أين الضمير الاجتماعي عن خطر التلوث والتدهور البيئي..!؟
حسن حسين العوامي |
بعد انطلاق الثورة الصناعية في بريطانيا، بعيد منتصف القرن الثامن عشر، تمددت أسطورياً مدهشاً في العالم الجديد. وبالتحديد في قارة أمريكا الشمالية. تطورت أدوات التكنولوجيا العصرية على يد المبتكرين الصناعيين، بقيادة المرجل الرأسمالي المبدع في الولايات المتحدة الأمريكية الذي طوّع الطبيعة لخدمة الإنسان، بشكل غير مسبوق في تاريخ البشرية، وانطلقت تطبيقات الخيال البشري العلمي في فضاء من المخترعات والإبتكارات التي كانت عصية على التطبيق أو الحلم بركوب منجزاتها حتى أوائل القرن المنصرم..!
استمتعت جل البشرية بحق، بمنجزات مخترعات الحضارة الغربية، وليدة عصر النهضة، التي أخذت عصارة علوم من سبقها في العلم والمعرفة، من الحضارات البشرية، وانتشرت أدوات تكنولوجيا العصر الحديث، بحيث عمّت ارجاء المعمورة، من سهول وصحاري، وجبال وسفوح وهضاب، وخلجان وبحار، وفِي الوقت نفسه اصابت جادات البيئة الطبيعية في قارات العالم كلها الآثار الجانبية المؤلمة، لثورة التكنولوجيا منذ بداية القرن العشرين.
تتحدث التقارير من الجمعيات البيئية الدولية والأقليمية الأهلية والرسمية، في القارات المسكونة عن جبال من المخلفات الصناعية، والنفايات الكيماوية، التي شوهت البراري البكر، وأزالت الأشجار و أتلفت الغطاء النباتي في الغابات، اما تلوث الأنهار والخلجان والبحار والمحيطات، فحدث ولا حرج !
يشير علماء البيئة وخبراء رصد التلوث، الى وجود جزر من مخلفات مادة البلاستيك من قوارير وغيرها، بحجم دول طافية في أعالي المحيطات الكبرى !
لا اطيل في تنظير معروف لكل متابع، لشأن اخطار التلوث وآثاره المرئية وغير المرئية في مستقبل البشرية.
في بلادنا الطاهرة، نواجه درجات مخيفة من آثار التدهور البيئي، ونسب التلوث التي لم تعط الإهتمام الرسمي والشعبي اللازم، في غمرة غبار التنمية، ومسافات من مسيرة مطيتها العرجاء، على رمال الصحراء العربية المعشبة والقاحلة.
بلا شك ان التوسع الصناعي وازدياد عديد السيارات والمركبات، وورش الإصلاح واستهلاك الغيار الصناعي، ومخلفات مطاعم الوجبات السريعة الجاهزة، وتفاقم النفايات الصناعية الصلبة والسائلة، علاوة على مخلفات المستشفيات العامة والخاصة، وسوء طرق التخلص من نفاياتها الخطرة، وضعف الوعي الثقافي، الذي قادنا الى تفشي الروح السلبية، هذه الأمور كلها قادت الى زيادة مخيفة في المخلفات الكيماوية الصناعية والعضوية الإستهلاكية، وعلى رأسها منتجات مادة البلاستيك الخطرة.
ان بلادنا الطاهرة المترامية الأطراف، وذات المساحة الكبيرة حيث تشكل الجزء الأكبر من مساحة الجزيرة العربية، بأمس الحاجة في هذا الْيَوْمَ للتحرك الرسمي والأهلي المتناسق، من اجل التصدي ومحاربة نتائج الفساد وخلخلة الوعي السياسي والبيئي في البلاد، الذي أدى الى تشويه الوجه المشرق لديرة ( عبد العزيز بن عبد الرحمن )
وآن الأوان للتخطيط لحملة بيئية وطنية بمسمى ( الحملة الوطنية لتنظيف البيئة الطبيعية السعودية ) بالمشاركة الرسمية والشعبية، بصورة فعالة ومؤثرة.
ويجب على القطاع العام والخاص، المشاركة الجادة المسؤولة في هذه الحملة الإنسانية، وتجيير القوة الشبابية بمشاركة طلاب المدارس والكليات والجامعات والمتقاعدين والمواطنين كافة رجالاً ونساءاً، لإزالة اذى التلوث من تراب ارض الآباء والأجداد.
وعلى القطاع الخاص المشاركة المؤثرة بالمال والدعم اللوجستي، وتوفير المياه واللباس الموحد لأبنائنا الشباب وبناتنا الفتيات واليافعين والمشاركين كافة، وان تنطلق هذه الحملة المباركة في توقيت موحد وبتغطية إعلامية بلغات الشعوب المتقدمة، كرسالة محبة وسلام، من قيادتنا الشابة الرشيدة وشباب المملكة واهلها المسالمين كافة.
وذلك في صباح الْيَوْمَ الوطني الأغر المقبل لبلادنا الغالية الموافق ٢٣ سبتمبر ٢٠١٨م.
ويقع على القطاع الخاص النسبة الكبرى من تكلفة الحملة، حيث ان مناشطه التجارية والصناعية، السبب الرئيس في المخلفات بأنواعها كافة
انها دعوة مبكرة للأستعداد لها بالتخطيط، ثم التقويم العلمي للنتائج المادية والمعنوية، فلا يخفى ان المشاركة في تنظيف البيئة الطبيعية من الأمر بالمعروف، لإزالة الأذى من تراب الوطن، ورياضة جماعية لشرائح المجتمع كلها رجالاً ونساءاً بلا استثناء، وهذه الحملة الخيّرة تبث الوعي الأهلي، وتسلط الضوء على ما تبقى من البراري البكر وجادات الطبيعة في الوطن، لحمايتها من السطو والتلوث.
وأرجو من المتابعين الكرام وأبنائنا الشباب وبناتنا الفتيات – وفقهم الله – المشاركة في التعقيب والتعليق، وإبداء وجهات النظر الإيجابية، من اجل المصلحة العامة.
حفظ الله الوطن وولاة الأمر وأيدهم.