[رحلة مصوّرة] صُبرة تعبر أقدم طريق “شرَياني” ربط القطيف بسيهات والدمام يبدأ من شارع 6 في الكويكب.. ويخترق الشويكة ويمتدّ إلى ما بعد قوات الطوارئ في عنك

الشاعر العوامي يستعين بذاكرته ويسير مشياً من "الجبَلة" إلى "الخميسية" غرب مستودعات "المجيدية"

صُبرة: خاص

مساره ليس له أي علاقة بكل الطرق الثلاثة الحالية التي تربط مدينتيْ القطيف والدمام، مروراً بعنك وسيهات. لا طريق الملك عبدالعزيز، ولا الطريق البحري، ولا الطريق السريع.. ولا يُشبه أياً منها في شيء، سوى الاتجاه من الشمال إلى الجنوب.

دلّنا عليه الشاعر الباحث عدنان السيد محمد العوامي، وقادنا في رحلة سير على الأقدام، من نقطته الأولى في مواقف سوق الخضار جنوب الشريعة، حيث كان موقع سوق “الجَبَلة” سابقاً، إلى موقع عين “الخميسية” في سَيحة العيّاشي الزراعية.

وعلى الرغم من فقْد وظيفته القديمة، منذ ثلاثينيات القرن الماضي تقريباً؛ فإن مساره ما زال قائماً حتى الآن، وليس فيه إلا انقطاعٌ واحد فقط، عند طريق الرياض جنوب مدينة القطيف.

أجزاء ثلاثة

قبل وجود شارع الملك عبدالعزيز، والطريق البحري، والطريق السريع؛ كان هذا الطريق الترابي يربط القطيف بعنك وسيهات، وصولاً إلى الدمام. كان يتكون من ثلاثة أجزاء. جزءٍ سكني يخترق “الكويكب” والشويكة”، وجزءٍ ريفي في الشويكة و”سَيحة العيّاشي”، ثم يأتي الجزء الثالث ليتحوّل الطريق سبخةً محاذية للبحر، حتى نهايته في الدمام.

بقي هذا الطريق شريانياً، بمقاييس ما قبل النفط، وبعد تأسيس البلدية، سنة 1346هـ؛ عمد رئيسها الأول الشاعر خالد الفرج إلى شقّ أول طريقٍ ترابي يخدم النقل في القطيف، وبطريقة بدائية قسم مقبرة الدبيبية إلى نصفين، ومرّر مساره بينهما، ليخترق الدبيبية وميّاس، وصولاً إلى قرية “المدارس”.

الطريق القديم لم يعد أحد يعرف عنه شيئاً من الأجيال التي ولدت بعد عام 1355هـ، وعصر أمس الأول؛ استعاد الشاعر العوامي ذاكرته، واسترجع طفولته، حين عبر الطريق أول مرة، محمولاً على كتف عمه السيد علي العوامي، حين أخذه معه إلى الظهران ليتعالج في مستشفى أرامكو.

وحين شبّ الشاعر العوامي؛ عبر الطريق مراراً وتكراراً قبل إنشاء طريق الملك عبدالعزيز، وارتمى ـ مراراً وتكراراً ـ في عين “الخميسية” التي حفرتها أرامكو في سَيحة العياشي.

من شارع 6 إلى “الرياض”

بدأت الرحلة من مواقف السيارات غربيّ سوق الخضار. واخترقت أزقة “الكويكب”. ثم اتجهت إلى الطريق المعروف ـ الآن ـ بـ “شارع ـ 6″، وهو يمتدّ من طريق “بدر” شمال الكويكب، ويتجه جنوباً إلى الشويكة، حاملاً الاسم نفسه.

من مواقف سيارات سوق الخضار إلى ما بعد الشويكة

أزقة الكويكب

قديماً كان الطريق ترابياً، ويتّسع لمرور عربة حمار “قاري”، ويتعرّج مساره في الكويكب، وينحني، وينعطف انعطافات قصيرة، حتى يصل إلى “قرية الشويكة” التي كانت سَيحة زراعية، وتحوّلت، اليوم، إلى مبانٍ سكنية.

وفي الشويكة يمتدّ المسار حتى “فريق العَمارَهْ”، ويتجه جنوباً ليُحاذي شرق ما يُعرف بـ “فريق الحاكة”. هذا المسار يستخدمه الباعة في “سوق الخميس” عصراً. وحين وصلنا؛ كان الباعة يملأون الشارع الصغير. قابلنا الحاج علي المختار وحاولنا تذكيره بالطريق. ولم يحتج الأمر إلى كثير؛ فقد أشار إلى المسار، ودلّنا عليه بيده.

علي المختار أؤكد مسار الطريق

العَمارة والمنقولة

بعد نهاية “فريق الحاكة”؛ ينعطف الطريق شرقاً بين المنازل، في “فريق الجويز” و “فريق العمارة” قبل عقود كان زراعياً، عن اليمين وعن اليسار نخيل. و “العمارة” اسم نخلٍ كبير، و “الجويز” اسم نخل وعين ماء جوفية موجودٌ أثرها حتى الآن.

بين “الجويز” يمين، و “العَمارة” يسار

بعد قرابة 300 متر، ينعطف جنوباً. هذا الطريق يسمّيه سكان الشويكة “طريق المنقولة”، وهو يمتدّ قرابة 500 متر، ثم ينعطف يساراً لمسافة تزيد عن 100 متر، ثم ينعطف يميناً، ويمتدّ حتى طريق الرياض، حيث ينقطع أثر امتداده القديم.

طريق المنقولة

ينقطع الطريق بوصوله إلى طريق الرياض

في العيّاشي

بعد طريق الرياض؛ يظهر نافذ صغير متجهاً جنوباً. إنه هو، حسبما رجّح الشاعر العوامي. بعد أمتار قليلة ينعطف الطريق يساراً، ثم يميناً، ليأخذ اتجاهاً مستقيماً ممدّاً نحو الجنوب، دون أي انعطافات تُذكر. ويستمرُّ هذا الامتداد حتى عنك التي تحوّلت من حيّ صغير، إلى مدينة متسعة. لكنّ رحلتنا لم تصل إلى عنك، بل توقفت قبلها بمسافة بعيدة.

بين الظن واليقين

في آخر نقطة توقُّف لنا غرب منطقة مستودعات المجيدية؛ بدا الشاعر عدنان السيد محمد العوامي حائراً بين الظنّ واليقين. كان السيد العوامي يبحث عن موقع عين ارتوازية اسمها “الخميسية”. ولم يُجدِ نفعاً سؤالنا أصحاب النخيل القلة الذين التقيناهم أثناء السير.

 المسار في سيحة العياشي

توقفنا عند مزرعة أغنام لمزارع اسمه عدنان السادة؛ دلّنا على آخر ما تبقّى من العين. سرد صاحب مزرعة أغنام ما يتذكّره من المكان. أشار إلى أحجار، وقال إن هذا كلّ ما تبقّى من العين الارتوازية المعروفة بـ “الخميسية”. الأحجار في “زريبة غنم”…!

قال السادة إنه يعمل في المزرعة منذ 11 سنة، لكنها ملكٌ لعائلته منذ زمن جده، حسب قوله. شرقيّها لم يكن هناك مزرعة، كما بدا لنا أصيل أمس الأول. بل كانت “فَدَىْ” لنشر التمور، ثم بعده البحر. البحر الذي عناه السادة، هو منطقة المستودعات الواقعة غربيّ حيّ المجيدية الآن.

آخر ما تبقى من عين الخميسية الارتوازية

هنا؛ بدا الشاعر العواميّ حائراً بين الظنّ واليقين. الذاكرة قديمة جداً، والطريق الذي عبره ـ أول مرة ـ محمولاً على كتف عمّه من القطيف إلى عنك مازال مساره سالكاً. لكنه لم يتيقّن تماماً من عين الخميسية التي ارتمى في مائها كثيراً أيّام صباه. قال إنها تقع ـ على الأرجح ـ في زاوية سور قوات الطوارئ في عنك.. أي أنها ما زالت بعيدة عنا، جنوباً. لكننا اكتفينا بهذه المسافة من السير على الأقدام، من مواقف سيارات سوق الخضار إلى عمق “سَيحة العيّاشي”…!

السادة يشرح للفريق معرفته بالمكان وبالعين القديمة

شارك في الرحلة

  • عدنان العوامي
  • حبيب محمود
  • محمد الخراري
  • فتحي عاشور
  • صبحي الجارودي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×