[٢] قصتي مع رخصة البحرين: أريد مدرّبة.. امرأة..!
هاجر التاروتي
.. ومع بدء التجربة لاستخراج الرخصة البحرينية؛ فتحتُ لي ملاحظة جديدة في جوالي وسجلتُ في أول سطر: الرخصة السعودية ٢٦٢٠ ريالاً، وفي السطر التالي: الرخصة البحرينية…. وبدأت “الحسّابة” تحسب.
رحلة البحث عن مدربـ/ـة
بعد أن أنهيت تسجيلي في اليوم الأول واستلمت موعد المحاضرة النظرية التي كانت بعد أسبوع فقط، ثم صارت تحدد بعد قرابة الشهر للمسجلات الجدد. يوصي مَن جرّب مسبقاً ببدء البحث عن مدرب لاستثمار يوم المحاضرة، والبدء في ساعات التدريب التي لا يمكن المباشرة فيها نظاماً إلا بعد المحاضرة النظرية.. ذلك يحقق هدفين في يوم واحد.
اللافت أن المدربين تجدهم في قائمة تشمل الاسم ورقم الهاتف على الموقع الرسمي لمدرسة القيادة، ويصل عددهم قرابة الألف، بعد موجة الهجرة النسوية السعودية. والآن أصبح لدينا ـ نحن السعوديات ـ قوائم مرشحة تحوي أسماء المدربين .. “العَدِل -الأخلاق- اللي يطلعوا المدرسة من أول شي- …”.. هذه القوائم سببت مشاكل مع المدربين لاحقاً.
في البحرين؛ على كل متدربة البحث عن مدربها شخصياً، وهنا تكمن المشكلة. ولكنني بحثتُ عن مدربة، لا عن مدرب، على رغم توصيات النساء أنفسهن التي تُكرر ” مو تاخدي مدرّبة ترى النسوان خبرتهم ضعيفة.. مو زي لِرجال.. لِرجال أفضل في التعامل مع الجنس الآخر..”، وكثير من فتاوى تمر عليّ يومياً.
لم أفكر ـ نهائيا ـ في مدرب، رغم تعاملي مع الرجال ضمن نطاق عملي، وضمن الانفتاح الحاصل مؤخرًا. لم أتخيل أن يأتي اليوم الذي أحصر فيه نفسي مع رجل في حيز سيارة “كورولا” لمدة ٢٢ ساعة غير مجبرة عليها ولدي خيار آخر.. هكذا قلتُ في نفسي..!
على مدى يومين أصبت بالاكتئاب بعد إرسالي إلى ٦ مدربات واعتذارهن. أجريت اتصالات مع صديقاتي، وصلني رقم مدربة وافقتْ أخيرًا؛ فاستبشرت. والأجمل أنها حددت موعداً مميزا للتدريب بعد المحاضرة.. كان يوماً بهيا..!
في قاعة المحاضرة وجدتُ أننا استفردنا بها – نحن السعوديات – كاملة، عدا مقعد يتيم لبحرينية شابة وجدت نفسها غريبة يومها. وعلى مدى ساعتين تم استعراض اللوحات المرورية وقواعد السير. كنا متحمسات وما لبث الملل أن سيطر على الجو، خصوصاً بعد وجود مجموعة ألهمها الحماس، أن تسرق من وقتنا لتسأل عن أشياء بدَهِية مثل “ليش في أمريكا حتى في الهايوي ما شفت متهورين مثل السعوديين؟”.
المهم؛ كان يمكن لنا مشاهدة مقطع يوتيوب يسرد كل ما تم عرضه وقتها.
في “باركات” المدربين
في ساحة تضربها الشمس وتحت مظلة: كنت أنتظر مدربتي التي تحب النظام “فوق العادة”..!
حددتْ الباركات موقع التقائي بها، فحسب ما ذكرَت؛ لا يجوز للمدرب ـ نظاماً ـ أن يلتقي المتدرب عند مبنى المدرسة. وهذا خلاف ما لاحظته من انتشار المدربين هناك. كانت المدربة تردد “النظام نظام”، والحمدلله أنّي أحب النظام.
أول ساعة معها سألتني: “سقتي من قبل؟”
عني أقول: لم أقُد سيارة سابقاً، لكني ـ وقبل التدريب بيومين ـ تعرفت إلى أجزاء السيارة ووظيفتها حتى “ما أصير أطرش في الزفة”، وكنت قد عزمت على أن تكون ساعات التدريب فعلا هي الأساس. ٢٢ ساعة كان نصفها كافياً لتعلمي مهارات القيادة. بالتأكيد ليس كلها، فالعِبرة عندما أقود بمفردي، وليس مع مدربة قدمها على “البريك” الذي يشعرك بالأمان طيلة الوقت.
مؤخراً لم تكتفِ السيدات السعوديات بعدد الساعات الإلزامية من المدرسة “٢٢ساعة”، بل ابتكرنّ حلولاً لإتقان القيادة. مثلا: تتدرب السيدة في السعودية مع مدربات برسوم معينة، أو تزيد هي ساعات التدريب المقررة، فتتدرب ٦ ساعات إضافية. ولن تجد مدرباً يمانع في ذلك، ففي النهاية سوف يقبض نصيبه من رسوم التدريب.
لا يختلف اثنان في أن إتقان القيادة لن يتحقق إلا بخوضٍ في ساحة الشارع الحقيقية، ومجاراة السائق السعودي المشهور بتجاوزاته، حتى وصفتني مدربتي أكثر من مرة “صِدْق سعودية” لتعبر عن صدمتها من سرعتي عند الانعطاف، لكن أمانة كان هذا فقط في الساعات الأولى وبعدها سارت الأمور “تمام التمام”.
[يُتبع غداً في الـ 8 صباحاً]