[مشاغبات] البحراني المتعدد إبداعياً حسين عبدعلي: أنا قطرة عرَق بين شفتي راقصة باليه…! لو كنتُ قاضياً لوضعت نفسي في قائمة المتهمين، بعد حزن الأمهات والخوف والسوق
أنا مخرج مسرحي، فلا تسألني عن إخراج الأفلام
شاغبه: علي سباع*
المخرج والروائي البحريني حسين عبدعلي، الفنان والشاعر أيضاً، الذي يبدو فيما هو يدخل في الإبداع بأنه متمكنٌ من جميع الجهات، نظرته فوق المسرح أبعد من الجمهور، وفي روايته “متاهة زهرة” أبعد من تدوين ذاكرة على الورق، الغافلُ عن شفتيه في معظم الصور، كأنه يحاول تذكر شيءٍ نسيه في مكان ما.
حين يكون شخصٌ بهذه الأطراف البعيدة، والحدود غير المرئية، يصعب أن تمسك بجهة منه فتقول: سأسألك عن الرواية فيسألك بالمقابل: ماذا عن المسرح، فتقول: نعم المسرح، ولكن ماذا عن الإخراج..؟ وماذا عن الشعر..؟
أنتَ ـ يا حسين ـ لا يمكن أن نسألك عن الواقع، علينا أن نتحدّث معك عن المساحة التي لا يراها الآخرون في مخيلتك،
ماذا لو أنك لم تولد في ..؟!
لكنتُ انثناءة في زاوية صفحةٍ من صفحات “الأوديسة”، تحملها فتاة تجلس وحيدة في المترو. أو ربما كنتُ قطرة عرقٍ تنزلق بين شفتي راقصة باليه ترقص تحت زخات المطر دون أن تبتل قطرة. لكنتُ العين التي يرفض “موديغلياني” رسمها حين يقول: “حين أعرف روحك، أستطيع رسم عينيك”. أو ارتعاشة إصبع اليد اليسرى لعازف بيانو سيعزف للتو.. صرخة آل باتشنو في نهاية الجزء الثالث من فيلم “العرّاب”.. كنتُ رغبة الممثل بالتبوّل قبيل بدء العرض.. نغمة جيتار كهربائي في فرقة بينك فلويد.. أو الشيء الأخير الذي رآه “بورخيس” قبل أن يفقد بصره.. لكنتُ مسبحة أمي تتدلى بين أصابع يدها، وهي على سجادة صلاتها، تدعو بالخير لأبنائها.
لو لم أولد.. لكنت لا شيء.. وكل الأشياء مجتمعة في الوقت ذاته.
ماذا لو أنّك كنت من الطبقة الحاكمة..؟!
لكنت (آجرة) سنمار.
ماذا لو أنك لم تكبر أبدا؟!
لفكرت كثيراً ومراراً في أمر الاصطفاف في طابور المقصف المدرسي.
ماذا لو أنك لم تتزوج..؟!
لكنتُ أسعـ..
رشا: من هذا المدعو علي سباع؟ كيف تعرفت عليه؟ سعودي؟ أها!! متزوج؟ كم عمره؟! ما هو حسابه على الفيسبوك؟! ما هو جوابك على السؤال الرابع؟!
أنا: لكنتُ أسعــ ـى للزواج بزوجتي.
ماذا لو أخبرك أحد أصدقائكَ بأنّك ميّت منذ زمن، كيف عدت؟!
لم أعد وإنما أرسلوني لتلقي صنف جديد من العذاب: أن أكون بينكم.
ماذا لو وضعت كرةُ الثقافة بيدك، الجدلُ أم الحرية أم الإبداع ؟!
الخيار الرابع بلا شك: الوعي.
ماذا لو كنت قاضياً، أخبرنا عن المتهمين لديك..؟!
حزن الأمهات اللاتي يغسلن قميص أبنائهن وثمة خرق في جيبه العلوي مطرّز بالدم.
ـ الخوف الذي يكمم أفواه البشر عن قول كلمة: لا.
ـ السوق الذي يحوّل كل شيء إلى سلعة قابلة للبيع، ولم يستثنِ البشر.
ـ أنا.
ماذا لو عشت في العصر العباسي المتأخر؟!
السؤال يحتاج أن تسكب لي بعضاً من النبيذ، وأن تملأ الديوان بالجواري والقهرمانات.
ماذا لو لم تكن أنت؟! (من ستكون)
لكنت زوربا في رواية نيكوس كازانتزاكيس.
ماذا لو كنت في غرفة التحقيق وكان المحقق شخصا تعرفه؟!
أن أعرفه لا بأس.. الأهم ألا يعرفني.
ماذا لو كنت وردةً وتم قطفك ؟! ما اليدُ يا ترى..؟!
رجلٌ طاعن في السن، وهو في دربه للمستشفى لزيارة زوجته المصابة بالزهايمر.
ماذا لو طلب منك الاعتذار على شيء لم تفعله ؟!
سأتبع نصيحة محمود درويش: “لا تعتذر عمّا فعلت”.. أما الأشياء التي لم أفعلها فلا ضرر.
ماذا لو خيّرت ولم تعطَ خياراً، ضع خياراتك واختر إحداها..؟!
الحقيقة أو الأسطورة.. وسأختار أن أصدق الأسطورة كما ينصح جيلبرت سينويه في روايته (دلمون ـ مملكة ببحرين).
ماذا لو كنت أنت ماوكلي؟! (وحيداً في الغابة بلا أي تواصل مع البشر)
سأكون أكثر البشر إنسانية.
ماذا لو كان العالم حفلة تنكرية؟! (ما الذي ترتديه أو ما الذي ستكونه)
هيث ليدجر وهو يلعب دور الجوكر في فيلم “The Dark Knight”
ماذا لو كنت مخرجاً لمسرحية، فلم ما ؟! (اسم مسرحية أو فلم، أو ذكر مشهد كاملا)
الإشكالية أنا مخرج مسرحي ومخرج أفلام.. (فـ لو) هنا باطلة تماماً.
ماذا لو اجتمعنا في ما بعد الموت؟!
هل تعد نفسك واحدة من الحور العين؟!
ماذا لو كنت شيئاً بمحبوبتك ؟! (شيئاً ما بمحبوبتك)
براءة وجهها وهي نائمة.
ماذا لو خيرك عدوك بطريقة موتك؟!
الشيخوخة.
ماذا لو أعطيت مقصاً لقطع حدث من عمرك ؟! (إحكي الحدث)
الأمر مغرٍ لقطع أكثر من حدث واحد.. لوددت لو قطعت أحداث حياتي كلها ـ زينها وشينهاـ ولصقتها بشكل عشوائي كقصاصات ورقية على باب ثلاجة المطبخ، ثم وقفت أمام الثلاجة أراقب كيف حياتي ستكون.
—–
* بالشراكة مع قناته في “تليغرام”، وصفحته فيس بوك.