أيام عاشوراء تصل ذروتها الليلة.. والقطيف تنقطع تماماً لإحياء فعّالياتها حداد شامل يُغلق المحلات التجارية ويُفرغ المدارس من طلّابها
القطيف: صُبرة
تصل أيام عاشوراء ذروتها، هذه الليلة، في المناسبة السنوية الشجيّة في الموروث الشيعيّ، فارضةً آثارها على حياة المواطنين الشيعة في القطيف والأحساء والمدينة المنوّرة، باختلافات نسبية. وتُغلق المحلّات التجارية أبوابها في أغلب مدن محافظة القطيف وقراها، فيما تظهر المدارس، غداً، بلا طلاب تقريباً، ويتفرّغ الناس لحضور مجالس الخطباء المُجدولة، منذ بداية النهار حتى وقت متأخر من المساء.
وعلى الرغم من الجدليات التي تتجدّد سنوياً حول ما يُعرف بـ “التطبير” وبعض الظواهر المختلَف فيها حدّ التصادم أحياناً؛ تفرض المناسبة اتفاقاً تامّاً بين الناس على احترام الفعّاليات المتعددة التي تتفرع ما بين محاضرات ومعارض وأمسيات شعر وندوات ثقافية وحملات خيرية للتبرع بالدم لصالح مستشفيات المنطقة.
ليلة العاشر من المحرّم هي الأكثر شجواً وحزناً وخصوصيةً على مدار السنة، بعد ليلة الثامن والعشرين من شهر صفر التي يُحيي فيها الشيعة ذكرى وفاة النبي (ص)، وليلة الحادية والعشرين من شهر رمضان في ذكرى وفاة الإمام علي. وتتركّز في ليلة عاشوراء ويومه حالةٌ من الحداد الشامل، استحضاراً لتفاصيل واقعة كربلاء التاريخية التي قُتِل فيها الحسين وأنصاره، وإحياءً للذكرى التاريخية.
وعلى اختلاف المرجعيات الشيعية المعاصرة؛ تظهر شخصية الإمام الحسين، ومعها شخصيات أنصاره وأهل بيته، رموزاً في البطولة والفداء والإيثار والثبات على المباديء، ويُحضّر الخطباء أنفسهم قبل عاشوراء ويعدّون موضوعات خطبهم لإلقائها منذ الليلة الأولى إلى الليلة الثالثة عشرة. وتتنوّع المحاضرات ما بين اجتماعية وثقافية وأخلاقية، في حين يركّز كثيرٌ منهم على الطريقة التقليدية في موضوعات دينية وتاريخية.
وتنتعش في هذه الأيام أدبيات مكثفة تستمد مادتها من الشعر العربي الفصيح والشعر الشعبي الذي تناول موضوعات الإمام الحسين، فيما تنتشر أيضاً أعمال فنية تُصوّر واقعة كربلاء، عبر رسومات كلاسيكية.
وتشير بعض الإحصاءات إلى وجود أكثر من 500 حسينية في المنطقة الشرقية تُحيي فعّاليات عاشوراء، لكنّ هذا الرقم لا يمكن إمضاؤه كمعلومة صارمة؛ إلا أن هناك نشاطاً منبرياً واضحاً في كل المدن والقرى ذات الكثافة الشيعية، إذ يندر أن تمر ساعة من ساعات النهار إلى ما قُرب منتصف الليل ليس فيها خطبة، طيلة أيام عاشوراء.
وتُحيَىْ الفعّاليات منقسمة ما بين رجالية ونسائية، ولكل قسمٍ طريقته في إحياء الفعّاليات.
وتحظى جميع الفعّاليات بحماية أمنية يقدّرها المواطنون، ويُضيفونها إلى رعاية الدولة التي تتفهم طبيعة المجتمع الشيعي وموروثه وتقاليده الخاصة، وتتعاون الأجهزة المعنية فيما بينها لتسهل حركة الناس وتجمعهم في المواقع الخاصة بإقامة الفعّاليات، كما تبذل الأجهزة الأمنية حرصها على إعادة انتشارها وتكثيف نقاط التفتيش في جميع مداخل القطيف على نحو أكثر من باقي أيام السنة، ترتيباً بين المسؤولين وبين الأهالي. كما تنشر دورياتها الأمنية في محيط المواقع التي تُقام فيها الفعّاليات، من أجل مزيد من الحماية.