تذهب هي وأخويها الذين مازالا طفلين صغيرين”.
الابن يحي على الدخيل وشقيقته أريج خضعا للفحوص
بعد العملية
الحمد لله؛ تكللت عملية زراعة الكلية بالنجاح، وعاد حسين الدخيل ـ ابن المريضة ـ إلى منزله، في حين بقيت الأم في المستشفى للتأكد من نجاح العملية. تقول الدخيل “الحمد لله أشعر بأنني بخير، لكن الطبيب استبقاني لإجراء مزيد من الفحوصات ومراقبة عمل الكلية”.
وتضيف “تفاجأ الأطباء أثناء نقل الكلية من ولدي حسين إليّ بوجود 3 شرايين عوضاً عن 2، لذا تقرر أخذ خزعة من الكلية الجديدة، والتأكد من أنها تعمل بكفاءة تمكنني من العيش بصورة طبيعية، وها أنا أنتظر نتائج التحاليل، ونسأل الله أن تكون مطمئنة”.
اقرأ أيضاً
[صفوى] 3 أبناء يتنافسون في منح أمهم “كُلية”.. ومعهم ابن شقيقها