تنتظر حلاً عاجلاً.. خضراء الفريد مهددة بالـ “قلانزمان” وخائفة من توقف دعم “الموارد” 25 مصاباً في صفوى وسيهات وتاروت
القطيف: جود الشقاق
ما ان تخرج خضراء محمد الفريد من المستشفى التي ترقد فيها أياماً وربما أسابيع، إلا وتعود إليه مرة أخرى على وجه السرعة، لمتابعة حالتها الصحية بسبب مرض “قلانزمان” المزمن المصابة به من وقت مبكر من حياتها.
وتبدو حياة خضراء اليوم مُهددة على مدار الساعة بسبب المرض ذاته، فمنذ كان عمرها 7 أشهر، ومخاوف فقدها للحياة لم تبرح أفراد أسرتها، وظل “القلنزمان” ملازماً لها حتى اليوم، بعد أن بلغت الـ48 عاماً.
ويهدد المرض المصابين به بنزف الدماء بغزارة دون توقف من الأغشية المخاطية، بفعل نقص البروتينات في الصفائح الدموية. وهو ما دفع خضراء إلى أن تحسب حركتها بكل دقة، حتى لا تتعرض للإصابة، فيحدث لها ما لا تُحمد عقباه.
وتُصنف إصابة خضراء بـ”الدرجة الشديدة” في المرض، وتحتاج إلى نقل دم وصفائح دموية بين حين وآخر، ما جعل اسمها ضمن الحالات المستفيدة من الدعم المقدم من خدمة التأهيل الشامل، إلا أنها فوجئت مؤخراً برسالة واردة على جوالها، تخبرها بتوقف دعم التأهيل الشامل.
رسالة إيقاف الدعم
ويقول نص الرسالة “عزيزي المستفيد: لعدم وجود إعاقة موحدة بعد آخر تقييم، تم إيقاف صرف الإعانة المالية مؤقتاً، فبادر بتحديث بياناتك من خلال البوابة الوطنية المخصصة للتحديث..
وزارة العمل والتنمية الاجتماعية”.
وما أن قرأت خضراء الرسالة، إلا وأصابها الحزن والقلق على حياتها، واستفسرت عن سبب إيقاف الدعم، قائلة “اتصلت على الخدمة المساندة، وأخبرتني الموظفة المسؤولة أن سبب إيقاف الدعم، راجع إلى الطبيب، الذي لم يكتب تقريره الدوري بنوع من التفصيل، ولم يبين كم مرة حصلتُ على دم، وكم مرة يتم ادخالي الى قسم التنويم؟”.
بداية القصة
وبنبرة صوت حزين ومتقطع، تُخبر خضراء “صُبرة” بتفاصيل قصتها قائلة “منذ قدمت على الدنيا، وأنا أتردد على مستشفى الولادة والأطفال، وتحديداً عندما كان عمري 7 شهور”. وتتابع “في يوم من الأيام، كنت جالسة في البيت، فجأة لاخظ أخواني أنني أنزف من الأنف والأسنان بشكل مستمر، فدخلت المستشفى، وهناك اكتشفت إصابتي بمرض القلنزمان”.
وأضافت “منذ هذا التاريخ، وأنا ضيفة دائمة على المستشفات، ولم أكمل الدراسة هذا التردد والتنويم في المستشفى بالأيام والأسابيع، مع حجز مواعيد في الرياض، وعندما أكملت الـ13سنه، تم تحويلي إلى مستشفى القطيف المركزي”.
غرفة الإنعاش
ويتكرر دخول خضراء إلى غرفة الانعاش بين حين وآخر، وأحياناً تصل نسبة الصفائح في الدم إلى 2غم\ ديسليتر، وتحتاج إلى نقل دم، وإذا تطلب الأمر دخولها إلى غرفة العمليات، فهي تحتاج إلى نقل صفائح دموية بكميات كبيرة، لأن الدم لا يتجلط.
التقرير الطبي الخاص بخضراء
ولم تكن خضراء الأولى بين أفراد عائلتها المصابة بهذا المرض. وتقول “هو مرض وراثي، أصيبت به شقيقتي وهي أرملة، عمرها الآن 60 عاماً، لم تنجب حتى الآن، رغم أنها لا تعاني مما يمتع الإنجاب، ولكن الأطباء حذروا من النزيف بعد الولادة، وأكدوا لها أنه يحمل مخاطر على حياتها، إضافة إلى أخي، الذي توفي بسبب حدوث مضاعفات مصاحبة للمرض نفسه، وأصبح له حفيدة ورثت المرض منه”.
أعراض المرض
وبصفة دائمة، تشعر خضراء بأعراض المرض التي أثرت على حياتها، بداية من دوخة مستمرة، ضيق تنفس، غثيان، وألم في الجسم، ما يجعلها محدودة النشاط والحركة، وينصحها الأطباء بتجنب أشعة الشمس أيام الصيف الشديدة، لأنها قد تصيبها بالرعاف والنزيف المستمر، كما ينصحونها بتجنب أطعمة بعينها، من الممكن أن تسبب نزيفاً في المعدة والجهاز الهظمي.
إيقاف الدعم
ولا تستطيع خضراء تحمل تبعات إيقاف الدعم عنها، بسبب النقص في معلومات التقارير الطبية الخاصة بها. وتقول “أحتاج إلى حل عاجل لمشكلتي مع خدمة التأهيل الشامل، وإيقاف صرف الإعانة، بسبب التقارير الطبية”، مضيفة “سبق أن اقترحت عليهم أن تكون المراسلة مباشرة بين وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، والمستشفى المعالج، باعتبارهما أعلم الجهات بوضعنا الصحي، توفيراً لهذا العذاب المستمر، وخصوصاً أن الطبيب ذكر بانني مصابة بمرض مزمن، ومن الدرجة الشديدة، ومنذ ظهور جائحة كورونا، وحالتي الصحية ساءت، ودخلت المستشفى مرات عدة، وفي كل مرة كنت أحتاج إلى نقل دم، ما يتطلب البحث عن متبرعين “.
وبدمعة جارية على خد خضراء، توجه تساؤلها لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية “لماذا هذا العذاب من أجل التقارير وأنتم تعلموا بحقيقة حالنا الصحي؟.
الصفائح الدموية
ويوضح الطبيب المعالج لخضراء الدكتور حسين السعيد استشاري أمراض الدم في مستشفى القطيف المركزي، حقيقة المرض وأسبابه والمضاعفات والأعراض المصاحبة له، قائلاً “القلنزمان مرض يصيب الصفائح الدموية، وتظهر أعراضه مع الإصابة بالجروح، حيث تتجمع الصفائح الدموية، ويمكن الإصابة به عبر الوراثة الجينية من الأبوين”.
الدكتور حسين السعيد
وتابع “يكتسب المرض تسميته من العالم الذي اكتشفه عام 1918، وهو ادورد قلنزمان، ويمكن ترجمته بـ”وهن الصفائح الدموية” في الاغشية المخاطية، وأكثر أعراضه، زيادة الدورة الدموية عند الاناث، ونزف الأنف (الرعاف) عند الجنسين، ولكن يمكن أن ينزف المريض من أي من الأغشية المخاطية، بما فيها الجهاز الهضمي، ما يجعله ينزف بشكل مستمر، ينتج عنه نقص حديد وفقر الدم الحديدي، كما يمكن التعرض لنزف في الجهاز البولي، وبعض الأحيان في العضلات والدماغ”.
وينتقل الدكتور السعيد إلى نسبة الاصابة بالمرض في المجتمع، ويقول “بالعادة، يتم التشخيص بواسطة عمل فحص مخبري يسمى “الفلوسيتومتري”، ويمكن عمل فحوصات وظائف الصفائح الدموية وانتشارها في العالم بمعدل 1 في كل مليون انسان، ولكن في المناطق التي يكثر فيها زواج الأقارب، تزداد الى 1 في كل 200 ألف نسمة”.
ويكمل “إذا كان هناك أب أو ام حاملان للمرض، بمكن أن ينجبا أبناء وبنات مصابين. ويتم تصنيف المرض بين “خفيف متوسط وشديد” بحسب فقدان المستقبلات.
وعن أماكن انتشار المرض، قال الدكتور السعيد “هناك أكثر من 400 طفرة مثبتة على مستوى العالم من هذا المرض، وفي محافظة القطيف، يوجد حالات تتعدى الـ 25 مصاباً، يتركزون في صفوى سيهات وتاروت ومناطق أخرى، كما يوجد المرض في أنحاء العالم، ويكثر في منطقة الخليج، وتحديداً إيران”.
وسائل العلاج
ويتطرق الدكتور السعيد إلى علاج القلنزمان، وقال “يركز العلاج على التعامل مع الأعراض، فعند النزف، يتم نقل الصفائح من إنسان سليم إلى إنسان مصاب، ومع التكرار، يتكون لدى المريض مضادات جسمية، ما يجعل النقل المستقبلي ذا فائدة قليلة أو إيجاد صفائح بصعوبة”. وأكمل “كما يتم علاج فقر الدم بنقل الدم والحديد بالفم أو بالوريد، وإعطاء مثبتات الجلطات الدموية المانعة، لكشطها مثل علاج “ترانزمنك اسيد” معامل سبعة النشط الذي تمت الموافقة عليه لوقف النزف أثناء حالات النزف الحاد، وهو غالي الثمن، وفي بعض الحالات الخاصة، تتم زراعة الخلايا الجذعية”.