[فيديو] نُهى أبو عبدالله الناجية من زلزال تركيا: يا وطني.. أشكرك وأنتظرك أشادت بتفاعل مباشر من السفير السعودي.. وزوجها التركي في حاجة إلى إجلاء

القطيف: ليلى العوامي

بكل ثقة، قالت “وطني وقيادته لم ولن تتخلى عني وعن زوجي، فمن امددت يداه لانتشال المصابين وغير المصابين من العوائل التركية، لن يترك ابنته، تعيش المرارة والتعب النفسي في بلاد الغربة”.

بهذه العبارة، لخصت السعودية نهى أحمد آل أبو عبدالله، حالتها وزوجها في تركيا، بعدما عاشا فصول الزلزال المدمر الذي ضرب حنوب البلاد في الأيام الأخيرة، وحالت الظروف الصحية لزوجها التركي، دون أن يغادرا البلاد مع المواطنين السعوديين، إلى أرض الوطن، وبقيت بجانبه هناك، في موقف يجسد وفاء الزوجة تجاه زوجها”.

 وتقول نهى “سفارة خادم الحرمين الشريفين أمنت لي ولزوجي التركي إقامة شاملة في فندق هلتون في أضنة، إضافة إلى ذلك، دفعت لي قيمة العلاج لزوجي في المستشفى، ولم أشأ أن أتواصل معها مرة أخرى، لشعوري بالحرج، لتأمين الأدوية ومساعدات أخرى، خاصة أن خير بلدي قد غطى كل الاحتياجات هنا في تركيا، وحينما طلبت المساعدة من الحكومة التركية، قالوا لي “سنعطيك من عندنا”، فقلت لهم، وأنا أبكي “أريد من خير وطني، فأنا لا أتسول”.

ويرجع أصل نهى إلى بلدة العوامية في القطيف، وهي من ضمن الناجين والمتضررين من زلزال تركيا، وهي متزوجة من التركي سنان بيكفيلاوي اوغلو، بعقد زواج موثق من كل الدوائر الحكومية في المملكة، وتعيش في تركيا منذ العام 2016 في مدينة هاتاي انطاكيا.

تضيف “نحن الآن نعيش على ما تبقى لدينا من مال، سندفعه إلى الفندق الذي نعيش فيه، ومع حالة زوجي الصحية، من الصعب استمرار الحياة على ما هي عليه، وآمل في وجود حل سريع لمشكلتي”.

وقالت “ما زلت أعيش صدمة شديدة من هول ما عانيت  ورأيت من أثار الزلزال، ولا علم لي كيف ستكون مضاعفاتها عليَّ، فأنا لا أنام، وإن غفت عيناي، عشت كوابيس مفزعة”. 

زلزال الفجر

وتروي نهى قصة زلزال الفجر الحزين. وتقول لـ”صُبرة”: “كنا نائمين، وعند الفجر، تحديداً عند الساعة 4:15 فجراً، شعر زوجي بهزة، وبدأ السرير يهتز بقوة، والأنوار في سقف الغرفة تتحرك يميناً ويساراً، في البداية لم يقم زوجي بأي ردة فعل، وما أن بدأت الأنوار في الغرفة تزداد حركتها، أجلسني من النوم، قائلاً لي “إنه زلزال.. استيقظي فوراً”.

وتتابع “استيقظت، وبسرعة خرجنا من الغرفة، ومع خروجنا، بدأ الزلزال يشتد اهتزازاً، وكنا نريد  التوجه  إلى البلكونة، تحسباً لوقوع البيت، فنقفز منها، لكن للأسف لم نعثر على مفتاح البلكونة، وانقطعت الكهرباء، وعم ظلام دامس”.

 وتُكمل “في هذه اللحظة، بلغ الزلزال ذروته، لدرجة معها بدأت وزوجي نتصادم ببعضنا ببعض، بسبب عدم التوازن، وارتمينا على الجدار، ثم على الكنب، الذي أمسكنا فيه بشدة، وبدأنا ننطق الشهادتين”.

 وتقول “توقف الزلزال، ثم عاد بضربة ثانيه قوية، من شدتها، اهتزت البناية، وتكسر كل رخام الدرج، وتفجرت المصابيح، مع جهاز التلفزيونات، وتحطمت دواليب المطبخ، وتساقطت أجزاؤها، لحظتها نطقت الشهادة مرة ثانية، وأحسست أننا لن ننجو من هذا الزلزال لولا رحمة الله”.

باب الشقة

وترجع نهى بالذاكرة إلى ما قبل الزلزال المدمر. وتقول “قبل هذا الزلزال، تعرضنا إلى هزات خلال هذا الشهر، ما دعانا إلى تجهيز بعض الأشياء عند مخرج باب الشقة من الداخل، لتسهيل عمليه الخروج، حيث وضعت حجابي وبعض الملابس ومفتاح السيارة في خزانة عند مدخل البيت، حتى أستطيع سحبها بسهولة، عند وقوع أي طارئ، فكان كل شيء جاهزاً، وفي لمح البصر ارتدينا الملابس وخرجنا من البناية”.

الخروج من الموت

وتُكمل نهى “فتحنا باب الشقة، وأثناء ذلك، سقط  جزء من الممر والجدار أمامي، حينها رأيت جارتي في الطابق العلوي، كانت خائفة مع ابنتيها، فأرسلت الإبنة الصغرى كي تنزل معنا، ولكنها كانت خائفة، وقفت على الدرج مكانها، محتارة، تنظر لأمها مرتعبة مما يحدث، ودموعها على خديها، فحينما سمعت أصواتهن يبكين، صعدتُ لهن، وأخذت الطفلة الصغيرة، وطلبت منها أن تشير لأختها الكبيرة أن تأتي معنا، في هذه اللحظات، تقدم زوجي نحو الطابق الأرضي كي يفتح الباب، وبالفعل، ذهب مسرعاً للنزول، ولكنه سقط عليه الرخام، والتوت قدماه على الدرج المحطم، ولم يشعر بالألم، ولم يدر بأنه أصيب بكسر إلا فيما بعد، حيث كان كل همه الأول إنقاد الصغيرات وإنقاذي”.

ملابس خفيفة

وتصف نهى ما رأته أمام باب العمارة بـ”الهول العظيم”. وتقول  “خرجنا  والمشاهد كانت مُرعبة، وجدت أطفالاً ونساءً وكبار سن، في أجواء من المطر والثلج، الكل كان مضطرباً، يعيشون لحظات من الهلِع،  والخوف من المجهول، وبعضهم خرج بملابس خفيفة، بحكم أن أجهزة التدفئة تُغني عن ارتداء الملابس الشتوية داخل المنازل”. 

هدوء مباغت

استمرت حالة عدم الاتزان نحو 5 دقائق بحسب نهى، التي واصلت حديثها “هدأ الزلزال قليلاً، وعادت الأمور إلى ما كانت عليه مرة أخرى، هنا قررنا أن نبتعد عن أي مبانٍ، فمشينا بالسيارة، حتى طلع النهار، وظهرت لنا حقيقة الأمر، من المباني التي سقطت وتحطمت، والناس كانت تبحث عن أهلها ومعارفها وسط قلق وصراخ البعض، الوضع كان دماراً شاملاً ومفزعاً لنا جميعاً، توهمنا أن يوم القيامة قد بدأ”.

وتقول نهى “ركبنا سيارتنا أنا وزوجي، وكانت معنا جارتي وزوجها، وأتذكر أن السيارة كانت مهشمة من الخلف، بعدما سقطت عليها أجزء من المباني المهدمة، وكان الجو بارداً جداً، وملابسنا مُبللة من مياه الأمطار التي لم تتوفف، وبنزين السيارة على وشك النفاد، وكنا في حاجة إلى التدفئة، ولكن لو أقدمنا على تشغيل جهاز التدفئة في السيارة، فسيكون ذلك على حساب البنزين، وبعدها قررنا أن نتوجه إلى مكان يتجمع فيه الناس، وبالفعل وصلنا إلى حديقة خاصة بـ”كوفي شوب”، فتحوها للناس، وقالوا لنا “نحن سنقدم لكم المكان والكراسي والطاولات،  فلا نستطيع عمل أي شي آخر، فلا كهرباء ولا تدفئة، وطلبوا من الناس جلب الفحم أو الحطب الموجود لديهم، لتشغيل المدفأة”.

3 أيام

ولم تتوقف الأمطار عن الهطول، وتراجعت درجات الحرارة إلى الصفر، وانتشرت الثلوج، وبقينا على هذه الحال 3 أيام في الشارع، وزوجي مصاب في قدمه، ويجلس على كرسي، لم نستطع الخروج من انطاكيا، فبنزين  السيارة لا يكفي، ومحطات البنزين كلها مقفلة منذ اليوم الأول للزلزال، وبعد يومين، قرروا إعطاء الناس بنزين، وخصصوا لكل شخص ٢٠ لتراً فقط”.

وتضيف نهى “كل مستشفيات انطاكيا سقطت، ما عدا واحداً لم يسقط، لكنه، ازدحم بالجرحى، وفيه توزع الأطباء على الأقسام، لتقديم الخدمات الطبية، واستخدموا كشافات الجوالات لمعالجة المصابين، وبعض الجرحى كان يحتاج الى خياطة، وكان الأطباء يخيطون الجروح  دون بنج،  كنت أرى هذه المشاهد المؤلمة، وهي فوق طاقة تحملي، لهذا كان يُغمى علي بين الحين والآخر، بسبب صراخ المرضى من الألم”.

تجاوب كبير

وتُكمل نهاد “بعد تفكير عميق، ومع بقائنا في الشارع 3 أيام، أردكت أن أفضل مكان أتوجه إليه، هو سفارة وطني، التي لم يتركنا موظفوها، منذ وقوع الزلزال وحتى اليوم، حيث كانوا يتابعوننا بصفة مستمرة، بالفعل، تواصلت مع السفارة السعودية في اليوم الثاني، ووجدت تجاوباً كبيراً منهم، وحرصاً على إخرجنا من انطاكيا، شرحت لهم وضعي، بأنني لا أستطيع الخروج، وقدروا ظروفي، واستمروا بالتواصل معي والاطمئنان علي”.

4 أسابيع

بعد 3 أيام مع وقوع الزلزال، خرجت نهى من أنطاكيا. وتقول “توجهنا الى نقطة تجمع السعوديين حسب توجيهات السفارة، وهو فندق هيلتون في أضنه”.

وكان من المقرر أن تقوم السفارة بإجلائنا في اليوم الثاني للزلزال، ولم نكن  وقتها نعرف بأن زوجي لديه كسور في القدم، إلا حينما ذهبنا إلى المستشفى للاطمئنان عليه، وهناك أخبرنا الطبيب بأنه يعاني من كسر أو أكثر، وألبسه جبيرة في القدم، وطلب منه المراجعة بعد ٤ أسابيع، ليحدد ما إذا كان بحاجة إلى عملية جراحية أم لا، وأوصى ببقائه شهراً كاملاً نائماً على الظهر، وقدمه مرفوعة إلى الأعلى، خوفاً من أي مضاعفات، هنا تغيرت كل الموازين، فأنا لا استطيع السفر إلى المملكة دون زوجي، وفي الوقت نفسه، لا أستطيع تعريضه للخطر”.

قطع الخدمات

وبذلت سفارة المملكة جهوداً لحل وضع نهى وزوجها، وطلبت إجلاءً طبياً للزوج، وكان الرد أن هذا الأمر صعب، لعدم وجود إقامة سعودية لديه. وتقول نهى “تم نقلنا من أضنه إلى مدينة انقرة، ونحن الآن نقيم في فندق، ولا نعلم ما هو مصيرنا، وماذا ينتظرنا”. الخدمات مقطوعة من كهرباء وماء وبنزين وشبكات اتصال وانترنت، وصرفت لكل عائلة متضررة تعويضاً من الزلزال، عبارة عن مبلغ 10 آلاف ليرة تركية، أي ما يعادل 2000  ريال سعودي تقريباً، وتم تقييم الأضرار في منزلنا، وهناك احتمال سقوطه، وهذا اليوم ـ السبت ـ عرفنا أن إزالته محتومة، لعدم صلاحيته للسكن، وأنتظر حتى هذه اللحظة الفرج من اي جهة تنقذني وزوجي”.

شاهد الفيديو

 

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×