[تعقيب] لا علاقة للقلق بالدين والدرجة العلمية
محمد حسين آل هويدي
بسم الله الرحمن الرحيم: … «27» الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ «28» … صدق الله العلي العظيم – الرعد.
هذه المقالة مجرد تعليق على ما كتبته شذى المرزوق بخصوص اللقاء الذي تم مع العجيان. والتعليق ليس على ما سطرته الكاتبة، ولكن على النقاش الذي دار مع الأستاذ العجيان.
أولاً، علينا أن نعرف أن الإنسان كائن معقد جداً، ودماغه أعقد ما فيه. ثانياً، علينا التعرف على بعض أجزاء الدماغ التي تؤثر على نفسية الإنسان وتصرفاته. ومن أهم هذه الأجزاء التكتل العصبي تحت مسمى اللوزة (Amygdala).
يبقى الإنسان تحت رحمة جيناته والوسط الذي يعيش فيه. والإنسان كائن بحاجة للإيمان. وبدون هذا الإيمان تصعب مواجهته لكبد هذه الحياة.
كما أن هناك اعتلالات نفسية أو جسدية يكون مصدرها الوسواس. وهناك ما يكون سببه خلل فسيولوجي. في حال الوسواس، قد ينفع الدعاء والإيمان. ولكن في حال وجود خلل عضوي، لا يتعلق الأمر بالإيمان أو المستوى التعليمي. كثيرون من عظماء ومفكري العالم كانوا مصابين بأمراض نفسية، وعلى رأسهم ليونارد دا ڤينشي (Leonardo da Vinci)، الذي رسم لوحة الموناليزا الشهيرة. وعليه، الأمراض النفسية أو الجسدية لا تعيق الإنسان من الإنتاج والإبداع.
أميل إلى ما قاله الأستاذ العجيان بخصوص بعد أكاديمية كتاب منى غازي صايغ “الالتزام الديني وعلاقته بتخفيض القلق العصابي”، وبخصوص بحثها الذي تم في إطار محدود ولا يمكن تعميمه على بقية البشر.
ولكن أود أن أوجه النظر للأستاذ إذ ذكر بأن أكثر مراجعيه من المتعلمين. وهذا مجرد ارتباط (correlation) لا علاقة له بالأسباب (causation). أولا، المتعلم شخص أوعى من غير المتعلم ويعرف يقينا بأن الأنفس تمرض وأنها بحاجة إلى علاج بعض الأحيان، ولا يأبه بالعار (stigma) الذي سيصفه به الجاهلون حينما يعلمون بمراجعته لأخصائي نفسي. وهذا؛ تماما، على عكس الشخص الجاهل الذي يعيش في وسط جاهل لا يعرف بأن الأنفس تمرض كما تمرض الأبدان، والذي يظن بأن المريض النفسي مجنون أو شخص يجب تجنبه. كذلك، المتعلم يعترف. ولكن الجاهل لا يعترف. هل رأيتم يوما مجنونا يمشي إلى مصحة نفسيه ليعالج نفسه من الجنون؟ لو سألت أي مجنون “هل أنت مجنون؟” فسيجيب بالنفي. وكذلك الجاهل، لا يعرف قيمة وأهمية العلاج النفسي سواء كان بالإيحاء أو بتعاطي العقاقير الطبية التي توازن كيمياء الدماغ.
ــــــــــــــــــ
المصادر
Anonymous. (2007). Information about Mental Illness and the Brain. ، من National Library of Medicine: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK20369
Olivia Guy-Evans. (09 05, 2021). Amygdala Function and Location. من Simply Psychology: https://www.simplypsychology.org/amygdala.html
العجيان يُسائل اللبنانية منى الصايغ: هل معلمو الثانوية أقل قلقاً من طلاب الحوزة..؟!، من صحيفة صبرة الإلكترونية: https://www.sobranews.com/sobra/206634
تصحيح
فيه خطأ في الآية
وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا
لماذا ننظر إلى الأمور بهذه القسمة الأحادية (أما..أو)
أما علاقة ارتباطية
أو علاقة سببية.!!
الحقيقة الاثنين معا صحيح
ما يدعم الأول: ما يقوله السيد هادي المدرسي:”هنالك قاعدة هامة للسعادة وهي؛كل شيء في هذه الحياة يمكن أن يكون مصدراً للسعادة، إذا نظرنا إليه كمصدر للسعادة”
لذلك نجد حتى أنباع الدين الخرافي عندهم نفس الشعور بالأطمئنان والحبور والرضا.وفي الوقت نفسه بعض المتدينين الحقيقيين يعيش اضطراب.
بل كما في النصوص أشد الناس بلاءً الأنبياءثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل.فمن رضا فله الرضا ومن سخط فله السخط.فالدار دار بلاء(ولنبلوكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين) ويكفي أن تتذكر النعم التي اغرقنا إياها رب الأسباب. فمن أقسام الصبر الصبر على تجاوز الأقدار الموجعة المفجعة.
وكما يقول الأجانب:
“انك لن تستطيع أن تمنع طيور الهم من أن تحلق فوق رأسك ، لكنك تستطيع أن تمنعها من أن تعشعش فيه”
فالأنبياء تصيبهم مصائب وربما تبيض أعينهم من الحزن وهذا يعقوب يقول(إنما أشكو بثي وحزني إلى الله)لأنهم ينظرون لها من زاوية البلاء الذي يعقبه أجر في الجنان والنعيم لا يدرك بالنعيم،لذلك عندهم استعداد نفسي مسبق أشبه بمصدات ينظرون لكل محنة منحة وهذا عكس الحزن الاستباقي الذي يعطي هشاشة نفسية،في حين يعطي الأول صلابة نفسية تزول منها الجبال تقول الصديقة زينب(ما رأيت ذلك إلا جميلا)تأمل زاوية النظر إلى المحن!روحي فداها.
قال ﷺوآله :
“عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر…وإن أصابته ضراء صبرفكانت خيرا له” وقال (ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها)
وهذا الفيلسوف شوبنهاور يقول “ليست السعادة سوى تقبل الوجود كما هو”.
⚫وما يدعم الثاني: قوله تعالى
(وَمَن يَتقِ اللهَ يَجْعَل لهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (وأن لو استقاموا على الطريق لأسقيناكم ماء غدق)
فلا شك ان من يجعل الله له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ويفتح له بركات من السماء فلا شك إن هذه أسباب سيعيش من خلالها حياة طيبة(من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة)(فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) (سنيسره لليسرى)
(ألم نشرح لك صدرك)(ولم أكن بدعائك رب شقيا)
فما بالك بالأنس والخلوة مع الله سبحانه.
فما كان سببه نفسي فعلاجه كذلك وما كان سببه عضوي فعلاجه دوائي ونفسي.
على كل حال الحياة الطيّبة لا تعني السلامة من الكبد والمشقة والفقر والأمراض والأكدار إنما مع كل تلك الآفات والمنغصات يصطحبه الإنشراح والإطمئنان والرضا بقضاء الله وقدره سبحانه جل في علاه.
فؤاد المرهون