[وثيقة] سنة 1944.. علي ادغام “العوامي” دخل الغوص مع بن هارون “الداريني” النوخذة أقرضه 16 روبّية لإطعام أسرنه طيلة غيابه على أن يُعيدها بعد "القَفال"
[فيديو] ابن البحّار يؤكد أن أصل أسرة "دغام" عوامي.. ثم انتقلوا إلى سنابس
القطيف: صُبرة، خاص
في مثل هذا اليوم؛ 6 جمادى الثانية من سنة 1363هـ؛ الموافق 28 مايو 1944م، كان البحّار علي بن محمد بن حسن دغام في منزل النوخذة أحمد بن هارون الأنصاري، في دارين، للاتفاق على مشاركة البحّار في رحلة الغوص لذلك العام.
كانت الحرب العالمية الثانية في عامها الأخير، والمواجهة تقتل الملايين بين دول المحور ودول التحالف، في أوروبا وأفريقيا وآسيا، ومحيطات الكوكب وبحاره.. ومع ذلك؛ كان بحّارة الخليج العربي على “سبحانيتهم” السنوية، “يدشّون البحَرْ”، يبحثون عن اللؤلؤ، في كلّ موسمٍ يمرّ.
وتحمل وثيقة من أرشيف الباحث المهندس جلال الهارون إشارة إلى أن سفن دارين نزلت البحر في موسم عام 1944م، ففي تلك السنة؛ حُرّرت وثيقة لصالح النوخذة أحمد بن هارون، والداعي لها توثيق حق النوخذة في دين حصل عليه أحد البحّارة، على أن يُعيده إليه بعد عودتهم من رحلة الغوص.
الوثيقة، على قِصَرها، نموذج لنمط حياة كان معمولاً به، قبل أفول زمن الغوص، وذات مداليل اجتماعية واقتصادية في ذلك الوقت.
تاريخ الوثيقة هو يوم الأحد 6/6/1363، الموافق 28 مايو 1944؛ وطرفاها النوخذة الداريني، والبحّار علي بن ادغام الذي وصفته الوثيقة “من أهالي العوامية“. وسبب الدين هو أن المدين سوف ينزل مع الدائن رحلة الغوص في تلك السنة. ومن أجل أن يؤمّن المدين قوت عياله مدة لا تقل عن 3 أشهر؛ فإنه احتاج إلى المبلغ، ليعطيه أهله، يستعينون به على قضاء حوائجهم طيلة مدة غيابه في البحر.
هذا الدين كان معتاداً في تاريخ الغوص، والبحّارة عادة ما يحصلون على قروض من النواخذة، ثم يُعيدونها إليهم بعد العودة من الغوص المعروف بـ “القَفال”. ومن أجل ضمان الحقوق؛ تُحرّر الوثائق ويوقّعها المدين ويشهد على ذلك شهود.
والوثيقة التي تنشرها “صُبرة” نموذج من نماذج العلاقات المالية بين ربابنة سفن الغوص وملاّكيها وبين البحّارة الذي يدخلون الغوص، تاركين أهلهم على اليابسة.
الروبية
ماذا يساوي المبلغ…؟
الـ 16 روبية كانت تساوي الكثير، بحسب تقديرات الشاعر والمؤرخ عدنان العوامي. وحسب كلامه أيضاً، فإن الروبية الواحدة تعادل قيمتها الريال في زمنها. ولكنّ الريال ـ في ذلك الزمن ـ كان بإمكانه تموين أسرة صغيرة لبضعة أيام، مع الاقتصاد والتدبير.
في ذلك الزمان؛ لم يكن هناك من صرف مالي إلا على الطعام، الكماليات لا وجود لها.
يُضيف العوامي “أوصت والدتي بـ 50 روبية، لزواج أحد أعمامي، وقد كفى هذا المبلغ للزواج فعلاً.. وكان ذلك قبل سنة 1357هـ”.
الباحثان عدنان العوامي وجلال الهارون
الدائن
المرحوم أحمد بن هارون بن محمد الأنصاري
وقد لحقت به شهرة “بن هارون”، وهو من أسرة كبيرة عُرفت بتجارة اللؤلؤ في المنطقة الخليجية. بدأ حياته تاجر لؤلؤ، وعمل تحت إشراف أخيه الأكبر إبراهيم الذي كان ممولاً كبيراً واسع الثراء، يقرض البحارة مقابل ضمان محصول اللؤلؤ.
ولم يكن لإبراهيم أبناء ذكور، لذا ورثه أخوه احمد بن هارون، وبذلك أصبح يقدم القروض (التسامح والسلف) لعمال الغوص في مختلف قرى القطيف، كم تبين دفاتر الغوص.
هذه الإفادة من الباحث المهندس جلال الهارون الذي أضاف “ذُكر في مقال في مجلة الاقتصادية نقلا عن أحد شيوخ الجبيل من أسرة ال خاطر، أن القطيف كان بها مجلس للغوص يمثله اثنان المرزوق عن أهل القطيف وأحمد بن هارون عن دارين، وكانت تربط احمد بن هارون علاقة قوية بالشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين، حيث كان كثير التردد على مجلس الشيخ، وكانت وفاة احمد بن هارون في دارين قرابة عام ١٣٩١هـ. ومن المؤسف أننا لم نعثر على صورة له.
علي دغام
المدين
المرحوم علي بن أحمد بن حسن دغام
وصفته الوثيقة بأنه من “أهالي العوامية”، وقد جاء هذا الوصف استناداً إلى مقرّ سكنه في قرية العوامية وقتها. والمعروف ـ حالياً ـ هو أن آل “دغام” من سكان بلدة سنابس المجاورة لدارين. وطبقاً لروايتين متطابقتين لموسى وحسن دغام؛ فإن “علي ادغام” ـ وهو عمّهما الأكبر ـ سكن العوامية، على خلاف أخوته الأربعة، بعد زواجه من امرأة من أسرة المبيوق، اسمها “طيبة”. وقد أنجب منها ولدين: المرحوم محمد، وعلي، وابنة واحدة المرحومة “أنيسة”.
ويؤكد هذه الرواية المهتم بتراث العوامية عبدالله أبو رشيد.
الأخوان موسى وعبدالله دغام؛ يذكران أن جدّهما أنجب 5 من الأولاد وابنتين، وعلي هذا هو أكبر الأخوان، وهناك المرحوم عبدالكريم، والمرحوم جعفر، والمرحوم منصور، والمرحوم حسن والأخير هو والدهما.
أما الابنتان؛ فإحداهما المرحومة طيبة والدة المرحوم الملا يعقوب الهاجري المتوفيين في سبعينيات القرن الماضي. والثانية هي آمنة التي تزوجت المرحوم حسين ضيف العريض، وعاشت وتوفيت في العوامية عام 1406هـ.
وقد انتشرت ذرية ادغام في سنابس والعوامية وسيهات، وتصاهرت مع عائلات كثيرة.
المرحوم محمد، الابن الأكبر للبحار علي دغام
أما عمّهما المرحوم علي، المذكور في الوثيقة، فقد عاش وتوفي في العوامية، وأنجب ولدين، وابنة واحدة.
1 ـ المرحوم محمد علي: عمل في الزراعة، وبيع الأسماك، وقد استمرّ في مهنته الأخيرة إلى ما قبل وفاته بسنوات. وأنجب ذرية، أكبرهم “حسن” الذي الذي توفي هذا الشهر (ديسمبر 2022)، والمرحومين جعفر ومنصور.
2 ـ علي بن علي: عمل في الزراعة، ثم التحق بشركة أرامكو، ثم تقاعد، وما زال على قيد الحياة. وفي منتصف الثمانينيات بنى بيتاً في حي النمر الشمالي بمدينة سيهات. وقد أنجب ذرية، أكبرهم فتحي، حبيب، وما زال يقطن حالياً في مدينة سيهات.
3 ـ المرحومة أنيسة، تزوجت من قريب والدتها المرحوم صالح المبيوق، وأنجبت منه ذرية من الأبناء والبنات، أكبرهم: كفاح، سعود.
علي بن علي:
آل دغام أصلهم عوّامي.. ثم انتقلوا إلى سنابس
علي بن علي دغام، الابن الثاني للبحّار علي دغام، التقته “صُبرة” في منزله بمدينة سيهات، بحضور الباحث زكي الصالح، والمهتم بالتراث عبدالله أبو رشيد. وفي اللقاء أكد علي بن علي أن عائلة “ادغام” ذات أصل عوّامي، ثم انتقلت إلى سنابس، وتملكت مواقع سكنها بحكم كون الأراضي “رحمانية” تنطبق عليها القاعدة القديمة “من سكن ملك”.
وقال علي بن علي إن جده أنجب 5 أبناء وابنتين، ووالده هو الأكبر، وكان يعيش في سنابس، قد ودخل الغوص مع بعض أخوانه، لكن والده انتقل إلى العوامية، وعمل في الزراعة، وقام على النخل المعروف بـ “البجيلي”، ونخل “ضاحية شمس”، كما نزل الغوص مع “الدواسر”، وقد أمضى بقية حياته في العوامية حتى وفاته سنة 1372هـ.
ويوضح علي بن علي أنه لم يرَ والده بحّاراً، لكنه سمع منه ومن والدته أن كان “سَيْب” سفينة، وهذا يعني أنه نزل الغوص ليتولى مهمة سحب الغواص بعد إنهاء مهمة البحث عن المحار.
ويمكن سماع شهادة علي بن علي عن عائلة دغام وعن والده في الفيديو التالي:
صورة الوثيقة
نص الوثيقة
الداعي لتحرير أني علي بن ادغام من أهالي العوامية باني قد التزمت إلى النوخذة أحمد بن هارون في ستة عشر ١٦ ربية عوض الفصل عن كدّ سنه ١٣٦٣هـ، أسلّمها له في قفَال الغوص بدون نزاع ولا مماطله، وأن أحوجتهم إلى شكوا فالخدمة عليّ وجميع ما يصرف، ليكون معلوم وأذنت لمن يشهد بذلك.
حرر في ٦/٦/٦٣
ما نسب لي صحيح وانا علي ابن ادغام
شهد به كاتبه عن أمره محمد بن مبارك بن دلهان
علي بن علي دغام في منزله بسيهات