“سفينة سيهات” تحن إلى حبيب الحميدي رحيل هزّاج "الخليج" الذي كتب أفكار الناس وعبّر عن صميم وجدانهم
سيهات: شذى المرزوق
صور التشييع لـ: هاني الحكيم
منذ نهاية السبعينات ومدينة سيهات تتغنى بكلماته في مدرجات ناديها، ومهرجانات أعراسها، وفي كل مناسبة فرح تجمع أهلها، مهما اختلف المجال من أنشطة وفعاليات اجتماعية، مبادرات ثقافية، احتفالات مدرسية، مباريات رياضية.
أناشيد سيهاتية حفظها الصغار والكبار وبقيت محفورة في ذاكرة الناس ووجدانهم، حاملة مشاعر انتماء لكل ما يخص الأرض والإنسان، حتى طُبعت في انتباه الناس جيلاً بعد جيل.
رحل هذا اليوم كاتب الأهازيج، “شاعر الدانة”، كما يسميه الناس.. رحل حبيب الحميدي تاركاً إرثاً كبيراً من كلمات الحب للمدينة التي عاش فيها ما يقارب 70 عاماً، ابن حي الخصاب الذي كتب “حنيت لش سيهات مانساش أبد هيهات، يا ديرة الطيبين يا عمري يا سيهات“. وانتقل إلى رحمة الله صباح هذا اليوم، بعد صراع مع المرض، لتصحو سيهات على خبر وفاة شاعرها الذي أحبها وأحبته، بصدمة ترجمتها مجموعة كلمات العزاء والرثاء التي انهالت في فقد الأيقونة السيهاتية الحميدي.
رحل الشاعر، وشيّعه الناس إلى مقابر مدينة سيهات عصر اليوم، وأمّ الصلاة على جنازته الخطيب علي الباشا.
خالد في قلوبنا
رئيس نادي الخليج المهندس علاء الهمل رثى الراحل الحميدي قائلاً “افتقدنا هذا اليوم، أحد أيقونات نادي الخليج، و الشاعر المتيم بالدانة الذي طالما تغنينا و لا زلنا، بقصائده و أناشيده. رحم الله شاعرنا الحبيب، أبا مؤيد و أسكنه فسيح جناته، و ستبقى قصائده و ألحانه شاهدة على الدور الكبير الذي قام به شاعرنا الكبير لتعزيز العشق والانتماء للكيان الخلجاوي، فلا اعتقد أن هناك سيهاتياً أو أي عاشق للخليج؛ لم يردد حنيت لك سيهات، أو يا سفينة دارت بنا، او “خ ل ي ج” يحرسه المولى الكريم.. رحيلك مؤلم و لكن عزاؤنا بأنك ستبقى خالداً في قلوبنا و سيبقى مدرجنا يصدح بأناشيدك و التي يحفظها عن ظهر قلب و يرددها بشغف و حب
خالص العزاء و المواساة لعائلة الحميدي الكرام و الى جميع عشّاق نادي الخليج و إنّا لله و إنّا إليه راجعون”.
نعزّي سيهات
في السياق نفسه رثاه نائب رئيس مجلس إدارة نادي الخليج علي حسن المحسن “رحم الله شاعر سيهات والخليج أبا مؤيد، فبالرغم أن السنوات تمضي بسرعة إلا أن كلماته المؤثرة لامست القلوب ولا تزال خالدة تتناقلها الأجيال “. واستدرك “رحلت عنا ولكن يبقى الأثر.. نعزي مدينة سيهات ونادي الخليج وجميع عائلة “الحميدي” الكرام ، وإنا لله وإنا إليه راجعون”.
من جانب آخر كتب الرئيس السابق لنادي الخليج فوزي الباشا “عند احتضار المشاعر يصبح من العسير نعيُ شاعر ،
“الله يا محلا الشعار
والدانة وسط المحار
وشراع فوق السفينة
والنسر حلق وطار”
رحمةُ الله الواسعةُ على الشاعر الخالد في النفوس والوجدان الأستاذ حبيب الحميدي الذي حاز الاحترام والتقدير بعذوبة أشعاره وجمال أخلاقه، وتقبله الله في عليين وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان ، و العزاء موصول لكافة منسوبي ومحبي وجمهور نادي الخليج “.
تعزية نفس
الخبر أوجع رجل الأعمال رئيس نادي الخليج الأسبق محمد المطرود واكتفى في تعزية نفسه ومجتمعه بألم لخسارة شاعر الدانة “الله يرحم الأخ العزيز حبيب حميدي و يغفر له و يسكنه فسيح جناته وإنا لله و إنا إليه راجعون و عزائي لرئيس وأعضاء مجلس إدارة نادي الخليج و محبيه”.
شعره في طفولتنا
فيما ذكر الناشط الاجتماعي عضو مجلس إدارة نادي الخليج الأسبق عيسى السيهاتي “شاعر سيهات ونادي الخليج، عرفناه منذ نعومة أظفارنا من خلال شعره وشاعريته عن سيهات ونادي الخليج ونشاطه الاجتماعي المتنوع.. وهو منذ السبعينيات الميلادية كان يرأس فرقة نادي الخليج الفنية ومن خلالها نثر كلماته وألحانه بمعشوقته سيهات بقصائد خالدة بقيت في الذاكرة حتى اليوم حنيت إلك سيهات إحداها.. ولم يتوقف منذ ذلك الحين وآخر قصائده كانت خلال احتفالات النادي العام المنصرم.. “عودة بطل”.. كان ناشطاً اجتماعياً في مجالات متعددة اجتماعية منذ عرفناه.. فرحمك الله أبا مؤيد رحمة الأبرار ورزقك الفردوس الأعلى من الجنة”.
صدمة رحيل
رئيس رابطة المشجعين الخلجاوية المهندس حسين خليفة المبارك قال “تلقيت ببالغ الأسى والحزن خبر وفاة الأخ العزيز والشاعر حبيب حميدي، وشكل هذا الخبر صدمة كبيرة بالنسبة لي ولكافة من عمل مع هذا الرجل المحب لسيهات ووطنه، ولكن عندما يحين قدر الإنسان فلا راد لقضاء الله وقدره. رحم الله الفقيد السعيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح الجنات. وستظل كلماته وأشعاره عالقة في أذهان محبيه يترنم بها الصغار والكبار وستبقى روحك الطاهر حيه في قلوب محبيك وعشاقك فأنت رمز من رموز سيهات والرموز تبقى أعمالهم خالدة”.
حامل شراع الدانة
من جهته علق المخرج محمد الصايغ “إذا أردتَ أن تبحث عن فهرس لمعنى (سيهات)، فليُصغِ قلبك إلى ما كتبهُ حبيب الحميدي في حبيبته”. وأكمل “حبيب الحميدي أيقونة سيهات، أيقونة نادي الخليج على وجه الخصوص، وضع بصمته الخاصة من خلال كلماته العاشقة لهذا الكيان وللمجتمع في سيهات، فإن كان لتاريخه الحافل بالحب لهذه المدينة توقيع؛ فإن توقيعه سيحمل كلمة سيهات وشراع الدانة ونسرها”.
كيف لا وهو أحد الروابط الممتدة بين جيلين الجيل القديم و المؤسس الذي حمل على عاتقه الهوية و أرسى القواعد، والجيل الجديد الذي سعى جاهداً لتسير دفة المركب الخلجاوية في مياه الدانه، نحو التطور والتقدم”.
وأضاف “تغنينا بأهازيج هذا الشاعر منذ الثمانينيات، واستطاع أن ينحت في وجدان كل “خلجاوي” كلماته التي كتبها بحب وتفانٍ وعمق، وغرس قيم وحب مدينة البحر أو قبعة البحر في وجدان كل سيهاتي بل تجاوزه للعمق منذ البدايات ومنذ شرع بكتابة”.
يا سفينة دارت بنا
طول هالكون ورجعنا
فيكِ غنينا ونشدنا
يالحبيبة وانتِ عزنا
سيهات سيهات
هذه الكلمات التي أثرت ولازالت فينا لتكون لنا أنشودة نتغنى بها باعتزاز ونرددها بفخر في كل المحافل”.
مدينة بلا شاعر
وفي تغريدة سطر هادي آل عباس كلمات الرثاء في الحميدي
خبر حزّ فينا … و كسّر خواطر
أصبحت هذي المدينة .. بليّا شاعر
راح و ودّع ( بو مؤيد ) يا حسافة
دانة غابت ب الترب .. بس يامقابر
إلى عفو الله ورضوانه أبو مؤيد. حبيب حميدي (شاعر الخليج).
ودون وائل الربعان كلمات وداعه “ستحن إليك سيهات كما علمتها الحب والحنين”. و كتب أحمد ال عباس
حنّت إلك سيهـات
يا كاتب الأبيـات
يامن حفرت حروف
حبها مثل نحّـات
إلى عفو الله ورضوانه أبو مؤيد.
يكتب ما في عقول الناس
جمال عبدالكريم الحمود
أن تكون إنساناً ذا صفة معينة أو لقب معين؛ فهذا أمر قد ألفته المجتمعات والناس، ويتردد على الألسن بفعل الخطاب والمناداة. فبعض الصفات والألقاب تكتسب نتيجة للتدرج في التحصيل الدراس والعلمي الذي أحرزوه في مسيرتهم التعليمية والعلمية.
وهو بالغالب حال أغلب الأدباء والشعراء وأصحاب الفكر، مع فارق ان الصنف الأخير في أغلب جوانبه إنما يكون بفعل موهبة من الله سبحانه يعمل صاحب هذه الموهبة على تنميتها من خلال التجارب والممارسة المتكررة للنشاط أدبياً كان أم ثقافياً.
وقد ينجح كثيرون في تنمية الموهبة بل ويبرعون. لكن ولطالما تقيم الأمور بنتائجها وأثرها، لذلك يكون وجود البعض لحظياً من خلال ما يقدمه في وقت ما أو حدث وبعدها يختفي ذاك البريق.
وفي المقابل هناك من أجادوا وأتقنوا توطيف موهبتهم بأن كان لنتاجهم ما يجعل منه ركيزة خلود في قلوب وذاكرة الناس من حولهم. ونحن هنا أمام مثال لطالما ردد أبناء سيهات الحبيبة أهازيجه وأنشوداته في كافة المناسبات وعلى رأسها تلك التي اهتزت لها مدرجات الملاعب الرياضية إلى جانب المناسبات الدينية والإجتماعية.
فالأخ العزيز الشاعر حبيب الحميدي أبو مؤيد ـ يرحمه الله ـ تمتد علاقتي به من منتصف السبعينيات حيث تزاملنا في العمل في جامعة البترول لتستمر حتى اللحظة التي اختاره الله فيها إلى جواره.
وهو لم يكن مجرد شاعر يكتب الأهازيج أو الأنشودات فقط من أجل أن يكون له مجرد نتاج يحسب في مسيرته. لا بل كان يكتب ما يسكن قلوب وعقول من يقرؤون له ويرددون ما يكتبه من خلال المناسبات والفعاليات التي يكتب لها شاعرنا الراحل. وقد لعب تكوينه النفسي الدور الأكبر في تأثير كتاباته وملامستها لقلوب من يقرؤون لأبي مؤيد.
اتسم بالبساطة والوداعة والطيبة وحسن المعشر، وقد كان يكفي ليعرف كل ذلك جليس له من خلال تلك الضحكة الحميلة التي تعلو محياه على الدوام، وابتسامة لا تغيب عن ذاكرة عارفيه.
رحم الله الأخ العزيز حبيب الحميدي الإنسان والموالي والشاعر الذي لن تنساه سيهات التي عشقها وتغنى بها من خلال كلماته العذبة .
فلذويه ولعائلته وأرحامه الكرام ولكل أبناء مدينة سيهات ولكل عارفيه ومحبيه أصدق آيات العزاء والمواساة . والله أسأل أن يحشره مع محمد وآله الطاهرين والشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقاً وعند الله نحتسبه رب العالمين”.
بطاقة شخصية
- – اسمه: حبيب عبدالله حبيب الحميدي.
– عمله: موظف متقاعد من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
– السكن: حي الخليج “الكويت”.
– عائلته: أب لـ 6 أبناء: مؤيد، حسين، المرحوم عبدالله، مصطفى، علي ،عبدالله. و 3 بنات: منال، بدور، زينب. - – نشاطه:
أحد أعضاء اللجنة الثقافية والفنية في نادي الخليج في نهاية السبعينات الميلادية حتى الثمانينات و بداية التسعينيات. - في الشعر: أول قصيدة كتابها كانت بعنوان ” يا سفينة دارت بنا”، وألقاها في حفل تتويج الخليج بكاس دوري اليد 1984 م. كما ألقى بعدها مجموعة من الأناشيد آخرها في الحفل الماسي بمناسبة مرور 75 عاماً على نادي الخليج.
- شارك في العديد من الفعاليات والمهرجانات والمناسبات الاجتماعية.