لهجة القطيف العامية من الشعر الفصيح: حرف والجيم [2]

جعموص

هذا كالسابق، الصاد فيه منقلب عن السين، قال في العباب الزاخر واللباب الفاخر: “الجَعْس: الرَّجيع، وهو موَلَّد، وقال ابن دريد: الجَعْسُ: الرَّجيع عند العامة، وليس كما تنسُبُه إليه، وإنما هو اسم الموضع الذي يقع فيه الجُعْموس. قال والرَّجيع بعينه: جُعْموس. وقال غيره: الميم فيه زائدة. وأنشد ابن دريد:

أُقسِمُ بالله وبالشَّهر الأصَمّْ

ما لك من شاءٍ تُرى ولا نَعَم

إلاّ جَعاميسَكَ وَسْطَ المُسْتَحَمّْ

والجُعسوس والجُعشوش -عن الأصمعي كلاهما-: القصير الدميم. وقال ابن السكِّيت: رجل جُعسوس وجُعشوش: وذلك إلى قَماءة وصِغَرٍ وقِلَّةٍ، يقال: هذا من جعاسيس الناس، قال: ولا يقال هذا بالشين. وقيل بالسين اللّئيم؛ وبالشين الدقيق الطويل”.

وهو عند أهل القطيف تقلب سينه صادًا، كسابقه لفظًا ومعنى.

جُمَّارَة

الجُمّارُ، كرُمانٍ: شَحْمُ النَّخْلَةِ الذي في قِمَّةِ رَأْسِها، تُقْطَعُ قِمَّتُهَا، ثم يُكْشَطُ عن جُمّارةٍ في جوْفها بيضاءَ، كأنها قطعةُ سنام ضخمةٌ، وهي رَخْصةٌ، تُؤْكَلُ بالعَسَل والكافُور، يُخْرَجُ مِن الجُمّارَةِ بين مَشَقِّ السَّعفَتَيْنِ، كالجَامُورِ، وهذه عن الصَّغانيِّ. وقد جَمَّرَ النخلَةَ: قَطَعَ جُمّارَهَا أو جامُورَهَا. (تاج العروس)، وهذا المعنى عند أهل القطيف، ولكنهم توسعوا فيه إلى رأس النخلة مطلقًا، وحتى إذا اكتمل تأبير النخلة قالوا: أجمرت. قال ابن الرومي:

كأنني بك قد ألبستني نعماً

كأنها الفوف، لا بل دونها الفوفُ

ولان لي كل شيء بعد قسوته

فالجذعُ جُمّارةٌ والعظمُ غضروف([1]).

وقال أبو هلال العسكري:

أُنظُر إِلى النَقشِ مِن أَطرافِها البَضَّه

مِثلَ البَنَفسَجِ مَنثوراً عَلى فِضَّه

أو خلتَا أخذت أطراف خرَّمة  فنضدته على جُمَّارة غضَّه([2])

وقال الطغرائي:

أنعَتُ نخلاً تُجتنَى

ثِمارُها من كثبِ

مخلوقةً من فضَّةٍ

مغموسةً في ذهبِ

من ذَوبِها تُسقَى ولا

تَروي إِذا لم تذُبِ

لا عِرقُها تحتَ الثَّرَى

ولا لها من كَرَبِ

تحملُ فوقَ رأسِها

جُمَّارةً من ذَهَبِ([3])

جِمَّهْ

جمَّه: قَطَعه، هذا معناه عند أهل القطيف، وهم يخصُّون به قطع الزائد من سعف الفسيلة. يقول لك الكراش (عامل المزرعة) الذي تستأجره لإصلاح حديقة منزلك: الفسيل يتحاج إلى جمام، أنا باجمَّه، أحسن<. وهذا له وجه في ما نقل عن أبي حنيفة: >أَجَمَّ العِنَبَ: قَطَعَ كلَّ ما فوق الأَرض من أَغصانه<([4])، >والجَمَمُ: مصدرُ الشّاةِ الجَمّاءِ وهي التي لا قَرْنَ لها<، العين)، وكبش أجمّ: لا قرنين له<، أي مقطوعة القرنين. قال عنترة:

ألم تعلم لحاك الله أني  أجَمُّ إذا لقيتُ ذَوِي الرّماحِ<. (المحكم والمحيط الأعظم). ومما جاء في المعنى شعرًا خلاف الشواهد اللغوية، قول أبي تمام:

لا طائِشٌ تَهفو خَلائِقُهُ وَلا

خَشِنُ الوَقارِ كَأَنَّهُ في مَحفِلِ

فَكِهٌ يُجِمُّ الجِدَّ أَحياناً وَقَد

يُنضى وَيُهزَلُ عَيشُ مَن لَم يَهزِلِ([5])

الجَمَّة

“الجَمَّةُ: بِئْر واسِعَةٌ كثيرةُ الماء” (المحيط في اللغة)، و”وجَمَّةُ المَرْكَبِ البحريّ: الموضع الذي يجتمع فيه الماء الراشح من حُزوزه، عربية صحيحة، ومَجَمُّ البئر: حيث يَبْلُغ الماءُ وينتهي إليه، والجَمُّ: ما اجتمع من ماء البئر؛ قال صخر الهذلي:

فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّه

خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا

قال ابن بري: الصُّفْنُ مثل الرُّكْوْةِ، والمُدابِرُ صاحبُ الدابر من السهام، وهو ضِدُّ الفائِز، وعَطوفاً الذي تكرّر مرّة بعد مرة، والجَمَّةُ: المكان الذي يجتمع فيه ماؤه، والجمع الجِمامُ<. (لسان العرب)، وعند أهل القطيف: بركة واسعة تلتقي عندها سواقي عدة عيون، ومما جاء في العنى من الشعر قول ابن الرومي:

فإذا ماله تعذّر وصّى  جاهَه بعدَه على السُّؤَّالِ

فتراه لهم رِشاءً وطوراً

جَمَّةً يستقونها بالعقالِ([6])

وقول ابن شُهيد الأندلسي:

فَلَما حَوت كَفاك زمَّة أَمرِهِ

وَشُدَّ بكفّ الحصرِ منهُ المُخنَّقُ

وأَسقَيتَه مِن جَمَّة الأَمن صافِياً

إِذا ذاقَه من ذاقه يَتَمَطَّقُ([7])

التَّمطُّق: التصويت باللسان بضربه باللعط (الغار) الأَعلى (انظر تاج العروس)، واللطع، والتمطق سيأتيان في محلهما.

 وقال ابن هشام القرطبي:

ألجودُ يُعدِمُني ما مُلِّكَتهُ يَدي

وَما اِكتَسَبتُ فَشَيءٌ غَيرُ مَخزونِ

وَإِنَّما أَنا كَالدُّولابِ ما أَخَذَت

مِن جَمَّةِ الماءِ تُعطيهِ عَلى الحِينِ([8])

الدولاب: المنجنون، ويسمي أهل القطيف: الجازرة، وستأتي في محلها.

([1])ديوانه، سبق ذكره، جـ4/215.

([2])ديوان المعاني لأبي هلال العسكري، شرحه وضبط نصه أحمد حسن بسج، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1414هـ 1994م، جـ1/ 245.

([3])ديوانه، مطبعة الجوائب، القسطنطينية، 1300هـ، ص: 156.

([4])لسان العرب: (جمم).

([5])ديوانه، مصدر سابق، جـ2/19.

([6])ديوانه، مصدر سابق، جـ5/240.

([7])الموسوعة العالمية للشعر العربي، الرابط: https://goo.gl/YM1fVV.

([8])ديوانه، بوابة الشعراء، الرابط: https://goo.gl/Wj7NDd.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×