الشاعر العوامي يستأنف عرض لهجة القطيف العامية من الشعر الفصيح
يستأنف الشاعر الباحث عدنان السيد محمد العوامي رصده اللغوي في تتبع كلمات عامية قطيفية من متون الشعر العربي الفصيح.. وفي هذه الحلقة يستكمل مفردات تبدأ بحرف الباء، ليواصل غداً مفردات جديدة من حرف التاء.
باحة
البَاحَةُ: السّاحَةُ، لَفْظَاً ومَعنىً، وهي عَرْصَةُ الدارِ. (تاج العروس)، ومما جاء في المعنى من الشعر قول حيص بيص:
وكيف يَحُلُّ الهَمُّ باحَة منزلي
وأحْمَدُ مَضَّاءُ الأوامرِ سالِمُ ([1])
برقعَ
إذا جاءوا به بصيغة الفعل فقالوا: برقع وجهه بكذا، فهم يعنون لطخه، فكأنه كناية عن التغطية بالبرقع، قال إبراهيم الطباطبائي راثيًا:
صدىً لنعاك صالحُ للمعاد
تضيق برجعه سعةُ البلادِ
لأسمعَ حيَّ هاشم بالتنادِ
لو أنَّ الميت يسمعُ من ينادي
تلفَّع وجه يعربَ بالسواد
ووجهُ نزار بُرقِع بالحداد([2])
وقال إبراهيم اليازجي:
نَبأ بَرقَعَ الضُحى بِظَلامٍ
وَنَفى في الظَلام طِيبَ المَنامِ([3])
وقال ابن الخياط:
وَنَظَرْتَ مِنْ تَحْتَ الْخُمُولِ تَطَلُّعِي
كَالْماءِ بُرْقِعَ وَجْهُهُ بِالْعَرْمَضِ([4])
العرمض: الطحلب، وهو الذي يسميه أهل القطيف: الشبا، وهي فصيحة (لسان العرب).
بعج
البعج: الشَّقُّ، والفتق، يقال: بَعَجَ بَطْنَهُ بالسِّكّينِ، إِذا شَقَّه وخَضْخَضَهُ (تاج العروس)، وعند أهل القطيف، الفتق، المرض المعروف، ومما جاء فيه من الشعر قول الشعر:قال الشاعِر:
لَيْلَةَ أَمْشِي على مُخَاطَرَةٍ
مَشْياً رُوَيْداً كَمِشْيَةِ البَعِجِ([5])
البعِج: المبعوج، وهو من أصابه البعج.
بلاش
أي بلا شيء، بلا قيمة. لم أجده، في القصيد، ووجدته في البند، في قول عمر اليافي:
آه! كم غدوت على جهلي أطلب الشرود؟
أهيفاً تمنّع في سهلٍ أعجز الأسود
قال اتَّئد، فما مثلي باللقا يجود
كم وكم معنّىً إلى وصلي قد قضى بلاش([6])
بندر
البندر: المرسى، والمرفأ، والميناء، فارسية معربة (محيط المحيط)، وهي كذلك عند أهل القطيف، ومما جاء فيها منا الشعر قول صالح مجدي:
هُوَ الفاضل النحرير وَالكامل الَّذي
لَهُ بِالذكا وَالفَضل قَد شَهدت مَصرُ
لَقَد طَهر السودان مِن جُلِّ رجسهم
وَفي بَندر الخَرطوم لاحَ لَهُ سر([7])
وقول عبد الجليل الطباطبائي:
حَتّى تَجاوَزنا إِلى دوباسِ
في رَبوَةِ بِتنا شَمالَ الراسِ
يا حَسنَهُ مِن بَندَرٍ مَقارِب
حَبلُ الخِباء عِندَ حَبلَ القارِب([8])
بهتَ
بهتَ عند أهل القطيف نصل لونه، والوصف باهت، بمعنى، ناصل اللون، أو خافت الضوء، أو شاحب الوجه، ومما جاء فيه في الشعر قول إبراهيم بن عبد القادر المازني:
قمر يحلم في لُجِّ السما
باهتُ اللألاء من طول السهَد
ساكن يسخر منا كلما
قام بالقلب حنينٌ وقعد([9])
وقول ابن حزم الأندلسي:
متى جاء تحريم الهوى عن محمدٍ
وهل منعه في محكم الذكر ثابتُ؟
إذا لم أواقع محرماً أتقي به
مجيئي يوم البعث والوجه باهتُ([10])
وقول أبي حيان الأندلسي:
وَكَم بَيتِ شعرٍ قَد وَضَعتُ عِمادَهُ
عَلى بَحرِ علمٍ فيهِ بَحري دايِسُه
إِذا قَرَعَت سَمعَ الحَسودِ فَإِنَّهُ
يُرى وَهوَ، غَيظًا، باهِتَ الطَرفِ ناكِسُه([11])
وقوله:
أَصابَت فُؤادَ الصَبِّ مِنها بِنَظرَةٍ
فَلا رُقيةٌ تُجدي المُصابَ وَلا حِرزُ
أَقامَ زَماناً وَهوَ أَخرَسُ باهِتٌ
فَإِن رامَ تَكليماً يَكونُ لَهُ رَمزُ([12])
بهدلة
البهدلة عند القطيفيين: الارتباك، والاضطراب، ولم أجد له معنى في المعاجم إلا التجريس، وهو التشهير، وإظهار العيوب، وعلى هذا يكون المعنى من باب التوسع، ومما جاء في معنى الاضطراب شعرًا قول سليمان بن إبراهيم الصولة:
وضن به، إن السخي بمثله
يعابُ، ولم يثلب به حين يبخل
على أن هذا النصف مع نصف نصفه الـ
ـأخيرِ كثيرٌ في الرياض مبهدل([13])
بياح
البِيَاُح: ضربٌ من السّمك صغارٌ أمثال شِبْرٍ. وهو أطيبُ السَّمَك. قال.
يا رُبَّ شيخٍ من بني رَباحِ
إذا امتلا البطنُ من البياحِ
صاح بليلٍ أنكَرَ الصيِّاحِ
لم يرد المعنى في القاموسو، ولا في تاج العروس، مع نصِّه على أنَّ: >البيَّاحة مشددة: شبكة الحوت<، ونص جمهرة اللغة على أنه عربي صحيح، وهذا أحد الأدلة على ما قلته آنفًا من عدم شمول القواميس للغة العربية. انظر: (كتاب العين)، و(المحكم والمحيط الأعظم)، و(تهذيب اللغة).
وما وقفت عليه في معنى البياح خارج المعاجم قول خلفان بن مصبح الشويهي:
وخير الحوت ما يدعى بِياحاً
وقد فازت به دار المعلا
وأذكّرُ الخبيصة وهي شيءٌ
يقول لها الحشا أهلاً وسهلا([14])
————-
([1])ديوانه، حققه وضبط كلماته وشرحها، وكتب مقدمته، مكي السيد جاسم، وشاكر هادي شكر، منئورات وزارة الإعلام ، الجمهورية العراقية، 1974م، جـ3/209 – 210.
([2])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/Rmv8ig .
([3])قصائد وأشعار إبراهيم اليازجي، موقع ديوان الشعر العربي، الرابط: https://goo.gl/HRQUW6 .
([5])ديوانه، عُني بتحقيقه خليل مردم بك، مطبوعات المجمع العلمي العربي، دمشق، المطبعة الهاشمية بدمشق، 1377هـ، 1958م، ص: 110.
([6])ديوانه، عُني بتحقيقه خليل مردم بك، مطبوعات المجمع العلمي العربي، دمشق، المطبعة الهاشمية بدمشق، 1377هـ، 1958م، ص: 110.
([7])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/rEyuaJ.
([8])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/gMBB9X.
([9])ديوانه، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، د. ت. الجزء الثاني، نسخة غير مرقمة، مقطوعة (الليل والهم).
([10])رسائل ابن حزم الأندلسي، تحقيق إحسان عباس، امؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الثانية، 1987م، جـ1/145.
([11])ديوانه، تحقيق د. أحمد مطلوب، ود. خديجة الحديثي، مطبعة العاني، بغداد، الطبعة الأولى، 1388هـ، 1969م، ص: 221.
([13])ديوانه، موقع بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/n3HTij.
([14])ديوانه، موقع موسوعة الشعر العربي، ، الرابط: https://goo.gl/Krfa6u.
[يُتبع غداً في الثامنة صباحاً]